التربية اللبنانية تمنع الطلاب السوريين اللاجئين من إجراء الامتحانات

camera iconطالبات في مدرسة عرسال في لبنان (UNHCR)

tag icon ع ع ع

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومركز “الدراسات اللبنانية”، إن وزارة التربية اللبنانية تمنع الطلاب السوريين اللاجئين من إجراء الامتحانات المدرسية ما لم يقدموا وثائق رسمية، والتي لا يستطيع الحصول عليها سوى قلة من اللاجئين السوريين.

وحثّت المنظمة في تقرير لها اليوم، الثلاثاء 4 من أيار، وزارة التربية والتعليم اللبنانية على أن تحافظ على الحق في التعليم، وأن تلغي على الفور مطلبها بأن يكون للطلاب إقامة قانونية لإجراء الامتحانات المدرسية.

كما أكدت أن الحكومة اللبنانية يجب أن تلغي بشكل دائم “القيود التمييزية” على وصول الطلاب اللاجئين إلى التعليم.

وقالت مديرة مركز الدراسات اللبنانية، مها شعيب، “لبنان يقوض مئات الملايين من الدولارات التي يقدمها المانحون لتعليم الأطفال اللاجئين من خلال منعهم من أداء الامتحانات المدرسية”.

وتابعت، “يجب على المانحين الدوليين الذين قدّموا تبرعات سخية لمنع ضياع الجيل أن يطالبوا الحكومة بإزالة هذه الحواجز أمام التعليم بشكل نهائي”.

وبحسب التقرير، يطالب لبنان اللاجئين السوريين بالحصول على إقامة قانونية للبقاء في البلاد بشكل قانوني، لكنه يخلق عقبات بالإجراءات ويفرض شروطًا صارمة، بحيث أن 80% من السوريين ليس لديهم إقامة قانونية.

وحذر بعض مسؤولي المدارس الطلاب السوريين، من أن 4 من أيار الحالي هو الموعد النهائي لتقديم المستندات بما في ذلك إثبات الإقامة، وإلا سيتم منعهم من إجراء الاختبارات.

رسالة نصية من مدرسة في سهل البقاع تلزم الطلاب بتقديم إثبات الإقامة، وإخراج قيد مصدق من وزارة الخارجية اللبنانية والسفارة السورية، وصورتين مصدق عليهما من قبل مسؤول محلي، مع الموعد النهائي – 4 أيار 2021 (هيومن رايتس ووتش)

ففي لبنان، يخضع الطلاب لامتحانات إلزامية في الصف التاسع، السنة الأخيرة من التعليم الإلزامي، وفي الصف الثاني عشر، العام الأخير من التعليم الثانوي.

وفي السنوات السابقة، تنازلت وزارة التربية اللبنانية عن شرط الإقامة، وغالبًا في اللحظة الأخيرة بعد موافقة مجلس الوزراء على الإعفاء.

أما هذا العام، فلم يتم حتى الآن منح أي تنازل عن الامتحانات المقرر إجراؤها في شهر آب، على الرغم من تأكيدات وكالات الأمم المتحدة للأسر السورية بأن “جميع الطلاب في الصفين التاسع والثاني عشر سيكونون قادرين على التقدم للامتحانات الرسمية اللبنانية”، وفق ما ذكره التقرير.

لا استجابة

وفي آذار الماضي، أرسل مركز “الدراسات اللبنانية” مذكرة لإخطار وزارة التربية اللبنانية ووكالات الأمم المتحدة بأن مديري المدارس يطالبون بإثبات إقامة للطلاب السوريين.

وطلب المركز تعليق هذا المطلب إلى أجل غير مسمى، لكن لم يكن هناك أي رد، بدلًا من ذلك، في 15 من نيسان الماضي، نشرت وزارة التربية التعميم رقم “11”، الذي يطالب الطلاب غير اللبنانيين في المدارس الحكومية والخاصة بتقديم تصريح إقامة أو وثائق رسمية أخرى تصدر عن جهاز الأمن العام اللبناني، الذي يتحكم بالحدود والإقامات، لإجراء امتحاناتهم.

وعمل مركز “الدراسات اللبنانية” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش”، بدعم من منظمات المجتمع المدني التي تقدم التعليم والمساعدة القانونية للاجئين في لبنان، على توثيق 18 حالة لأطفال سوريين منعتهم السلطات من التسجيل في امتحانات الصف التاسع خلال العام الدراسي الحالي، وعشر حالات لطلاب يبلغون من العمر 18 عامًا أو أكثر غير قادرين على تقديم المستندات اللازمة للتقدم لامتحانات الصف الثاني عشر.

يبيعون الأثاث أو يعودون إلى سوريا

وصرحت عائلات سورية للمنظمة أنها باعت أثاثها المنزلي أو استدانت لدفع رسوم الوثائق القانونية.

وقالت عائلات أخرى، إنها عادت إلى سوريا عن طريق التهريب، وذلك للحصول على الوثائق التي تطلبها السلطات اللبنانية، لكن دون جدوى في كثير من الأحيان، بحسب ما ذكره التقرير من شهادات الأهالي.

كما حذرت المنظمة من أن الاشتراطات على اللاجئين السوريين لتقديم وثائق لا يمكن إصدارها إلا في سوريا، قد تضغط على العودة إلى وضع قد يعرض حياتهم للخطر، والقيام بذلك بشكل غير نظامي، لأن السوريين الذين ليس لديهم إقامة قانونية والذين يخرجون من لبنان من المعابر الحدودية الرسمية ممنوعون من العودة.

من جهتهم، أكد مديرو المدارس الذين اتصلت بهم المجموعات أنهم سينفذون متطلبات وزارة التربية والتعليم القاضية بضرورة تقديم الوثائق الرسمية.

وقال الطالب أحمد، يبلغ من العمر 17 عامًا، إن مدرسته في سهل البقاع أعطت الطلاب السوريين شهرًا للحصول على المستندات المطلوبة لامتحانات الصف التاسع.

وتمكن من الحصول على وثيقة من السجل المدني السوري، ولكن للحصول على الإقامة في لبنان، احتاج أيضًا إلى إثبات العنوان، بالإضافة إلى بطاقة الهوية الوطنية السورية أو جواز السفر، والتي تكلف استخراجها 425 دولارًا أمريكيًا، وهو مبلغ “خيالي” بالنسبة له.

وقال لاجئون سوريون آخرون في سهل البقاع، إنهم اتصلوا بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) عدة مرات للمساعدة في الحصول على إثبات العنوان، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وقالت إحدى الأمهات “ابنتي بحاجة إلى الدراسة، لكن لا يمكنني فعل أي شيء بعد الآن”.

وتحدث اللاجئون السوريون الذين بلغوا 18 عامًا، بحسب ما حصلت عليه المنظمة من شهادات، أنهم لن يعودوا إلى سوريا للحصول على وثائق امتحانات الصف الثاني عشر بسبب استدعائهم للخدمة العسكرية السورية، إذ عارضوا المشاركة في انتهاكات الحرب التي اتسمت بها تصرفات “قوات الجيش السوري” منذ بدء الصراع في سوريا عام 2011.

قالت المنظمتان إن جميع الأطفال، بغض النظر عن وضعهم القانوني، بمن فيهم الأطفال المهاجرون وطالبو اللجوء واللاجئون، لهم الحق في الحصول على تعليم جيد دون تمييز.

بالإضافة إلى ذلك، يُلزم المرسوم رقم “40”، الذي أكده مجلس الوزراء اللبناني في عام 2017، الطلاب السوريين بتقديم نسخ رسمية من سوريا للحصول على شهادات الصف التاسع أو الصف الثاني عشر.

أما الطلاب السوريون الذين سُمح لهم بأداء امتحاناتهم في السنوات السابقة، لكن لم تكن بحوزتهم المستندات المطلوبة، فحصلوا فقط على “إثبات نجاح” إذا نجحوا، بدلًا من الدبلوم أو درجاتهم.

وفي عام 2015، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن عدم يقين الطلاب السوريين بشأن قدرتهم على إجراء الامتحانات “يتسبب في تثبيط التسجيل طوال العام الدراسي، لا سيما في الصفين التاسع والثاني عشر”.

وقال المدير المساعد لحقوق الأطفال في “هيومن رايتس ووتش”، بيل فان إسفلد، “لقد كافحت عائلات اللاجئين السوريين بشدة لتعليم أطفالهم، لكن متطلبات التوثيق المستحيلة للحكومة اللبنانية تغلق الباب في وجوههم، يجب على المانحين الدوليين التحدث عن سياسات لبنان التمييزية التي تعيث فسادًا في حياة الأطفال اللاجئين ومستقبلهم، والضغط من أجل الوصول الكامل إلى التعليم”.

أزمة تعليم غير مسبوقة يواجهها الأطفال السوريون في لبنان

دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدول المانحة في مؤتمر “بروكسل”، الذي انعقد بين 29 و30 من آذار الماضي، إلى معالجة أزمة التعليم غير المسبوقة التي يواجهها الأطفال السوريون في لبنان.

وأصدرت المنظمة تقريرًا، في 26 من آذار الماضي، تحدثت فيه عن ضرر إغلاق المدارس والانكماش المالي الناجم عن جائحة فيروس “كورونا” في البلدان المضيفة للاجئين، وأثره على تعليم الأطفال السوريين فيها.

وطالبت المنظمة الدول المانحة بالضغط على الحكومة اللبنانية لرفع الحواجز أمام تعليم الأطفال السوريين، بما في ذلك القيود المفروضة على المنظمات الإنسانية التي توفر التعليم.

وقالت مديرة المناصرة في الاتحاد الأوروبي ومديرة مكتب بروكسل في “هيومن رايتس ووتش”، لوت ليخت، “بعد سنوات من وعود المانحين بدعم التعليم الجيد لجميع الأطفال السوريين اللاجئين، فإن أغلبية الأطفال السوريين في لبنان لا يحصلون على شيء، وخطة الحكومة غامضة، وهي تقيد أيدي المنظمات الإنسانية بالروتين والعقبات التي لا يمكن تبريرها”.

تمكن 42% من الطلاب السوريين في لبنان من الذهاب إلى المدرسة من أصل 660 طفلًا سوريًا، بمن في ذلك 9% من الأطفال الموجودين في المدارس الخاصة، خلال العام الدراسي 2018- 2019.

وتدهور الوضع التعليمي للطلاب خلال موسم 2019- 2020، بعد إغلاق المدارس نتيجة الاحتجاجات التي قامت ضد الحكومة اللبنانية في تشرين الأول 2019، ليعود الطلاب في أوائل عام 2020 إلى المدرسة، ثم تغلق المدارس مرة أخرى، في 29 من شباط 2020، بسبب جائحة “كورونا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة