الحياة تعود إلى شوارع المدينة

أوضاع أهالي الطبقة تتحسن جزئيًا

camera iconمدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي - 23 أيار 2017 - (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

أورفة – برهان عثمان

عاشت عائشة العبود (67 عامًا) أكثر من نصف عمرها في مدينة الطبقة بالرقة، التي لم ترحل عنها سوى فترة قصيرة، خلال اشتداد المعارك بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وتنظيم “الدولة الإسلامية”، إلى أن عادت اليوم إلى مدينتها التي “بدأت تنبض بالحياة”، على حد وصفها.

“نتنفس اليوم هواءً نظيفًا ونرى نور الشمس بعد أن سجننا التنظيم في منازلنا طويلًا”، تقول عائشة لعنب بلدي، واصفة ما تعيشه المدينة بعد أشهر من سيطرة “قسد” عليها، مشيرةً إلى “تحول الحواجز السوداء إلى بيضاء وصفراء يقف فيها بعض الشباب والفتيات حاملين بنادقهم”.

 سيطرت “قسد” على الطبقة وسد الفرات المحاذي لها من الجهة الشمالية الغربية، أيار الماضي، بعد معارك مع تنظيم “الدولة” دامت أشهرًا، ثم تسلمها “مجلس مدني” يتبع لـ”سوريا الديمقراطية”.

وتضيف الستينية أن الحواجز تفتش كل شخص يدخل المدينة، “الجميع يسجل اسمه على الحواجز ويخضع للتفتيش والسؤال عن وجهته ومكان إقامته”، إجراءات يصفها محمد (21 عامًا)، أحد أبناء المدينة والمتطوع في صفوف القوات، بأنها “في سبيل حماية المدينة من تسلل عناصر التنظيم، ولتنظيم الإجراءات الإدارية والمرورية بعد سنوات من الفوضى”.

ويرى الشاب أن تحسين الأوضاع يحتاج وقتًا طويلًا وتضافر الجهود المحلية والإقليمية، “الحياة عادت جزئيًا إلى المدينة، كما تحسنت حركة التنقل بشكل كبير”، مشيرًا إلى أن دخول البضائع إلى المدينة “ازداد أكثر من ضعفين عن الأشهر الماضية، كما أن المحال الصغيرة بدأت تبيع المواد الغذائية والسلع في كل شارع”.

الوقت مبكر لعودة الحياة الطبيعية

من يتجول اليوم في شوارع الأحياء المتبقية في الطبقة، يلحظ آثار الرصاص والقذائف، وإلى جانبها مظاهر وألوان ملابس لم تعتدها المدينة سابقًا.

ويحاول بعض الأهالي إزالة الأنقاض، كما تعمل بعض الآليات على فتح الشوارع الرئيسية في المدينة وإصلاح خطوط الهاتف، ومايزال الناس يعتمدون على المولدات للحصول على الكهرباء، وترى عائشة أن الوقت مبكر على عودة الحياة إلى طبيعتها، “فالأهالي بحاجة إلى الكثير من الخدمات، فصوت المولدات يعلو يوميًا ويشارك الأهالي في كل ركن من المدينة ومنذ الصباح حتى المساء”.

من الموت إلى الحياة

عاد أبو عمر (30 عامًا) لممارسة عمله كحلاق في المدينة، بعد منعه من قبل التنظيم، الذي “خلق حالة بطالة في صفوف الشباب، ولدى فئة كبيرة من المجتمع بشكل مقصود، كما عطل التجارة مخلفًا جوًا من التصحر الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”، وفق تعبيره.

ويقول الشاب، الذي نزح من دير الزور وعاش في الطبقة خلال الفترة الماضية، إنه عاش على “مساعدات أهل الخير”، بعد أن منعه التنظيم من العمل، ويوضح “درست في كلية الحقوق ولكن داعش مزقت شهاداتي وكفّرتني لأنها تنشر الفساد والضلال”.

تمر الذكريات في رأس أبو عمر، الذي يقول محتضنًا طفله الوحيد، “دمرت حياتي بعد مصادرة مكتبي وأجبرت على العمل في الحلاقة لأعيل أطفالي”، وتراه اليوم يستقبل زبائنه في منزله المكون من غرفتين، مؤكدًا “نسينا معالم المدينة ومازلنا نتذكر جيدًا مواقع السجون والذبح والجلد والصلب “.

يجتمع أبو عمر اليوم كل مساء مع أصدقائه على باب منزله، في مشهد تشهده معظم شوارع المدينة، ويناقشون أخبارًا تصلهم عبر شاشات التلفاز، الذي كان محرمًا في ظل سيطرة التنظيم، آملين أن تكون “الأيام المريرة انتهت ولن تعود”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة