السوريون بعد فشل الانقلاب في تركيا

أفراح في مناطق النظام لم تكتمل.. وتوجسٌ في أوساط اللاجئين

متظاهرون يرفعون علم الثورة السورية في مظاهرة تدعم الحكومة التركية في وجه الانقلاب في اسطنبول - 16 تموز 2016 (عنب بلدي)

camera iconمتظاهرون يرفعون علم الثورة السورية في مظاهرة تدعم الحكومة التركية في وجه الانقلاب في اسطنبول - 16 تموز 2016 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

تنفّس السوريون داخل الأراضي التركية، وعلى الحدود في المخيمات، وشمال البلاد الصعداء، بعدما أعلنت الحكومة التركية على لسان رئيسها بن علي يلدرم، فشل محاولة الانقلاب التي نفذتها جماعة محسوبة علىالتنظيم الموازيالتابع للداعية التركي فتح الله غولن، وفق  الرواية الرسمية.

ليلة 16 تموز لم تكن كبقية ليالي تركيا، التي عانت مؤخرًا من ويلات التطرف والهجمات “الإرهابية”، وآخرها الهجوم على مطار أتاتورك الدولي باسطنبول في 28 حزيران وراح ضحيته 43 شخصًا، فقد أعلن عن محاولة انقلابية على الحكومة المنتخبة، من قبل عناصر وضباط في الجيش، وسرعان ما تحركت قطع الدبابات وناقلات الجند للسيطرة على أهم المراكز الحيوية والمؤسسات الاستراتيجية في مدينة اسطنبول والعاصمة أنقرة، التي شهدت تفجيرات واشتباكات متقطعة بين عناصر الأمن والقوات التي تنفذ الانقلاب، وفق ما ذكرت وسائل إعلام وشهود عيان.

لحظات خوف ورعب عاشها السوريون الذين تسمّروا أمام شاشات التلفزة العربية والتركية، خشية من مجهول يتربص بهم فيما لو حدث أي تغيير سياسي في البلد، الذي يؤوي نحو 2.5 مليون سوري لاجئ متوزعين بين المخيمات والمدن التركية على الحدود، وفق الإحصائيات الرسمية، وتعد تركيا البلد الوحيد الذي استمر باستقبال السوريين طيلة السنوات الخمس الماضية لحين فرض تأشيرة دخول مطلع العام الجاري.

يعتبر السوريون تركيا بلدهم الثاني، فيها يحظون بجلّ الخدمات الاجتماعية والطبية، وعدد كبير منهم بدأ حياةً جديدة وافتتح أعمالًا تنوعت بين الصناعة والتجارة والخدمات، وبشهادة مؤسسات بحثية تركية واقتصاديين، ساهم السوريون في تنشيط الاقتصاد وتوفير فرص العمل، وقابلت الحكومة التركية توافد السوريين بمجموعة قرارات أسهمت في تحسين أوضاعهم، مثل السماح لهم باستصدار أذونات العمل وبطاقات التعريف، والاستفادة من الخدمات الاجتماعية والصحية التي يحظى بها المواطنون الأتراك.

قلقٌ من القادم

شعر السوريون على طرفي الحدود بطول “ليلة الانقلاب”، وخلال ساعاتها ودقائقها بدؤوا يعدون سيناريوهات للمستقبل، ماذا سيحل بنا؟ إلى أين تذهب البلد؟ وهل تضمن السياسات الجديدة حقوقنا؟ لكن الخوف والقلق من المرحلة المقبلة سرعان ما بدأ ينجلي مع إعلان الحكومة التركية أن المحاولة الانقلابية فشلت، وأن الحكومة تتعامل مع الانقلابيين وتحاول إعادة الأمور إلى نصابها.

أحمد حمود، طالب سوري يدرس في تركيا، قال إن “الكل تفاجأ، لم نكن لنتخيل ما حدث، كان بمثابة كابوس على اللاجئين السوريين، والحمد لله انتهت الأمور على خير”، مشيرًا إلى أن “طيبة الشعب التركي تبدد كل السيناريوهات السيئة”.

وتخيل الشاب أيمن (27 عامًا) أنه سيتم إرساله إلى المخيم أو سيرجع إلى سوريا، وأضاف “أصوات الطيران رجعتني بالزمن لورا وكيف كنت عايش هي الأصوات بالشام، وكان أثرها أكبر علي لأن أنا هربان من حرب”.

في سوريا لا يهمّ من يتغير

ونقل مراسلو عنب بلدي في سوريا مشاهدات لحال السوريين في مختلف المناطق في الداخل، وقال المراسل في الغوطة الشرقية “كان الحزن والألم سيد الموقف على حالنا، لأن الشعب والحكومة التركية الوحيدان اللذان عاملا السوريين بكرامة بحسب نظرة الأهالي”، وأضاف “الحزن سرعان ما تبدل بعيد وفرح غامر باستعادة الديمقراطية”.

أما المواطنون في درعا فكانوا أقل تأثرًا من نظرائهم في الشمال، لأن ارتباطهم وتأثرهم بالوضع التركي معدومٌ مقارنة بالشمال، ونقل مراسل عنب بلدي انطباعات لدى بعض المواطنين تدور حول الوعي التركي تجاه الانقلاب، معتبرين أن الشعب السوري قدّم أيضًا نماذج فريدة للعالم بانشقاق العساكر وانضمامها للثورة وتوزيع الماء والورد للعسكر… لكن الاختلاف كان برد فعل الجيش السوري مقارنة بالتركي.

الوضع تحت السيطرة

وأعلن رئيس وزراء تركيا، بن علي يلدريم، أن الوضع في تركيا بات تحت السيطرة إلى حد كبير، بينما أعلن وزير الدفاع التركي أنّ الحكومة تمكنت من “دحر” الانقلاب، ولا توجد أي منطقة خارج السيطرة في تركيا.

أما وكالة أنباء الأناضول الحكومية، فقالت إن رئيس هيئة الأركان، خلوصي آكار، استأنف عمله على رأس القيادة العسكرية التركية، بعدما كان محتجزًا كـ ”رهينة” لدى العسكريين الانقلابيين، وعادت هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية للبث على الهواء مجددًا، بعد توقف وجيز، كما توقفت محطة “CNN” التركية ثم عادت للبث.

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دعا عبر وسيلة إعلام محلية الشعب التركي للخروج إلى الشوارع والساحات العامة من أجل الحفاظ على الشرعية، وهو ما حصل فعلًا، حيث امتلأت ساحات وشوارع مدن تركية عديدة بالمتظاهرين المنددين بالانقلاب والمؤيدين للحكومة الشرعية.

السوريون يعبرون عن رأيهم

سياسيًا هنأ الائتلاف الوطني السوري الشعب التركي بفشل محاولة الانقلاب العسكري، وجاء في بيان نشر على موقعه الإلكتروني أن الائتلاف يهنئ الأتراك بـ “الدفاع الناجح عن المؤسسات الديمقراطية”، مؤكدًا أن الشعب التركي الذي يعرف ثمن الحرية لن يسمح لمجموعة من الانقلابيين بعودة النظام العسكري إلى تركيا، وكذلك فعلت حركة “أحرار الشام الإسلامية”، وفق بيان صدر عنها هنأ الشعب والحكومة التركية بفشل المحاولة.

في دمشق، تلقف النظام السوري وفنانون موالون ومحللون سياسيون في محور “المقاومة” خبر الانقلاب العسكري في تركيا، ببهجة كبيرة، وباتت التحليلات تتدفق عبر الكتاب والمحللين لما ستؤول إليه الأزمة السورية بعدما تخلص النظام من أكبر عدو له. وكتب رجل الأعمال السوري، وعضو مجلس الشعب فارس الشهابي، عبر صفحته في “فيس بوك” ، “فرحتي لا أعطيها لأحد.. مبروك  سوريا.. مبروك حلب..!”.

وكتب آخر “ما جرى في تركيا، ليس انقلابًا عسكريًا مدروسًا، بل هو ميني انقلاب يعبر عن رفض المستويات الوسطى والدنيا في صفوف الجيش التركي لسياسة أردوغان”.

وتناقل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع لاحتفالات في وسط دمشق، قالوا إنها احتفالات بالانقلاب في تركيا.

وخرج عشرات المواطنين في مناطق سيطرة النظام بدمشق ومدن الساحل السوري في مسيرات بالسيارت معبرين عن فرحتهم، وسط إطلاق نار كثيف فرحًا، راح ضحيته، وفق مشافي دمشق ووسائل إعلام موالية للنظام، تسعة أشخاص فيما أصيب العشرات.

الرد الدولي على الحركة الانقلابية

الرد الأمريكي على تطورات الأوضاع في تركيا قال عنه محللون سياسيون إنه جاء متأخرًا وضعيفًا، وذلك عندما أعلن البيت الأبيض أن محاولة انقلاب تجري في تركيا، ودعت الولايات المتحدة رعاياها للبقاء في أماكنهم، لكن سرعان ما أعلنت الخارجية الأمريكية دعمها للحكومة الديمقراطية في تركيا، وأعلن الرئيس باراك أوباما عن اجتماع مع مجلس الأمن القومي لبحث الأوضاع في تركيا، العضو البارز في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

دوليًا، أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه الكامل للحكومة المنتخبة ديمقراطيًا في تركيا، داعيًا العودة إلى النظام الدستوري بأسرع وقت، وذلك على لسان رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك.

ودعت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، فيديريكا موغيريني، إلى احترام المؤسسات الديمقراطية في تركيا، وقالت “أنا على اتصال مستمر مع وفد الاتحاد الأوروبي في أنقرة وبروكسل.. أدعو إلى ضبط النفس واحترام المؤسسات الديمقراطية في تركيا”.

أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون قال “إن تدخل الجيش في شؤون أي دولة غير مقبول، ومن المهم أن يتم وبسرعة وبشكل سلمي تأكيد نظام مدني دستوري وفقًا للمبادئ الديمقراطية في تركيا”.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، أن محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا تستحق إدانة شديدة، وقال إن “تركيا تعرضت لمحاولة انقلاب عسكري ضد النظام الدستوري والديمقراطي، الأمر الذي يستحق إدانة شديدة من قبل فرنسا”.

وكذلك أعلنت قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات والمغرب عن دعمها للحكومة التركية في تجاوز الأزمة التي مرت بها ورحبت الرياض، بـ “عودة الأمور إلى نصابها بقيادة أردوغان والحكومة المنتخبة”، وفق ما ذكرت قناة العربية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة