في نقد أخطاء الثورة

no image
tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 59 – الأحد 7-4-2013

شادي – دمشق
يتصور البعض -كتصور طفولي- أن سقوط النظام غدًا سيحل مشاكل سوريا المتراكمة منذ أكثر من نصف قرن، وينسى أن المشكلة الرئيسية في الشعب لا في النظام!
فما النظام إلا مانعٌ لأي عملية إصلاحٍ ذاتي يقوم بها الشعب، وما قضية داريا عام 2003 عنا ببعيد، حينما تداعى عدد من شباب داريا لتنظيم حملة لتنظيف الشوارع والتوعية ضد التدخين، رد النظام باعتقال القائمين على هذا المشروع ومحاكمتهم بعد ذلك.

15
ورأينا كيف أن سقوط سلطة النظام في بعض المناطق أدى إلى ظهور كل عيوب الشعب السوري وحسناته أيضًا، والحقيقة أننا لو أمعنا النظر في هذه العيوب لأمكن إرجاعها إلى أمر واحد، ألا وهو الأخلاق !
ففي السياسة ظهر من يتاجر بدماء الشهداء ليصعد على عرش الثورة، ومنهم يستغل كل فرصة لأغراض شخصية أو فئوية. وفي الإغاثة، ظهر من يسرق من الإعانات والمواد الإغاثية إما لجيبه الخاص أو لصالح المجموعة التي يعمل بها، وظهر أيضا من ينظر إلى هوية المنكوب ومعتقداته، فإن وافق هواه قدم له الإغاثة وإلا فرحمة الله هي من تبقى فقط لهذا المنكوب !
في الإعلام، ظهر من يقوم «بدوبلة» أعداد الشهداء، خاصة في المناطق المشتعلة كحمص مثلًا، إمّا لظنه أنه يقوم بخدمة الثورة من خلال كذبه «الثوري» أو رغبة منه في زيادة الدعم للثورة.
في الجانب العسكري، حدث ولا حرج! فهناك من خزن السلاح لما بعد الثورة حتى تكون له الكلمة آنذاك، وهناك من وضع شرط «الولاء» مقابل التمويل، فإن «وافقتم على العمل تحت اسمنا لكم التمويل والسلاح وإلا فلا»!، وهناك من قام بقصف التجمعات المدنية بحجة وجود مؤيدين للنظام فيها، أو قطعات عسكرية له، الحجة ذاتها يسوقها النظام عندما يقصف التجمعات السكنية، وهناك من مثل بالجثث، ومن تباهى بالوقوف على جثث الشبيحة والتقاط الصور التذكارية معها .. وإطلاق عبارات «الدعس والمعس والفعس» التي تلي مقتل عناصر النظام -والتي تفتقد لأي مرجعية إنسانية فضلًا عن مرجعية إسلامية أو مسيحية -وهذا يعكس حالة التماهي مع المستبد التي يعاني منها هؤلاء، حتى أصبحوا نسخة -طبق الأصل- عنه.
وجدنا من انحرفت بندقيته، فبدلًا أن يدافع عن الشعب، أصبح محاربًا له، ومن أصبحت مرجعية بندقيته لغير الثورة، فكانت بندقيته كمومس تعمل لدى من يدفع أكثر!
قامت الثورة لإيجاد بديل أخلاقي عن النظام، وإذا كنا سنعتقل ونحارب كل مخالف أو نبرر لكل فعل خاطئ، فلماذا قامت الثورة إذن!! هل قامت فقط لتغيير المختار!؟.
من الطبيعي أن تظهر هذه الأخطاء بعد عقود من تشويه طبيعة السوري وإنسانيته، ولكن من غير الطبيعي التبرير لها، مما يعني أن هناك أخطاءً ليس فقط في الممارسة وإنما في التصور العام للأخلاق !
والثورة على النظام ليست إلا ثورة صغرى أمام الثورة التي يجب أن نخوضها ضد نفوسنا وأفعالنا ومعتقداتنا الخاطئة وهذه فقط هي الثورة الكبرى !




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة