tag icon ع ع ع

عنب بلدي ــ العدد 124 ـ الأحد 6/7/2014

مسجدعلاء شربجي – عنب بلدي

مع استمرار المعارك في سوريا بين قوات الأسد ومقاتلي المعارضة من جهة، وبين المعارضة وتنظيم «الدولة» من جهة ثانية، تدفع دور العبادة، من مساجد وكنائس، الثمن دمارًا وخرابًا جراء الصراع.
ففي تموز الماضي أصدرت الشبكة السورية لحقوق الانسان تقريرًا يشمل كافة المحافظات السورية، موثقًا الدمار الذي أصاب المساجد على خلفية «القصف العشوائي والمتعمّد» من قبل قوات الأسد، وقد وثق التقرير إصابة 1451 مسجدًا ما بين تدمير كامل وجزئي، ثم تلاه تقرير آخر من الشبكة في شهر أيلول يوثق تضرر 33 كنسية.

  • المساجد أهداف للأسد

دخلت قوات الأسد بداية الثورة السورية مدينة درعا، وقامت باقتحام وتخريب محتوى مسجد العمري كما ورد من ناشطين آنذاك، لكن الإعلام الرسمي للنظام نفى تلك «الاتهامات» الموجهة للجيش، وقال عضو مجلس الشعب شريف شحادة، في لقاء مع قناة الجزيرة حينها، إن قوات الأمن والجيش كانت تبحث عن «المسلحين» الذين فرّوا إليه، «ومن الاستحالة أن تقوم عناصر الأمن بأي تصرف يسيء حرمة المساجد»، لكن المقاطع التي بثها ناشطون تظهر عكس ما قاله شحادة وتوضح إطلاق الرصاص على المسجد من قبل قوات الأمن ودخولهم إليه بأحذيتهم.
رهف ناشطة من درعا، أفادت عنب بلدي بأن مقاتلي الأسد «عبثوا بكل محتويات المسجد وبعثروا المصاحف، بالإضافة الى اعتقال المصلين»، وبعدها (في شهر تموز 2013 تحديدًا) استهدفت قوات الأسد المسجد بقذائف الدبابات ودمرت مئذنته بالكامل.
العمري، لم يكن المسجد الوحيد الذي اقتحم وخرب محتواه، بل تكرر التصرف في كل منطقة تدخلها قوات الأسد، ووصلت تجاوزاتها إلى حد الاستهزاء بالمساجد وكتابة عبارات «كفر وإثارة الفتن الطائفية” على جدرانها كما تظهر العديد من الصور والتسجيلات.
وفي حمص تأثر مسجد خالد بن الوليد، رمز المدينة والتي تلقب باسمه، بشكل كبير جراء قصف قوات الأسد ومحاولتها اقتحام حي الخالدية العام الماضي، وفي حلب سقطت مئذنة المسجد الأموي الكبير، وهو من أبرز المعالم في المدينة، جراء قصف لقوات الأسد، وقد اضطرت قوات المعارضة لنقل منبره وأجزاء أثرية إلى «مكان آمن».

  • «حماية الأقليات»

بدوره لجأ النظام بشكل متكرر عبر منابره وممثليه في المحافل الدولية إلى توجيه خطاب يدّعي فيه أنه «حامي الأقليات» ويدافع عنهم ضد «العصابات الإرهابية والتكفيرية»، لكن الواقع يبرهن عكس ذلك، ويقول حسام 27 عامًا، ناشط سوري من اللاذقية، أن النظام وجه صواريخه إلى المساجد، لأنها كانت مكانًا لتجمّع الثوار ونقطة انطلاق للمظاهرات، معتبرًا أن «اقتحام المساجد والكنائس وحرقها أو تدميرها، يعود إلى مرض نفسي يحمل طابعًا طائفيًا من جنود النظام».
وعن حماية النظام للأقليات قال حسام «إنها رواية كاذبة روجها النظام، ولوّح بها»، وأشار حسام إلى موقف الجيش الحر من الأقليات بالقول «الحر لم يحرق الكنائس أو المعابد بل العكس، حمى إخوتنا المسيحيين في معلولا بريف دمشق أثناء سيطرته عليها، ولم يعبث بكنائسها ومحتواها، بالإضافة لحماية الراهبات اللاتي كنّ داخل المدينة».

  • الكنائس تحت أحكام داعش

توافقت غايات النظام السوري مع تشريعات داعش، إذ «يقصف النظام المساجد ويدمر المآذن»، بينما «تحرق داعش الكنائس وتحطم الصليب».
حيث قامت دولة العراق والشام، بالتعدي على حرمة الكنائس واستبدلت الصلبان والأجراس بالرايات السوداء.
عمر الهويدي، 35 عامًا من الرقة، يقول إن «الدولة» حرقت كنيسة السيدة البشارة للروم الكاثوليك، وحطمت التماثيل التي بداخل كنسية الشهداء أيضًا، وحولتها إلى مكتب دعوي تابع لها.
إثر ذلك، خرج أهالي الرقة في مناطق مختلفة تنديدًا بالتعدي على الكنيستين من قبل داعش، لكن الأخيرة ردت على التظاهرات بكسر صلبان الكنائس، وتهديد الأهالي ووصفهم «بالكفرة المرتدين».

  • الجيش الحر ضحية بين أفعال النظام وداعش

رغم الاتهامات الطائفية التي وجهها النظام للثورة، لم تشهد المناطق التي يسيطر عليها الحر وكتائب المعارضة الإسلامية (المعتدلة)، تعدّيًا على دور العبادة بمختلف انتماءاتها.
مجد، أحد الإعلاميين العسكريين في داريا، يقول إن في المدينة كنيسة للروم الأرثوذوكس وكنسية للروم الكاثوليك، والاثنتين في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة منذ تشرين الثاني 2012، بالإضافة إلى مقام السيدة سكينة (للطائفة الشيعية) والتي كان موقعها بالقرب من جبهة شبه يومية لأشهر طويلة.
وأوضح مجد أن الحر لم يتعدّ على دور العبادة للطوائف الأخرى، بل استهدفت هذه الدور من قبل قوات الأسد بمختلف أنواع الأسلحة، وقد وثق ذلك بعدد من التسجيلات نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

  • حماية الأماكن المقدسة

أدانت عدة تقارير دولية ما تتعرض له دور العبادة والمنشآت الدينية، حيث دعت الولايات المتحدة إلى عدم تدنيس الأماكن المقدسة، فيما قالت الخارجية البريطانية إن «النظام هو المسؤول الأول عن هذا الدمار».
لكن ناشطين معارضين يعتبرون حماية تلك الدور غير ممكن حاليًا، في ظل قصف عشوائي لا يفرق بين البشر والأماكن المقدسة، لذا يجب على جميع الجهات المختصة العمل على توثيق حقيقة ما جرى، وعدم ضياع البوصلة حول المسبب في خراب تلك الأماكن ذات التاريخ العريق.

مقالات متعلقة