الجنوب السوري.. رسائل إيران تقابل بـ”حزام أمني” إسرائيلي

وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، أفيغدور ليبرمان في مرتفعات الجولان (تعديل عنب بلدي)

camera iconوزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، أفيغدور ليبرمان في مرتفعات الجولان (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

ارتفعت وتيرة العمليات الأمنية على الحدود الجنوبية السورية بمحاذاة الجولان السوري المحتل، منذ مطلع العام الحالي، إذ أعلنت إسرائيل عن سلسلة من العمليات الأمنية ضبطت خلالها عمليات لتهريب المخدرات، كما أحبطت عددًا من عمليات التسلل باتجاه أراضيها من قبل أفراد قالت إنهم على صلة بإيران.

أحدث هذه الإعلانات كان حديث الجيش الإسرائيلي، في 20 من شباط، عن اعتقال مشتبه به على الحدود مع سوريا، بعد عبوره إلى مرتفعات الجولان الشهر الماضي.

وأشار الإعلان إلى أن الموقوف ضليع بالعمل لمصلحة “حزب الله” اللبناني في جمع معلومات استخباراتية عن إسرائيل.

إثبات وجود

خلال السنوات الماضية، أعلنت إسرائيل عن إحباطها العديد من محاولات الدخول إلى أراضيها عبر الحدود السورية، كما اشتبكت خلال أوقات زمنية متفرقة مع مجموعات أو أفراد على الحدود نفسها، لكن هذه المحاولات لم تصدّر باعتبارها توترًا أمنيًا، كما لم يعلن الجيش الإسرائيلي عن هذه الحوادث على أنها عمليات أمنية.

وفي 30 من كانون الماضي، فتحت السلطات الإسرائيلية تحقيقًا أوليًا على خلفية مقتل سوري وجرح آخر بالقرب من الحدود السورية مع الأراضي المحتلة، إثر اشتباك مع وحدة عسكرية من قواتها.

واتضح لاحقًا بموجب التحقيق الأولي أن الاشتباك ناتج عن تسرع القوات الإسرائيلية بإطلاق النار، مشيرة إلى أن القتلى هم صيادون سوريون اقتربوا من الحدود.

الباحث السياسي والكاتب الإسرائيلي يواب شتيرن، قال في إجابة على أسئلة لعنب بلدي، إن هذه التحركات لمجموعات موالية لإيران تندرج ضمن تحركات الأخيرة لإثبات وجودها في الجنوب السوري، وعلى مقربة من الجولان بالتحديد.

وأضاف أن التطور الأحدث لهذه العمليات، يعتبر “تطورًا خطيرًا” وتحديًا بالنسبة لإسرائيل، إذ اعتبر أن عبور مواطن سوري على صلة بإيران الحدود يلخص هذا الخطر، لكن في الوقت نفسه، إسرائيل تعي خطورة هذه التطورات، وتحاول قدر الإمكان مواجهة هذه الأحداث.

وفي تقرير سابق أعده مركز “ألما” الإسرائيلي، ذكر أن 58 موقعًا ومنطقة تنتشر فيها وحدات موالية لإيران جنوبي سوريا، وتتوزع في 28 مكانًا تتمركز فيه وحدة يطلق عليها اسم “القيادة الجنوبية”، إلى جانب 30 موقعًا آخر توجد فيها “خلايا إرهابية” تابعة لمجموعة تحمل اسم “ملف الجولان”.

الجنوب.. ورقة ضغط إقليمية

رغم أن إسرائيل اتفقت إلى جانب الأردن مع روسيا على أن تضمن الأخيرة انسحاب الميليشيات الإيرانية من الحدود السورية الجنوبية بموجب اتفاق “التسوية” الذي سيطرت قوات النظام على محافظات درعا والقنيطرة بموجبه، عام 2018، حافظت إيران على انتشار محدود لها في المنطقة.

الكاتب والباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور، قال لعنب بلدي، إن تزايد النشاط الإيراني في الجنوب السوري له أسبابه التي تدعمه، إذ تستخدم إيران المنطقة كورقة ضغط، أو منطقة لتوجيه الرسائل في الملفات الإقليمية.

وربما لا يكون لهذه الملفات علاقة بالملف السوري أيضًا، فمن الممكن أن تصدّر إيران تحركاتها في المنطقة لتوجيه ضغوط متعلقة بالملف النووي الإيراني مثلًا، أو بملفات أخرى بينها وبين أمريكا أو إسرائيل، بحسب قدور.

وعن الاتفاقيات السابقة بين روسيا وإسرائيل، قال الباحث إن اتفاق “التسوية” لم يحقق أي الأهداف الاستراتيجية والعسكرية بالنسبة لإسرائيل والأردن، وأثبت فشله خلال السنوات الماضية.

وأضاف أن المخاطر الأمنية لا تزال مستمرة على الحدود السورية الجنوبية، رغم الضمانات التي قدمتها روسيا.

وكمثال على ما سبق، زادت إيران من تحركاتها في المنطقة، بعد أن قررت رفع حالة التوتر ردًا على الاستهدافات التي طالت العمق الإيراني، منذ مطلع الشهر الحالي.

إلى جانب عمليات القصف الإسرائيلي التي طالت مواقع وشخصيات مهمة بالنسبة لإيران في سوريا، كالتي حدثت في منطقة كفرسوسة في العاصمة دمشق.

وعي إسرائيل أن روسيا لم تلتزم بتعهداتها بموجب اتفاق “التسوية” أعادها إلى استراتيجيتها القديمة باستهداف كل ما تعتبره مصدر خطر بالنسبة لها بشكل مباشر، ودون تردد، بحسب قدور.

وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية طورتها إسرائيل مع مرور الوقت، وتوقع أن تركز خلال الفترة المقبلة على إنشاء حزام أمني على الحدود الإسرائيلية الشمالية، لتأمين أكبر حماية ممكنة للمنطقة.

وكانت قوات من الجيش الإسرائيلي، دخلت إلى داخل الأراضي السورية منذ منتصف عام 2022، بقوة عسكرية مؤلفة من ست دبابات من نوع “ميركافا” وجرافتين عسكريتين يرافقهما عدد من الجنود لمراقبة الحدود والآليات، وذلك لتشييد الطريق الجديد داخل الأراضي السورية.

وأطلق الجيش الإسرائيلي على هذا الطريق اسم “سوفا 53″، بحسب اللافتات التحذيرية التي ثبتتها القوات المتقدمة إلى المنطقة، حسبما أفاد به مراسل عنب بلدي في القنيطرة.

كانت العديد من الفصائل تتلقى دعمها من إسرائيل في ريف القنيطرة الشمالي وقرى جبل الشيخ، كبيت جن وجنوب القنيطرة، خلال سنوات سيطرة المعارضة على المنطقة، من بينها “فرسان الجولان”، و”تجمع الحرمون”، إلى جانب مجموعة من الفصائل الصغيرة، رفضت تسليم أسلحتها للنظام بموجب اتفاق “التسوية” عام 2018.

وبقيت معظم هذه المجموعات حتى اليوم تحتفظ بأسلحة أفرادها، كما تمكنت من البقاء في المنطقة العازلة بالقرب من الحدود السورية- الإسرائيلية بطلب من إسرائيل، لتأمين حماية أمنية للحدود ضد الميليشيات الموالية لإيران.

إسرائيل أحبطت المخطط الإيراني؟

من بين العديد من الصراعات في الشرق الأوسط، فإن الصراع بين إيران وإسرائيل هو الأكثر احتمالًا للانفجار، ولسنوات، انخرط الجانبان في “حرب ظل”، وهاجم كل منهما الآخر بهدوء في البر والجو والبحر، وفي بعض الحالات بالوكالة، وفقًا لتحليل لصحيفة “واشنطن بوست“.

رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، تحدث نهاية 2022، عن “إفشال مخطط إيراني، كان يهدف للعمل في سوريا، ضد أهداف إسرائيلية”.

وقال كوخافي، في تصريحات لصحيفة “اسرائيل هايوم” العبرية، “تم إفشال المخطط الإيراني الذي سعى إلى نصب مئات الصواريخ في سوريا ومرابطة عشرات الآلاف من العناصر الإيرانية فيها وإنشاء تنظيم يشبه تنظيم (حزب الله) في هضبة الجولان”.

الباحث الإسرائيلي يواب شتيرن، يرى أن مواجهة إسرائيل للتمدد الإيراني وحيدة في سوريا، لا يمكن أن يؤدي إلى اقتلاع هذا الخطر من المنطقة، خصوصًا مع “الصلة الوطيدة” بين النظام السوري وإيران، والحماية التي تقدمها روسيا لهما.

واعتبر أن روسيا امتنعت عم تحمل مسؤولياتها في كبح الجماح الإيراني في الجنوب السوري، ما ترك إسرائيل وحدها أمام ضرورة حلحلة هذا الملف.

استخبارات إيران على الحدود

مركز “ألما” الإسرائيلي تحدث في دراسة صادرة عام 2020، عن أن وحدة استخباراتية إيرانية تحمل اسم “ملف الجولان” تعمل بهدف بناء بنى تحتية لـ”خلية إرهابية” في الجنوب السوري، وكيلة عن “حزب الله” اللبناني.

ويأتي الغرض من هذا النشاط في سياق جمع المعلومات وتنفيذ الأعمال الأمنية ضد إسرائيل، ويعتبر عناصرها والعاملون فيها من السكان المحليين السوريين الذين يعرفون المنطقة جيدًا، ويمكنهم الاندماج بين السكان المحليين.

وتشير النتائج التي خلصت لها الدراسة إلى عشر قرى في محافظة القنيطرة، و14 قرية أخرى في محافظة درعا تحت سيطرة “فيلق القدس الإيراني” (جزء من “الحرس الثوري الإيراني”)، أُنشئت فيها بنية تحتية عسكرية على الحدود السورية مع إسرائيل، ما أتاح إمكانية فتح جبهة أخرى على الحدود السورية ضد إسرائيل، تعادل تلك التي حدثت في لبنان سابقًا.

إلى جانب وحدة استخباراتية أخرى تابعة بشكل كامل لـ”حزب الله” اللبناني، يطلق عليها اسم “القيادة الجنوبية” يشكل المقاتلون لبنانيو الجنسية غالبية عناصرها، وهم المسؤولون عن إدارة ملف الجنوب السوري.

ويتمثل دورها الرئيس في إنشاء بنية تحتية تشغيلية لجميع أنشطة “حزب الله” في الجنوب السوري، مع التركيز على المنطقة الحدودية مع إسرائيل، بحسب “ألما”.

وأضاف المركز أن من بين مهام هذه المجموعة تأمين البيئة المناسبة للقوات الموالية لإيران، مثل الميليشيات الشيعية، لدخول أي حملة ضد إسرائيل، وبشكل فوري، في حال تلقيها الأمر بذلك.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة