بعد قرار إزالة المخالفات

“بازارات” إدلب.. هل “تقطع رزق” أصحاب “البسطات”

camera iconسيدات سوريات أمام إحدى بسطات بيع الألبسة في مدينة إدلب شمال غربي سوريا- 21 من حزيران 2022 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- إدلب

“كان عندي بسطة في سوق الصاغة بمدينة إدلب، أعيش منها أنا وعائلتي”، بهذه الكلمات يعبّر حمود عبد الدايم، وهو صاحب “بسطة”، عن خيبته من فقدان مصدر رزقه، بعد صدور قرار بإزالة جميع “البسطات” من على الأرصفة في المدينة.

في 10 من أيار الماضي، أصدر مجلس مدينة إدلب، التابع لوزارة الإدارة المحلية والخدمات في حكومة “الإنقاذ”، قرارًا يقضي بضرورة قيام أصحاب الأكشاك (البراكيات) و”البسطات”، ضمن مدينة إدلب، بإزالة الإشغالات والمخالفات من الشوارع والأرصفة، حرصًا على حركة مرور المواطنين والسيارات.

وحدد المجلس حينها تاريخ 21 من أيار الماضي كموعد نهائي لتنفيذ القرار، تحت طائلة المساءلة القانونية، واتخاذ جميع الإجراءات بما فيها المصادرة والحجز.

القرار الصادر عن مجلس مدينة إدلب “مجحف بحقي وحق مئات البائعين”، وفق ما اعتبره حمود عبد الدايم (47 عامًا)، “نحن مع تجميل وتنظيم الشوارع والطرقات، ولكن ليس على حساب أرزاق الناس”.

ويطالب أصحاب الأكشاك في المدينة الواقعة شمال غربي سوريا بتجميل إدلب ضمن منهجية تحفظ لهم مصدر رزقهم الوحيد، لا أن تزيد العمليات التنظيمية من سوء وضعهم المعيشي.

“كان على المجلس قبل إصداره هذا القرار، أن يعمل على تأمين بديل مؤقت أو دائم أو مشروع استثماري مؤقت، يوفر للمتضررين من القرار مصدر دخل بديلًا”، قال صاحب “البسطة”، معتبرًا أن قرار المجلس يحتاج إلى إعادة دراسة وتفكير في حلول مؤقتة أو دائمة، منوهًا إلى أنه يوجد الكثير من الساحات في مدينة إدلب يمكن العمل فيها.

وختم حمود عبد الدايم بالتساؤل، “إلى أين سنذهب الآن بعد إزالة البسطات والأكشاك، كنا نعمل كل يوم لنعيش لا أكثر ولا أقل. بالنهاية اسمنا أصحاب بسطات”.

متر طولًا ومتر عرضًا

المتضررون من القرار قدّموا اقتراحات للمجلس تضمّنت تحديد ساحات قابلة للاستثمار في المدينة، وطالبوا المجلس بأن يرأف بحالهم بعد أن انقطعت أرزاقهم.

ومن بين أولئك المتضررين محمد مصطفى (51 عامًا)، وهو مهجر من معرة النعمان، وصف لعنب بلدي الحالة التي يعيشها أصحاب “البسطات” بأنها “حالة حرب”، لأن الكثير من العائلات “تعاني الفقر وقلة الدخل المادي، ولا نملك إلا هذه المساحة لوضع بسطتنا عليها”.

وتبلغ مساحة “البسطة” الواحدة مترًا واحدًا عرضًا، ومترًا طولًا، و”عندما تأتي سيارة وتتوقف مكان البسطة تأخذ مساحة أربعة أمتار بمترين، ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة البسطة الواحدة”.

و”أغلب الناس الذين يمتلكون بسطات هم من المهجرين، يعملون من أجل ثمن ربطة الخبز لا أكثر”، وفق تعبير محمد مصطفى.

“بازارات” متنقلة

منذ بداية عام 2021، بدأ مجلس مدينة إدلب حملة لإزالة “البسطات” والأكشاك (البراكيات) من شوارع المدينة، وتأمين أسواق بديلة، الأمر الذي أثار استياء أصحاب تلك “البسطات” والأكشاك.

بحسب ما ذكره المجلس، فإن قرار إزالة المخالفات من على الأرصفة والطرق العامة، جاء لتسهيل الحركة أمام المواطنين والسيارات، على أن يتم تأمين بدائل من خلال افتتاح أسواق شعبية (بازارات) متنقلة في أماكن مختلفة من مدينة إدلب خلال أيام الأسبوع.

وبحسب ما قاله أصحاب “بسطات” في استطلاع رأي أجرته عنب بلدي، فإن موقع “البسطات” ثابت ومعروف، وهذا أسهل على الزبائن للوصول إليها، بينما “البازارات” ستكون متنقلة، وأماكنها بين الأحياء وغير معروفة، وبأوقات محددة فقط.

إزالة المخالفات مستمرة

مدير العلاقات العامة في مجلس مدينة إدلب، فراس علوش، قال لعنب بلدي، إن المجلس، بالتعاون مع إدارة المنطقة ووزارة الداخلية ووزارة التنمية، يواصل العمل على إزالة الإشغالات والمخالفات على الأرصفة الموجودة في شوارع المدينة.

بحسب ما ذكره علوش، وردت العديد من الشكاوى من قبل المواطنين بعدم قدرتهم على السير والحركة على الأرصفة، لافتًا إلى أن إشغال الأرصفة يعتبر مخالفًا، ولا يجوز ولا يُسمح به بأي مدينة في العالم.

علوش قال إن المجلس عمل على تأمين البديل لأصحاب “البسطات”، “قمنا بتأمين بازارات يومية في أحياء مدينة إدلب المختلفة، حيث يمكن لأصحاب البسطات ممارسة عملهم بشكل يومي وكسب رزقهم”.

وأضاف علوش أن عمل أصحاب “البسطات” في “البازارات” الموجودة بالأحياء المختلفة سيزيد من دخلهم، وذلك كون تلك “البازارات” تشهد ازدحامًا أكثر من الشوارع حيث كانت تنتشر “البسطات”.

أما عن الأسواق البديلة للأكشاك، فقال علوش، “نعمل حاليًا بعد بناء سوق ساحة الحسين في أحد أحياء المدينة على تجميله وتوسعته، وتأمين أماكن لاستراحة الزبائن الذين يتوافدون لهذا السوق”.

في 20 من نيسان الماضي، وثّق تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) تضاعف الحاجة إلى دعم شمال غربي سوريا.

ووفقًا للتقرير، يعيش خُمس النازحين في شمالي حلب وحوالي 28% في محافظة إدلب بشكل حرج تحت سلة الإنفاق الأدنى للبقاء، من المواد الغذائية وغير الغذائية الأساسية.

وبلغ عدد السوريين المحتاجين إلى مساعدة إنسانية نحو 14 مليونًا و600 شخص، بعد أن بلغ 13 مليونًا و400 ألف خلال 2021، وفق تقرير الأمم المتحدة الصادر في 23 من شباط الماضي.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قدّم، في 12 من كانون الثاني الماضي، تقريرًا يؤكد أن 90% من السوريين تحت خط الفقر، بينما يعاني 60% منهم “انعدام الأمن الغذائي”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة