الرعب الليلي عند الأطفال.. مشكلة مقلقة للأهل لكنها طبيعية

الرعب الليلي عند الأطفال
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

يستيقظ بعض الأطفال من نومهم بحالة خوف شديد وبكاء وصراخ، وقد يحدث ذلك بشكل متكرر، ما يؤدي إلى جعلهم مرهوبين وخائفين، وقد يسهرون الليل في محاولة لعدم النوم تجنبًا للإصابة بهذه الحالة، والتي تسمى “الرعب الليلي”، وهي تشكل اضطرابًا من اضطرابات النوم التي تؤرق الأطفال وأهاليهم على حد سواء.

ما هي نوب الرعب الليلي

هي نوبات فجائية من الخوف تحدث أثناء نوم الطفل، فيجلس في سريره ويبدأ بالصراخ، ويتسرع تنفسه ونبضات قلبه، ويبدو مزعوجًا وخائفًا ومرعوبًا، وقد يبدأ بالتعرق، وقد يضرب ما حوله، وبعد عدة دقائق يهدأ ويعود إلى نومه.

ونوب الرعب الليلي تعتبر نادرة الحدوث، فهي تحدث عند 3-6% من الأطفال بعمر 4-12 سنة، وعند 5-15% من الأطفال بعمر 4-6 سنوات، رغم أنها قد تظهر من عمر 9 أشهر، ويصاب الطفل بنوبة واحدة من الرعب الليلي أو عدة نوبات خلال حياته قبل أن تتوقف بشكل كامل، وقد يستمر تكرارها حتى سن المراهقة.

وهي تصيب الذكور أكثر قليلًا من الإناث، وفي 80% من الحالات يكون هناك أكثر من طفل يعانون من هذه المشكلة في العائلة الواحدة.

تحدث نوبة الرعب الليلي بسبب فرط نشاط الجهاز العصبي المركزي أثناء النوم، وهي تحدث بعد النوم بـ 2-3 ساعات (وسطيًا 90 دقيقة) أثناء الانتقال بين مراحل النوم، إذ إن النوم يقسم إلى مرحلتين أساسيتين هما:

  1. مرحلة نوم حركة العين السريعة (نوم الريم Rem) أو النوم السطحي: تسمى هذه المرحلة من النوم بالنوم الحالم، إذ تحدث فيها الأحلام، وهي تساعد على النمو العقلي للطفل وزيادة قدرته على التركيز والانتباه.
  2. مرحلة نوم حركة العين غير السريعة أو النوم العميق: وتسمى هذه المرحلة بالنوم المسترخي، فهي تعطي الشخص الشعور بالهدوء والاسترخاء النفسي والبدني لجميع وظائف جسمه، ما يساعد على نمو الجسم وطرد الإجهاد منه، وتقسم هذه المرحلة من النوم إلى أكثر من أربع مراحل، وتحدث نوبة الرعب الليلي أثناء الانتقال من المرحلة الثالثة لمرحلة أخرى.

ورغم أن أسباب فرط نشاط الجهاز العصبي المركزي مجهولة، إلا أنه قد يكون هناك استعداد وراثي لدى بعض الأطفال لحدوثه، كما أن هناك بعض العوامل تزيد منه مثل:

  • الضغوط النفسية التي يتعرض لها الطفل نتيجة مشاكل عائلية منزلية أو مشاكل في المدرسة.
  • الإرهاق والجهد والتعب بشكل زائد عن الحد.
  • تغيير مكان النوم، كالنوم في غرفة جديدة أو خارج المنزل.
  • مشاهدة أفلام مخيفة تتضمن مشاهد قتل أو عنف أو أشباح أو وحوش.
  • الإصابة بالمرض أو الحمى.
  • الحرمان من النوم.
  • استخدام بعض الأدوية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي.

كيف تتظاهر نوبة الرعب الليلي؟

تبدأ نوبة الرعب عادة بعد نحو 90 دقيقة من بدء النوم. فجأة يجلس الطفل في السرير ويبدأ بالصراخ، وتبدو عليه علامات الجهد مثل التنفُّس السريع وحدقات العيون المتسعة والتعرق وتسرع القلب، وعدم التركيز، والشعور بالريبة والخوف، وقد يشتكي الطفل من رؤية خيالات مخيفة تشاركه الغرفة وهي غير موجودة بالطبع، كما قد تحدث حالة المشي أثناء النوم بدون وعي.

وعلى الرغم من أن الطفل يبدو مستيقظًا لكنه لا يستوعب وجود الوالدين بجانبه، وإذا حاولا إمساكه لإراحته فقد يتشاجر معهم، ويحتاج في هذه الحالة إلى عدة دقائق (بين 3-30 دقيقة) لإدراك ما يجري حوله، ثم يرتاح ويعود إلى النوم الطبيعي، وعندما يستيقظ في اليوم التالي فإنه لا يتذكر أي شيء مما حدث.

هل نوب الرعب الليلي هي الكوابيس؟

لا، فهناك اختلاف بينهما في عدة نقاط:

تحدث نوب الرعب في مرحلة النوم العميق، وهي تعكس مشاعر الخوف التي تنتاب الشخص دون وجود أي صورة مرئية محددة، فلا توجد أي مواقف أو أحداث مخيفة يحلم بها الشخص، وعندما يصحو لا يتذكر ما سبّب له الخوف، وبعدها يعود إلى النوم بشكل هادئ، وفي صباح اليوم التالي لا يتذكر شيئًا مما حدث.

بينما تحدث الكوابيس في مرحلة النوم السطحي، ويرى الشخص في نومه حلمًا مزعجًا، يتلو ذلك حالة صحوٍ تام يعطي فيها الشخص تصورًا واضحًا عما رآه في حلمه، وبعدها قد يخاف من العودة إلى النوم مرة أخرى، وفي صباح اليوم التالي يكون متذكرًا ما حدث ويظل يحكي ما رآه في منامه لمن حوله.

كيف يتم التعامل مع نوبة الرعب الليلي؟

بما أن الطفل أثناء النوبة لا يكون مستيقظًا بشكل حقيقي لذلك فإن محاولات تهدئته وإراحته قد تكون غير مفيدة، وعلى الأهل الجلوس بقرب الطفل ومراقبته حتى لا يؤذي نفسه والانتظار حتى تمر النوبة، ويمكن محاولة أخذه إلى الخارج أو إلى غرفة أخرى تكون درجة حرارتها مختلفة تمامًا مما قد يوقظه.

ويجب التنبيه إلى أن الصراخ أو التحدث بعنف يجعل الأمور تزداد سوءًا، كما أنه يستحسن عدم تذكير الطفل في اليوم التالي بما حدث.

هل يمكن علاج هذه المشكلة؟

عادة ما تتوقف هذه النوب لوحدها دون أي علاج، لذلك فإن العلاج ليس ضروريًا إلا إذا كانت الحالة مرتبطة بوجود مشكلة معينة، فيكون العلاج حينها موجهًا لحل تلك المشكلة.

ويمكن ملاحظة توقيت حدوث نوبات الرعب، فإذا كانت تتكرر بنفس التوقيت من النوم يجب محاولة وقف نوم الطفل في هذا التوقيت، وذلك عن طريق إيقاظه قبل 15 دقيقة من وقت النوبة المتوقع، وإبقائه مستيقظًا والبعد عن السرير لمدة خمس دقائق على الأقل، ويمكن أخذ الطفل إلى الحمام للتبول. يستمر هذا الروتين لمدة أسبوع مما يؤدي لتغير نمط نوم الطفل واعتراض دورة نوب الرعب الليلي.

أما بالنسبة للأدوية فنادرًا ما تستخدم، وتعطى البنزوديازبينات عندما تحدث النوب بشكل متقارب لتقليل تكرارها، بينما تعطى مضادات الاكتئاب (مثل أميتربتيلين) إذا كانت النوب تؤثر على أداء الطفل التعليمي أو ممارسته لنشاطاته اليومية.

سبل الوقاية من الرعب الليلي

  1. تقليل الضغوط على الطفل، عن طريق تجنب مشاهدته أفلامًا مخيفة، والتحدث معه حول مشاكله في المدرسة أو مع الأصدقاء ومحاولة حلها، والحفاظ على الاستقرار الأسري، وحضن الطفل المتكرر لإشعاره بالأمان.
  2. منع الطفل من التعرض لتعب زائد، والتأكد من أنه يأخذ قسطًا كافيًا من الراحة.
  3. تأمين النوم الكافي والمريح للطفل، عن طريق النوم في مكان هادئ منخفض الرطوبة، والسماح بترك باب الغرفة مفتوحًا ليلًا، وأخذه إلى الفراش في وقت مبكر مساءً، والعناق وقراءة القصص أو الأغاني قبيل النوم، وتركه ينام متأخرًا في الصباح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة