الصحة النفسية في النزاعات والحروب.. كيف أساعد نفسي

صورة تعبيرية عن الدعم النفسي (كانفا)

camera iconصورة تعبيرية عن الدعم النفسي (كانفا)

tag icon ع ع ع

تزداد مشاهدة المحتوى المرئي الحساس في فترة الحروب والنزاعات، وفي ظل التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الإجتماعي على مدى واسع، لا تقتصر مشاهدة الصور والمقاطع المصورة للدمار والجثث والقصف على قنوات الأخبار وحسب، بل باتت موجودة على كل هاتف ذكي، ضمن ما ينشره الأصدقاء أو الحسابات غير الإخبارية، مما يخلق حالة من الكرب والخوف المستمر في المجتمع “خارج منطقة النزاع”.

تقول آية وهيبة لعنب بلدي، وهي أكاديمية في علم النفس ودبلوم وتعديل السلوك، إنه ونتيجة لتعرض المُشاهد لعشرات المحفزات المرئية والصوتية القاسية خلال فترة زمنية قصيرة، يتحفز الجهاز العصبي بقوة، ويدخل المتابع بلحظات توتر وتراخ متتالية، وفي بعض الحالات يبقى الجهاز العصبي متوترًا طول اليوم.

ويترك هذا التوتر آثارًا نفسية وجسدية متعبة، لأن العقل لا يميز بشكل دقيق إن كان ما يراه يعبّر عن أحداث بعيدة عنه أم أنه هو الذي يتعرض لهذا الحدث.

ولذلك من الممكن أن يحصل المُشاهد على نفس التأثير النفسي للشخص المصاب، والذي هو بحالتنا يعيش تحت الحرب.

ردات فعل أجسامنا على التوتر المستمر

يعطي جسم الإنسان ردات فعل مختلفة على التوتر الذي يتعرض له لفترات طويلة، ويخضع الجسم في هذه الفترة لتأثير الجهاز العصبي اللاإرادي، تقول الأخصائية النفسية.

يمكن أن يلجأ الفرد إلى سلوك الهرب عبر النوم أو محاولة إضاعة الوقت، أو سلوك الهجوم (الغضب السريع)، أو سلوك التجمد، أي أنه ينفصل عاطفيًا عن كل شيء حوله، لدرجة عدم التأثر بالصور المؤلمة.

وفي الحالات الثلاثة، لا يرمم الجسد خلاياه، ولا يصلح أي مشكلة فيه، وهي عملية يفترض أن يقوم بها الجسم يوميًا،، مما يسبب بعض الأعراض والآلام الجسدية مع الوقت.

وللحفاظ على صحتنا الجسدية والنفسية، بهدف الاستمرار بمناصرة القضية التي ندعمها بشكل صحيح، علينا أن نكون واعين تمامًا لتفريغ المدخلات، ومنها ما نشاهده من صور عنيفة نفسيًا، أولًا بأول، وفق ما تقوله المتخصصة آية وهيبة.

آلية تخفيف التوتر عن الجهاز العصبي

تنصح الأخصائية، بتخصيص عشرين دقيقة على الأقل يوميًا، لإراحة الجهاز العصبي، وذلك باسترخاء الجسد بشكل تام والتنفس البطني العميق، أو الاتصال بالطبيعه مع الانتباه للأفكار الداخلية والتنفس فقط.

بالإضافة إلى تحديد المشاعر التي حفزتها المشاهد والأحداث التي نعيشها، من خوف وغضب وعجز وظلم، والعمل على تفريغ هذه المشاعر إما بالكتابة التفريغية أو التنفس العميق أو التواصل مع مختص نفسي.

حتى وإن رأينا أن الوقت الحالي غير مناسب لهذه الممارسات، إلا أنه الوقت الأمثل لتخفيف الضغط عن الجهاز العصبي، وتجنب تراكم التوتر ومشاكله في الجسم، حسب الأخصائية.

كيف أحدث طفلي عن النزاعات والحروب

يختلف الموضوع تمامًا بالنسبة للأطفال، إذ تعتمد طريقة التعامل مع الطفل بحسب العمر، تقول وهيبة.

الأطفال الواعون والقادرون على إدراك مفهوم المشاعر، يبدأ الأهل بالتدريج بشرح المفاهيم الأساسية لهم، مثل مفهوم الخير والشر، الظلم والعدل والحقوق وغيرها.

ويتم تعريفهم بعدها بما يحصل حولهم عن طريق قصص أو صور “غير مؤلمة”، مع الانتباه لإبعادهم عن مشاهدة الأخبار بشكل متواصل.

وتفضل الأخصائية، الصدق التام مع الأطفال وشرح المشاعر دون التمثيل عليهم، فالطفل يحتاج لفهم العواطف البشرية، وفهم سبب حزن الأم  أو توتر الأب، ومن ثم السماح لهم بالتعبير عن مشاعرهم الخاصة بأي طريقه حرة، بالكلام أو الرسم.

ومن الممكن إشراكهم بأي طرق فعالة للتعاطف مع غيرهم، كالدعاء أو الصدقات أو إرسال رسومات أو رسائل تعاطف ومحبه لهم، مع طمأنتهم أن كل ما يحصل هو مؤقت وسيزول وأنهم في أمان.

بهذه الطريقة نساعد الطفل على التواصل مع عواطفه ومع المحيط بشكل متوازن.

ستتمكن من مساعدة أطفالك على نحو أفضل إذا ما تمكنت أنت أيضًا من التأقلم مع هذا الحال، إذ يلحظ الأطفال طريقة استجابتك للأخبار، وذلك يساعدهم على معرفة قدرتك على الهدوء وضبط النفس.

وإذا ما أحسست بالقلق أو الانزعاج، فخصص بعض الوقت لنفسك، وتواصل مع الأسرة والأصدقاء والأشخاص الموثوق بهم، وضع في اعتبارك كيفية تناولك للأخبار، حاول تحديد أوقات معينة خلال اليوم لمتابعة ما يحدث بدلًا من الاتصال الدائم بالإنترنت. وخصص قدر المستطاع، بعض الوقت للقيام بأمور تساعدك على الاسترخاء واستعادة التوازن، بحسب ما جاء في تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF).




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة