خدمات متردية وعودة صعبة

الحجر الأسود.. مدرسة واحدة لأبناء 20 ألفًا من العائدين

دمار في مدينة الحجر الأسود جنوبي العاصمة دمشق - 22 من أيار 2018 (رويترز)

camera iconدمار في مدينة الحجر الأسود جنوبي العاصمة دمشق - 22 من أيار 2018 (رويترز)

tag icon ع ع ع

بعد نحو أكثر من عامين على البدء بمنح الموافقات لعدد من العائلات الراغبة بالعودة إلى منازلها وممتلكاتها وترميمها بمدينة الحجر الأسود جنوبي العاصمة دمشق، بقرار رسمي صدر في كانون الأول 2021، ما زالت الأهالي يواجهون مشكلات في جوانب مختلفة تصعب تأقلمهم وقدرتهم على الاستقرار.

ويشهد الواقع التعليمي في المنطقة، مشكلات من أبرزها قلة المدارس المعاد ترميمها، ما يجبرهم على اللجوء لحلول بديلة تضاعف من مصاعب الحياة، وتزيد من التكاليف المالية على عاتق العائلة.

وبلغت عدد المباني المدمرة في منطقة مخيم “اليرموك” والحجر الأسود، 2109 مبانٍ مدمرة كليًا، و1765 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و1615 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 5489، وذلك خلال الأعوام الثمانية من بعد انطلاقة الثورة السورية في آذار 2011، وفق أطلس نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب، في 16 من آذار 2019.

مدارس لا تغطي الحاجة

قبل أيام، أعلنت حكومة النظام السوري، عن افتتاح مدرسة لمراحل التعليم الأساسي (الابتدائي والأساسي)، عبر ترميم مدرسة “الشهيد أحمد زعل فاضل”، والتي تستقبل 450 طالبًا وطالبة.

تعتبر المدرسة المعاد ترميمها، الثالثة في المنطقة من أصل 36 مدرسة تابعة لتربيتي القنيطرة وريف دمشق، وتبلغ مساحتها نحو 2500 متر مربع، ومؤلفة من ثلاثة طوابق، بينما تضم 28 صفًا دراسيًا افتتح منها 14 صفًا، ومخبر ومكتبة وقاعة معلوماتية، وفق ما نقلت الوكالة السورية الرسيمة للأنباء (سانا).

ومع عدم توفر مدارس للمرحلة الدراسية الثانوية في المنطقة، لفت مدير تربية القنيطرة، عبدو زيتون، خلال الافتتاح إلى خطة افتتاح مدرسة ثانوية في المنطقة مع بداية العام الدراسي المقبل.

سهام، من أبناء حي الثورة في الحجر الأسود، أفادت لعنب بلدي، أنها ما زالت ترسل أطفالها في المراحل الإعدادية والثانوية في حي الزاهرة بدمشق، وفي بداية عودة الأهالي إلى المنطقة كان الحل استئجار سيارة (سوزوكي)، لتأمين ذهاب الأطفال إلى المدارس.

بدأت سهام (44 عامًا) بإرسال أولادها عبر المواصلات التي يصعب تأمينها في الحجر الأسود، وذلك بتكلفة تصل يوميًا لنحو 12 ألف ليرة سورية.

عودة سهام (رفضت ذكر اسمها الكامل لمخاوف أمنية) إلى مدينة الحجر الأسود مع أبنائها الأربعة في عام 2020 وترميم غرفة ومطبخ، كان بمساعدة أخيها المغترب، وذلك لغياب زوجها الذي توفي إثر إصابة بشظية برأسه طال مكان عمله عام 2012.

ويبلغ عدد سكان مدينة الحجر الأسود حاليًا، 20 ألف نسمة، وفق تصريح رئيس مجلس مدينة الحجر الأسود، خالد خميس، في 18 من شباط الحالي، وذلك نظرًا لعودة بعض الأهالي.

إبراهيم، موظف في مديرية التربية بدمشق (تحفظ على ذكر اسمه الكامل)، قال لعنب بلدي، إنه يوجد في مدينة الحجر الأسود سبع مدارس، معظمها مدمر بشكل شبه كامل ويصعب ترميمها.

ورممت حكومة النظام السوري ثلاث مدارس في مدينة الحجر الأسود، إحداهم مدرسة أحمد زعل فاضل التي افتتحت قبل أيام، وتتبع لمديرية تربية القنيطرة، ومدرستي الحجر الأسود الثالثة، ومدرسة حسان بن ثابت التابعتين لمديريتي ريف دمشق والقنيطرة، لكنها لا تفي حاجة السكان، وفق إبراهيم.

وأعلن مدير تربية ريف دمشق عن انتهاء أعمال الترميم في مدرسة الحجر الأسود الثالثة المختلطة في 20 من تشرين الأول 2022، موضحًا أن المدارس الباقية سيجري ترميمها أيضًا.

العديد من الأهالي ما يزالون يرسلون أبنائهم للتعليم الإعدادي والثانوي في مدارس حي القدم والزاهرة، أما عن إبراهيم، فقد نقل أبناءه، وهم في المرحلة الابتدائية، من مدرستهم في حي القدم إلى مدرسة الحجر الأسود المختلطة.

ينحدر إبراهيم من الحجر الأسود، وغادر المنطقة عام 2013، قبل ان يعود غليها مؤخرًا.

يبعد حي الحجر الأسود عن مركز العاصمة السورية دمشق نحو سبعة كيلومترات، وتحدّه من جهة الغرب منطقة القدم والتي تبعد عنه نحو 1.7 كيلومتر.

عجز في القطاع الصحي

يواجه حي الحجر، مشكلات في الواقع الخدمي منذ سيطرة النظام السوري على الحي ومخيم “اليرموك” جنوبي دمشق، بشكل كامل في أيار 2018، بعد عملية عسكرية استمرت نحو شهرًا، طرد من خلالها تنظيم “الدولة الاسلامية” من المخيم، بعد اتفاق إجلاء غير رسمي نقل بموجبه العناصر التابعة لتنظيم الدولة إلى بادية السويداء.

تواصلت عنب بلدي مع موظف في الهلال الأحمر السوري في مدينة القنيطرة، وقال إن مديريات القنيطرة ومنها الصحة والهلال الأحمر والتربية، تشرف على إعادة بعض الخدمات للحجر الأسود، وأسباب إشرافهم يعود لأن غالبية أبناء المنطقة من محافظة القنيطرة والفلسطينيين.

وأشار الموظف طارق، خلال حديثه لعنب بلدي، إلى أن منطقة الحجر الأسود تضم مركزي صحة، لم يرمما بسبب شدة الدمار الذي لحق بهما، ما دفع الهلال الأحمر السوري بالتعاون مع بعض المنظمات غير الحكومية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لبناء عيادة صحية مسبقة الصنع موقتًا، لمساعدة الأهالي في المنطقة.

وتُقدم العيادة الطبية، والتي بدأت عملها في أيلول 2022، الإسعافات الأولية واللقاحات والاستشارات الطبية للأهالي.

موافقات صعبة

بدأت محافظة ريف دمشق، منذ 5 من أيلول 2021، بتسلّم طلبات أهالي الحجر الأسود المتعلقة بملء الاستمارات الخاصة بعودتهم إلى منطقة الحجر الأسود للمباشرة بترميم ممتلكاتهم العقارية، بعد الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات ذات الصلة.

وطلبت المحافظة من الأهالي تزويدها بالأوراق الثبوتية المصدقة التي تؤكد ملكيتهم للمنازل، إضافة لبيان عائلي، وصور للبطاقات الشخصية، ولكن الموافقة الأمنية لم تكن سهلة الحصول، ولم تلق جميع الطلبات الموافقة، خاصة وأن مفرزة الأمن العسكري في المنطقة هي المسؤولة عن إصدار الموافقة أو الرفض، وفق مصدر أمني في لجنة الأمن العسكري.

وذكر المصدر الأمني (تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، أن الأمن العسكري هو المسؤول عن إصدار الموافقات الأمنية، وشارع الثلاثين في حي “مخيم اليرموك” الطريق الوحيد الذي يُسمح من خلاله لأبناء الحجر الأسود بالدخول للمنطقة بعد حصولهم على الموافقة الأمنية.

وتابع أن عملية التقديم على حصول الموافقة الأمنية تحصل عبر خطوتين، أولها تقديم الأوراق الثبوتية المطلوبة للأمن العسكري، وتستمر دراستها وتقييمها لمدة زمنية تصل لستة أشهر، وغالبية الرفض الواقع للموافقات الأمنية يكون لمن كان أبناؤهم ضمن الفصائل المسلحة في الحجر الأسود، أو تابعين لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، بحسب تقييم الأمن العسكري.

ويأتي الرفض أيضًا في حال لم يملك الأشخاص أوراقًا تثبت ملكية عقاراتهم في المنطقة، والتي ربما تكون قد فقدت خلال التهجير والنزوح، وفق المصدر الأمني.

ويطلب الأمن العسكري من العائلات، أوراقًا بديلة عن الأوراق الثبوتية التي فقدتها بعض العوائل، ومنها ضبط من قسم شرطة ريف دمشق، وفاتورة كهرباء وماء، وورقة من مختار الحي الذي ينتمي إليه الشخص، ويشهد فيها شاهدان بأنه صاحب العقار المذكور ليتم تقديم الطلب فيما بعدها.

وذكر المصدر الأمني، أنه في شهر كانون الثاني، تمت الموافقة على طلبات نحو 2000 فقط من أصل 4000 طلب مقدم.

  • شارك في إعداد هذه المادة مراسلة عنب بلدي في درعا سارة الأحمد





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة