زعيتر ودقو.. روابط “الكبتاجون” السوري في لبنان

camera iconتاجرا المخدرات حسن دقو ونوح زعيتر - (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

لم يكن غريبًا ظهور اسمين مشهورين بتجارة المخدرات في لبنان على قوائم العقوبات الأمريكية والبريطانية، وكان من المنطقي ارتباط اسميهما بتورطهما مع النظام السوري، المصدر الأول لـ”الكبتاجون”.

وظهرت عدة صور لنوح زعيتر تجمعه مع عناصر الفرقة الرابعة المتهمة بإنتاج وتصدير المادة المخدرة، كما أن حسن دقو السوري- اللبناني، صاحب تجارة المخدرات على الحدود السورية- اللبنانية، له علاقات وثيقة مع “حزب الله” حليف النظام.

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية والحكومة البريطانية، في 28 من آذار الحالي، عقوبات على شخصيات وشركات لبنانية لدورها في تهريب وإنتاج المخدرات بالاشتراك مع النظام، هم نوح زعيتر وحسن دقو وشركاته.

ويعد زعيتر تاجر أسلحة معروف، ومهرب مخدرات، وهو مطلوب حاليًا من قبل السلطات اللبنانية بتهمة تهريب المخدرات، لكن أنشطته غير المشروعة المتعلقة بسوريا تجري تحت حماية “الفرقة الرابعة”، بحسب بيان وزارة الخزانة.

وتم إدراج زعيتر على لائحة العقوبات لتقديمه المساعدة المادية لدعم “حزب الله”، أو رعايته، أو توفير الدعم المالي أو المادي أو الفني أو السلع أو الخدمات له، حسب البيان.

أما حسن محمد دقو، فتطلق عليه وسائل الإعلام لقب “ملك الكبتاجون”، بعد ربطه بعدة عمليات تهريب للمخدرات منفذة من قبل “الفرقة الرابعة”، وبغطاء من “حزب الله”.

وعلى الرغم من القبض عليه في لبنان عام 2021، بتهم تهريب المخدرات المرتبطة بشحنة ضخمة من “الكبتاجون” أوقفت في ماليزيا قبل وصولها إلى السعودية، سهل المنتسبون لـ”حزب الله” قدرة دقو على الاستمرار في إدارة أعماله خلال وجوده في السجن، وفق وزارة الخزانة.

ومن ناحية الشركات، أضيفت شركتا “حسن دقو” للتجارة، و”الإسراء” للاستيراد والتصدير، المسجلتان باسم دقو في منطقة وادي البقاع بلبنان لقائمة العقوبات، لكونهما مملوكتين أو خاضعتين لسيطرة أو إدارة دقو بشكل مباشر أو غير مباشر.

زعيتر والأسد.. تعاون موثق بين المعاقبين

حاز زعيتر على شهرة واسعة جراء تداول اسمه وصورته منذ التسعينات في وسائل الإعلام اللبنانية، وبات منذ عام 2007 الأكثر ظهورًا بين تجار المخدرات اللبنانية في الوثائقيات التي تتحدث عن هذا القطاع والخروج عن القانون في منطقة شرقي لبنان.

نوح زعيتر تاجر المخدرات، من مواليد 1977 في قرية تعلبايا التابعة لزحلة اللبنانية، درس لمدة سنة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وفي عام 1991 هرب إلى سويسرا وعاش هناك ثلاثة سنوات كلاجئ.

عاد إلى لبنان عام 1995 وعمل برفقة تاجر المخدرات اللبناني، جوي شبيعة، حتى استقل ولجأ إلى قرية الكنيسة بالبقاع، حيث عمل في تجارة المخدرات وبنى امبراطوريته، وهو مطلوب حاليًا للأمن اللبناني و”الإنتربول”.

يتزعم زعيتر ميليشيا مسلحة مكونة من عشيرة زعيتر في البقاع اللبنانية، كما ظهرت مقاطع مصورة له يقاتل إلى جانب “حزب الله” في سوريا عام 2015.

وبالرغم من جميع مذكرات البحث والتحري والتوقيف الصادرة بحق زعيتر، لم يتم القبض عليه، حيث يتنقل بين لبنان وسوريا عبر الحدود، لكن الجيش اللبناني أوقف ابنه مهدي إلى جانب آخرين من العائلة في كمين بالبقاع الشمالي شرقي لبنان، الأسبوع الماضي، قادمًا من سوريا عبر “مسالك غير شرعية”.

وردًا على العقوبات الغربية الصادرة بحقه مؤخرًا قال زعيتر في بيان، “لم نتفاجأ بالقرار الجائر الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية التي تتطاول باستمرار على السيادة اللبنانية وتجاهد لإرضاء العدو الاسرائيلي، إذ نؤكد على كذب وافتراء النظام الأمريكي علينا، نرى أن هذا القرار وسام شرف يضاف الى الأحرار المقاومين”.

وظهر تاجر المخدرات اللبناني في سوريا عدة مرات موثقة بالصور ومقاطع مصورة، كان أبرزها ما جمعه مع وسيم الأسد، ابن عم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والمعاقب في ذات اللائحة الأمريكية- البريطانية لعلاقته بانتاج وتصدير المخدرات.

وكان موجود أيضًا في الصورة التي نشرها وسيم مطلع العام الحالي، على صفحته في “الفيس بوك” ثم حذفها لاحقًا، عناصر من الفرقة الرابعة المسؤولة عن انتاج وتوزيع “الكبتاجون”، ولم تكن هذه الصورة الأولى التي تشهد على لقائهما، بل نشرت صور سابقة أيضًا لهما في مناسبات عديدة.

وتشير هذه الصور إلى صفقات المخدرات القادمة من مناطق “حزب الله” إلى سوريا، وذلك استنادًا إلى نفوذ وسيم، المقرب من الفرقة الرابعة، علاوة على كونه صاحب “شركة أسد الساحل”، للاستيراد والتصدير، وبحسب تحقيق لعنب بلدي في 2021، تمر قوافل مخدرات من لبنان إلى جنوبي سوريا وصولًا لتهريبها للأردن تابعة لزعيتر.

“ملك الكبتاجون” مصدر لـ “امبراطور” المخدرات

بدأ التداول باسم حسن دقو في عام 2018 بعد إشاعات بأن تاجر المخدرات نال على الجنسية اللبنانية، لكنه حصل عليه بموجب حكم قضائي صدر عام 2019 بسبب أصوله اللبنانية.

وتطلق وسائل الإعلام اللبنانية لقب “ملك الكبتاجون” على دقو المتهم بإدارة إمبراطورية يتاجر عبرها بالحبوب المخدرة من منطقة البقاع في شرقي لبنان.

وانتشر هذا اللقب بعد ثبوت تورطه بمحاولة تهريب مليون حبة “كبتاجون” إلى السعودية، انطلقت من مرفأ “اللاذقية” في سوريا، وعُثِرَ حينها في هاتف دقو على صورة لبوليصة الشحنة المضبوطة في ماليزيا، حسب صحيفة “الأخبار” اللبنانية.

وبحسب ما ذكرته صحيفة “الشرق الأوسط“، حصل تواصل بين السلطات الأمنية السعودية وقوى الأمن الداخلي في لبنان، التي تحركت إثرها شعبة المعلومات، حيث أوقف في مبنى قوى الأمن.

وأصدرت محكمة الجنايات في بيروت في كانون الأول 2022، حكمًا بالسجن سبع سنوات مع الأشغال الشاقة في حق حسن دقو، وإدانته بجرم تصنيع مادة “الكبتاجون” المخدرة وتهريبها إلى الخارج.

وكانت تلك أول إدانة لتاجر “كبتاجون” بارز على هذا المستوى في لبنان، وكان يخفي أنشطته في بعض الأعمال التجارية بينها معمل مبيدات زراعية في الأردن وشركة سيارات في سوريا وأسطول صهاريج.

يملك دقو مصانع في الأردن وسوريا وشركة إنشاءات، وبدأ حياته العملية في الأردن، بافتتاحه معملًا لتصنيع المواد الأولية لمواد التنظيف، ليبدأ من خلاله استيراد المواد الأولية لصناعة المواد المخدرة، حسب صحيفة “الأخبار“.

وبحسب ذات الصحيفة، تمكن دقو من التقرب لرؤساء ونواب ووزراء، حاليين وسابقين، وقضاة في لبنان وسوريا، كما تمكن من التقرب من نواب في “حزب الله”، ومنهم عضو “كتلة الوفاء للمقاومة”، النائب إبراهيم الموسوي.

وكان المسؤولون اللبنانيون يتعاملون معه كأنه “رجل أعمال”، إذ له صور مع عدة مسؤولين أبرزهم رئيس الوزراء السابق، سعد الحريري، وشخصيات من “حزب الله”.

ويعد النظام السوري المصدر الأبرز “للكبتاجون”، وعبر ميليشياته وأدواته أصبح مصدرًا أساسيًا لشبكة تمتد إلى لبنان والعراق ودول الخليج، وصولًا إلى دول وأوروبية.

ونشرت صحف غربية عدة تقارير عن هذه التجارة التي يديرها النظام، ومنها تحقيق لصحيفة “دير شبيغل” الألمانية، حمل عنوان “سوريا: تهريب المخدرات بإشراف من نظام بشار الأسد” في حزيران 2022، جاء فيه أن رموز النظام متورطون في تجارة المخدرات التي تصب في الخليج وأوروبا بعوائد وصلت إلى 5.7 مليارات دولار عام 2021 وحده.

وهو ما ذهب إليه تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، مشيرًا إلى أن تجارة مخدرات غير قانونية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات يديرها شركاء أقوياء وأقارب لبشار الأسد، وقد حوّلت البلاد إلى أحدث دولة تعتمد على التجارة غير الشرعية للمخدرات في العالم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة