ذكريات الزلزال من جنديرس.. أيام أشبه بـ”القيامة”

رسومات جرافيتي فوق ركام الأبنية الذي دمرها الزلزال في مدينة جنديرس بريف حلب - 24شباط 2023 (عنب بلدي/ أمير خربطلي)

camera iconرسومات جرافيتي فوق ركام الأبنية الذي دمرها الزلزال في مدينة جنديرس بريف حلب - 24شباط 2023 (عنب بلدي/ أمير خربطلي)

tag icon ع ع ع

عادت هواجس الخوف والحزن تراود شاكر، مع قدوم الذكرى الأولى للزلزال، وفي ليلة شببها بـ”يوم القيامة”، تلعثم بكلامه، وبدت عليه علامات الحزن والانكسار، بعد أن فقد عددًا من أفراد أسرته، إثر  “زلزال 6 شباط” 2023 في جنديرس شمال غربي حلب.

شاكر عجاج، شاب ثلاثيني من مهجر جنوبي حلب، كان يسكن في مدينة جنديرس، التي ارتبط اسمها بالزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية، وباتت تُلقب منذ “كارثة القرن” بجنديرس المنكوبة.

“أشبه بالقيامة”

قال شاكر لعنب بلدي، إنه لن ينسى تلك الليلة المرعبة، ولم تغب عن باله طيلة الأيام الماضية، فآثار الأنقاض والبيوت التي تدمرت وصور الأصدقاء والأقارب الضحايا، وأصوات الأطفال الخائفين، تذكره دومًا بالمأساة.

وأضاف أنه كان في منزله “العربي” على أطراف جنديرس الغربية، وعند حدوث الزلزال هرع كالمجنون للخارج، وذهب بسرعة للاطمئنان على عائلة أخيه الذي يسكن الطابق الرابع وسط مدينة جنديرس، وهنا رأى “الكارثة الكبرى، وكأنه هول من أهوال يوم القيامة”.

عند وصول عجاج وجد البناية التي يسكن فيها شقيقه مدمّرة، حيث كان يسكن فيها 36 شخصًا، نجا منهم عشرة أشخاص فقط، وتوفيت عائلة أخيه الذي نجا ولم يستطع أن يفعل شيئًا، وتوفيت ابنته وهو يشاهدها تحت الأنقاض ولم يستطع إنقاذها.

باع شاكر منزله العربي، ويعيش حاليًا مع من نجا من أقربائه في مخيم “الجبل”، الذي أنشؤوه بعد تهدم أغلب منازلهم في جنديرس، ويعيشون على المساعدات الإنسانية الشحيحة، على حد قوله.

رجل يزيل ركام منزل في مدينة جنديرس شمال غربي سوريا - 6 من شباط 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

رجل يزيل ركام منزل في مدينة جنديرس شمال غربي سوريا – 6 من شباط 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

جنديرس لم تتعافَ

حال زكاء ضاهر، من أهالي مدينة جنديرس مشابه لحال شاكر، فهي فقدت ثلاثة أفراد من عائلتها، وعشرات الأصدقاء والجيران والمعارف.

وقالت زكاء لعنب بلدي، إن آثار الزلزال لا تزال حاضرة في الذاكرة وفي الواقع، فحالات ترميم بعض المنازل والمحال التجارية التي تضررت جزئيًا، لم تفلح بإزالة حجم الدمار الكبير.

وعن الوضع الإغاثي قالت زكاء إنه سيء جدًا، لافتة إلى أن كثيرًا ممن تدمرت منازلهم ما زالوا يسكنون في المخيمات التي نشأت بعد الزلزال، مضيفة أن بعض المنظمات الإنسانية بدأت بتقديم منح وقروض كمساعدات للمتضررين.

وأنهت زكاء حديثها بأن مدينة جنديرس لم تتعافى بعد من أضرار الزلزال، وأن الأيتام والأرامل كثيرون في المدينة، وزاد انتشار الفقر والعوز، نتيجة تضرر مصالح الكثيرين.

وبحسب مجلس جنديرس الإعلامي، فإن المدينة قد تغيرت ملامحها بالكامل بعد الزلزال، وأسفر عن 1354 حالة وفاة، و تهدّم 489 بناء بشكل كامل، وتضرر 2529 بناء بشكل جزئي، وتهدم وتضرر 24 مدرسة، وتضرر تسعة مساجد.

وشهدت جنديرس وجود عشرات الجثث مجهولة الهوية جراء الزلزال، ونقلت حينها إلى ثلاجات حفظ الموتى بشكل أولي، وبعد امتلاء الثلاجات نُقلت الجثث إلى محيط مستشفى “عفرين العسكري”، حيث تراكمت عشرات الجثث، قبل دفنها في المقبرة.

جثث الضحايا في منطقة جنديرس نتيجة الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا - 7شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

جثث الضحايا في منطقة جنديرس نتيجة الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا – 7شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

الاحتياجات موجودة

وصف الناشط الإعلامي المقيم في مدينة جنديرس حسين الحسين، وضع المدينة الحالي، بأن هناك استفاقة من مأساة الزلزال، وأن السكان عادوا لممارسة حياتهم الطبيعية.

وقال لعنب بلدي إن الألم موجود وملامح الحزن واضحة لكن الحياة مستمرة، مضيفًا أن الواقع التعليمي غير جيد في المدينة، ورغم افتتاح مدرسة جديدة كانت مقررة قبل الزلزال، إلا أن أكبر مدارس المدينة وهي مدرسة “خالد بن الوليد” وتستوعب 3000 طالب، مغلقة بسبب الأضرار.

وأضاف أن معظم الطلاب الذين كانوا يدرسون فيها، اتجهوا إلى المدارس التي افتتحت في المخيمات المجاورة للمدينة، لافتًا إلى وجود أكثر من أربع منظمات تعمل في الترميم، ولكن حجم الحاجة أكبر، وهناك ضغط كبير بالعمل وبطء كثير، وينتظر الشخص وقتًا لكي يأتي دوره في ترميم منزله.

وهناك تركيز في جنديرس من ناحية تعبيد الطرقات، وإزالة الأنقاض بشكل كامل من المدينة، لكن من يعرف المدينة يشعر بوجود الفراغ الكبير، كما عادت الأسواق لحركتها الطبيعية، وكذلك الزراعات، فيما تعتبر الحركة الصناعية ضعيفة في المنطقة.

وأسفر الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية في 6 من شباط 2023، عن تسجيل أكثر من 4500 حالة وفاة وأكثر من 10400 إصابة في شمال غربي سوريا، وشرّد أكثر من 57 ألف عائلة بعد أن تأثرت به ما لا يقل عن 148 مدينة وبلدة، ودمّر أكثر من 1869 بناء بالكامل، ولحقت أضرار جزئية بأكثر من 8731 مبنى.

وفي مناطق سيطرة النظام السوري، تسبب الزلزال بوفاة 1414 شخصًا في محافظات حماة وحلب واللاذقية، وفي تركيا مات أكثر من 56 ألف شخص وأصيب نحو 100 ألف آخرين بجروح، وفقد ملايين الأشخاص منازلهم إثر الزلزال.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة