من الرجل الذي يتمتع بعلاقات مع واشنطن ودول الخليج العربي؟

المسلط في رئاسة “مسد”.. أمريكا تمهد لمرحلة جديدة

أعضاء مجلس سوريا الديمقراطية يتوسطهم الرئيس المشترك له محمود المسلط- 21 من كانون الأول 2023 (مجلس سوريا الديمقراطية)

camera iconأعضاء مجلس سوريا الديمقراطية يتوسطهم الرئيس المشترك له محمود المسلط- 21 من كانون الأول 2023 (مجلس سوريا الديمقراطية)

tag icon ع ع ع

انتخب “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) في مؤتمره الرابع الذي عقد بمدينة الرقة في 20 من كانون الأول الحالي، محمود المسلط، وليلى قره مان، رئيسين مشتركين له، بمشاركة من ممثلين عن “الإدارة الذاتية”، المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

وحملت الأسماء الجديدة ملامح تغيير، إذ ينحدر المسلط من خلفية عشائرية، وهو ابن شقيق رئيس “الائتلاف الوطني” المعارض سالم المسلط، وفي الوقت نفسه كان يقيم في الولايات المتحدة، وتجمعه علاقات جيدة مع الأمريكيين.

ومن جانب آخر تعد ليلى قره مان عضوًا في “حزب العمال الكردستاني” المدرج على لوائح “الإرهاب” التركية والدولية، حالها حال سلفها إلهام أحمد.

وانتهى المؤتمر الرابع لـ”مسد” بالاتفاق على تفويض الرئاسة المشتركة بمتابعة استكمال تشكيل المجلس العام، إذ لم تنته خطة تشكيل “مسد” حتى الآن.

ووفق النظام الداخلي الجديد لـ”مسد” ألغى الأخير الهيئة التنفيذية من هيكليته، التي كانت تشغل رئاستها القيادية البارزة فيه إلهام أحمد، وأحد كوادر “العمال الكردستاني” في سوريا.

أُسّس “مجلس سوريا الديمقراطية”، أواخر عام 2015، بالتزامن مع تأسيس “قسد”، ليتحول تدريجيًا إلى ذراع سياسية للقوات المشكّلة من تحالف فصائل عربية وكردية وسريانية، والتي تلقت الدعم الدولي في حربها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.

بالتزامن مع تغييرات

خلال المؤتمر نفسه الذي خلص لانتخاب المسلط وقره مان، ظهر قائد “قسد” مظلوم عبدي منتقدًا المعارضة المتمثلة بـ”الائتلاف”، والنظام السوري، داعيًا إلى تكثيف الجهود والعمل على تنظيم صفوف المعارضة “الوطنية” في عموم سوريا.

ويرى عبدي أن “المعارضة التابعة للخارج” فشلت بإيجاد أي حل لـ”الأزمة السورية”، معتبرًا أنها تركت الساحة للمجموعات “الإرهابية، والراديكالية”.

وأضاف أنه كان لا بد من ظهور “المعارضة الحقيقية”، ما دفع لتأسيس “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، بحسب عبدي.

عبدي أشار إلى أن “قسد” اتخذت من “مسد” مظلة سياسية، لتمثلها في المحافل السياسية الدولية والمحلية.

وحول “الائتلاف السوري لقوى المعارضة” قال عبدي، إنه لا يمتلك أي برامج، وقد أصبح خارج المعادلة، باعتبار أنه مرتبط بأجندة خارجية.

التغييرات على مستوى قيادة “مسد” سبقتها تعديلات طرأت على صعيد المنطقة، أحدثها كان تحديث “العقد الاجتماعي” الذي غير اسم “الإدارة الذاتية” إلى “الإدارة الذاتية الديمقراطية”، وجرم تجنيد الأطفال، إضافة إلى قوانين أخرى متعلقة بالاعتقال، وحقوق الأقليات.

سبقت ذلك أيضًا وعود أخرى قدمتها “الإدارة الذاتية” لإحداث تغييرات على صعيد إدارة محافظة دير الزور التي نشبت فيها مواجهات مسلحة في آب وأيلول الماضيين، على خلفية اعتقال “قسد” لقائد “مجلس دير الزور العسكري”، وتحولت لانتفاضة تطالب بحقوق المكون العربي في المنطقة.

وطرحت “الإدارة“، بحسب ما أعلنته في 22 من تشرين الأول الماضي، جملة من المخرجات مكونة من 42 بندًا، أبرزها إعادة هيكلة المجالس المحلية والتشريعية والتنفيذية والبلديات، وترتيب قوى “الأمن الداخلي” و”مجلس دير الزور العسكري” خلال ستة أشهر.

اقرأ أيضًا: المكوّن العربي يبحث عن تمثيل مفقود تحت حكم “قسد”

بضغط أمريكي

عقب المواجهات التي شهدتها دير الزور، دعا التحالف الدولي إلى التهدئة ووضع نهاية للاشتباكات بين حليفها في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، “قسد”، والعشائر العربية.

وقال التحالف في بيان إن قوة المهام المشتركة في “عملية العزم الصلب” تراقب الأحداث في شمال شرقي سوريا عن كثب، بينما لا يزال تركيز العمل مع “قسد” لضمان محاربة التنظيم.

لكن الولايات المتحدة التي تقود التحالف كانت تعي مسألة التمثيل العربي المفقود في المنطقة، إذ سبق وأصدرت وزارة الدفاع الأمريكية في آذار 2020، تقريرًا انتقد إقصاء المكوّن العربي عن مفاصل اتخاذ القرارات داخل المؤسسات العسكرية والمدنية التابعة لـ”مسد”.

المسلط.. علاقات في واشنطن والخليج

الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” سامر الأحمد، قال لعنب بلدي إن تعيين محمود المسلط في الرئاسة المشتركة لـ”مسد” قد يكون بضغط أمريكي.

وسبق أن أرسلته واشنطن إلى تركيا، وإلى مناطق أخرى لإيصال بعض الرسائل.

سمير الدخيل، صديق مقرب من محمود المسلط، قال لعنب بلدي إن المسلط سافر إلى أمريكا عام 2009، بغرض الدراسة، وتخرج من جامعة “أوهايو”، وصار يحاضر في جامعاتها بعد التخرج.

وأضاف الدخيل أنه كان ممثلًا عن “إعلان دمشق” في “المجلس الوطني السوري” برفقة المسلط الذي كان عضوًا مستقلًا فيه.

هيمنة “الإسلام السياسي” على المجلس الوطني دفع المسلط وصديقه للاستقالة من “المجلس الوطني” عقب ذلك، بحسب ما قاله الدخيل لعنب بلدي.

الباحث سامر الأحمد قال لعنب بلدي إنه لا يمكن اعتبار المسلط مقربًا من تركيا، لكن يمكن النظر له على أنه رجل أمريكا خلال التغييرات القائمة حاليًا داخل “مسد”، وهو يتمتع بعلاقات دولية جيدة.

ويرى الباحث أن الضغط الأمريكي على “مسد” جاء على خلفية الأحداث التي شهدتها محافظة دير الزور نهاية آب الماضي.

ولتعيين المسلط اعتبارات أخرى، بحسب الأحمد، إذ يتمتع محمود المسلط بتاريخ سياسي جيد، كما أنه ذو خلفية عشائرية وهو حفيد الشيخ عبد العزيز المسلط، شيخ قبيلة “الجبور” بمحافظة الحسكة.

وإلى جانب ما سبق، تجمع المسلط علاقات وطيدة مع دول الخليج العربي، بحسب الأحمد.

مرحلة سياسية جديدة

لم تضح بعد التغيرات التي قد تخيم على “مجلس سوريا الديمقراطية” بعد التعيينات الجديدة، إذ لم يمض على انتخاب محمود المسلط سوى بضعة أيام، لكن الباحث في مركز “عمران” سامر الأحمد يرى أن هناك مرحلة سياسية جديدة مقبلة على المنطقة.

وأضاف أن تعيين محمود المسلط في منصب من هذا النوع قد يحمل رسالة معناها أن “مسد” جاهزة، ومنفتحة على الحوار مع كافة الأطراف، لكن استبعد أن تكون تركيا على جدول التفاهمات المطروح على الطاولة لدى “مسد”.

ومن غير الواضح حتى الآن فيما إذا كانت الولايات المتحدة تمارس ضغطًا على صناع القرار في “الإدارة الذاتية” لاستبعاد كوادر العمال الكردستاني من مفاصل التحكم فيها، بحسب الباحث.

التغييرات المحتملة فيما يتعلق بمستقبل المنطقة مرتبطة بمدى جدية واشنطن بالاستجابة لمطالب أبناء المنطقة التي تتجلى بكف يد قيادات “حزب العمال” عن التحكم بقرار “مسد” واستغلالها لتنفيذ أجندات “الحزب”، بحسب الأحمد.

وتعتبر أنقرة “وحدات حماية الشعب”، التابعة “لحزب الاتحاد الديمقراطي”،  امتدادًا لـ”حزب العمال الكردستاني” التركي، المصنف على “قوائم الإرهاب” لديها، والمتهم بتنفيذ عمليات تفجير واغتيالات في تركيا.

وبناء على هذا التصنيف تشن تركيا هجمات شبه يومية على منشآت ومواقع لـ”قسد” شمال شرقي سوريا، بينما يتخذ “الائتلاف المعارض” موقفًا محاكيًا للموقف التركي.

تصعيد قائم

في 25 من كانون الأول، قصف الجيش التركي مواقع متفرقة في مدينة عين العرب/ كوباني، شرقي محافظة حلب مخلفًا جرحى، استمرارًا لعملية أطلقتها ردًا على مقتل 12 جنديًا تركيًا في العراق، بينما اعتبرت “الإدارة الذاتية” أن هدف الهجمات “ضرب الاستقرار وخلق الفوضى”.

وقالت وكالة “هاوار” الكردية، إن قصفًا تركيًا استهدف مرآبًا للسيارات وشركة في مدينة عين العرب، ما أسفر عن إصابة عاملين، إلى جانب أضرار مادية لحقت بالمنطقة.

وزارة الدفاع التركية، قالت إن عملياتها الجوية في سوريا والعراق أسفرت عن “تحييد” ما لا يقل عن 26 “إرهابيًا”، مشيرة إلى أنها مستمرة بتقييم نتائج العمليات.

وقالت وكالة “الأناضول” التركية، أمس الأحد، نقلًا عن مصادر أمنية في جهاز الاستخبارات التركي (لم تسمّها)، إن تركيا “حيّدت”، “إرهابيًا”، سوري الجنسية اسمه باهوز عفرين، وهو قيادي في “العمال الكردستاني” أو “وحدات حماية الشعب” في عين عرب.

وتستخدم السلطات التركية مصطلح “تحييد” للإشارة إلى استسلام أفراد أو قتلهم أو إصابتهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة