زيارة آكار و”حين غرة” أردوغان.. هل تفصل تركيا “حزب العمال” في العراق عن سوريا

camera iconوزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس هيئة الأركان العامة، يسار جولر وقائد القوات البرية - 24 كانون االثاني 2021 (الأناضول)

tag icon ع ع ع

في 18 من كانون الثاني الحالي، أجرى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار زيارة إلى العاصمة العراقية بغداد، وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، والتقى أكار بمسؤولي الإدارة المركزية والإقليم.

وتخلل الزيارة تصريحات من قبل رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، ورئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان برزاني، حول رفضهما أي تهديد لتركيا من الأراضي العراقية.

وفي 22 من كانون الثاني الحالي، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن “العمليات لا يمكن تنفيذها بالإعلان عنها، لدي عبارة أقولها دائمًا، قد نأتي على حين غرة ذات ليلة، هذه هي خلاصة الأمر”.

وجاء كلامه خلال تصريحات صحفية بعد زيارة أكار للعراق، لافتًا إلى أن وزير دفاعه أكد بعد زيارة العراق استعداد بلاده لتقديم الدعم اللازم لطرد المسلحين من سنجار، في حال طلبت الحكومة العراقية القيام بذلك.

ويتحصن “حزب العمال الكردستاني” (PKK) صاحب التهديد الأكبر على “الأمن القومي التركي”، في جبل قنديل أحد جبال زاغروس بالقرب من الحدود الإيرانية والتركية شمالي العراق، ومنطقة سنجار (شنغال) التابعة لمحافظة نينوى شمال غربي العراق.

واتخذ الحزب هذه المنطقة منذ الثمانينيات قاعدة خلفية له في صراعه الممتد بشكل خاص مع تركيا.

ويصنف “العمال الكردستاني” على لوائح الإرهاب في تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا والاتحاد الأوروبي ودول عربية.

محاولة تركيا لقطع الارتباط بين “العمال” و”الوحدات الكردية”

تعتبر “وحدات حماية الشعب” (YPG) الذراع العسكرية لحزب “الاتحاد الديمقراطي الكردستاني” (PYD).

وتشكل “الوحدات” عماد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، الذراع العسكرية لـ”الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا.

وتتهم تركيا “الوحدات” بأنها امتداد لـ”حزب العمال الكردستاني” (PKK)، وهو ما أقر به قائد “قوات سوريا الديمقراطية”، مظلوم عبدي، الذي تحدث عن وجود آلاف من مقاتلي الحزب في سوريا، قتل منهم أربعة آلاف، وسط محاولات لانسحابهم تدريجيًا.

وأوضح الأستاذ والباحث في العلاقات الدولية، عمر عبد الستار، أنه من المفيد لتركيا ابتعاد “قسد” عن “العمال الكردستاني”، الذي يشكل الخط الخلفي لها وذلك بوجوده في الأراضي العراقية.

وتريد تركيا قطع الطريق بين “قسد” الموجودة في المثلث الحدودي بين سوريا وتركيا والعراق، وخطوطها الخلفية في العراق وتركيا، وتعد أنقرة الحد من التفاعل مع القوات حماية لأمنها القومي، خاصة مع إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، التي من المتوقع أن تزيد دعمها للمقاتلين الكرد في المنطقة، حسب الأستاذ عمر عبد الستار.

خريطة النفوذ على الحدود السورية العراقية حيث يظهر اللون الأصفر نفوذ القوات الكردية على جانبي الحدود - 24 من كانون الثاني 2020 (تعديل عنب بلدي/livemap)

خريطة النفوذ على الحدود السورية العراقية حيث يظهر اللون الأصفر نفوذ القوات الكردية على جانبي الحدود – 24 من كانون الثاني 2020 (تعديل عنب بلدي/livemap)

ويمكن أن يجري مستقبلًا تعامل بين “قسد” وتركيا على غرار الوضع الحالي بين إقليم كردستان العراق وتركيا، إذ كانت تركيا ترفض في السابق “كردستان العراق” لكن اليوم تجمع الطرفين علاقات جيدة.

ورجح عمر عبد الستار، أن تحاول تركيا قطع ارتباط “العمال الكردستاني” بـ”الوحدات” في سوريا (أي قسد)، وهذا يمكن أن يؤدي إلى لقاء بين “قسد” وأنقرة، لكنه تحد يحتاج رعاية دولية، لأن الجانبين حلفاء للولايات المتحدة، حسب تعبيره.

السياسة تصب في هذه الرؤية

وكان أكار اجتمع في زيارته الأخيرة إلى العراق مع نظيره العراقي جمعة عناد، والكاظمي، والرئيس العرقي برهم صالح، ووزير الداخلية عثمان علي فرهود الغانمي.

وقال أكار في لقائه مع برزاني إن “هدف بلاده دحر منظمة (PKK الإرهابية)، والعيش مع جيرانها بأمان”.

وذكر قائد “قسد”، مظلوم عبدي، في مقابلة نشرها تلفزيون “روناهي”، في 4 من كانون الأول الماضي، أن أربعة آلاف مقاتل من” PKK”  قُتلوا في سوريا، خلال مشاركتهم في المعارك، مشيرًا إلى أن طلب الدعم من “PKK ” أمر طبيعي، ويمكن طلبه مستقبلًا في حال تعرضهم لهجوم من أي قوة.

لكن عبدي أعلن في 10 من تشرين الثاني 2020، عن استعداده لإجراء محادثات سلام مع تركيا دون أي شروط مسبقة، مشيرًا إلى أنه قد يفكر في التوسط بين تركيا وحزب “العمال الكردستاني”، بعد حل المشاكل مع تركيا.

وكان عبدي أقر بوجود مقاتلين تابعين لحزب “العمال الكردستاني” في سوريا، في مقابلة أجراها مع منظمة “مجموعة الأزمات الدولية”، منتصف أيلول 2020.

وتحدث عبدي في المقابلة عن وجود دور لشخصيات غير سورية مدربة من قبل حزب “العمال الكردستاني” في شمال شرقي سوريا بشكل واضح، واضعًا إياها بشكل مباشر في سياق الضرورات الميدانية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.

آراء متفاوتة لباحثين

استبعد الباحث في مركز “الشرق”، سعد الشارع، في حديث لعنب بلدي، في ملف ناقشت فيه الخيارات أمام “قسد”، في التعامل مع “العمال الكردستاني”، أن يكون فك الارتباط من الناحية العملية منطقيًا، معللًا ذلك بأن من يقود “تقريبًا” منطقة شرق الفرات هم من يسمون بـ”الكادرو” أي كوادر حزب “العمال الكردستاني”.

ووصل “الكادرو” إلى المنطقة من جبل قنديل، وهم المتحكمون الأساسيون في قرار حزب “الاتحاد الديمقراطي” و”الإدارة الذاتية” و”قسد” وحتى قوات “أسايش” (الأمن الداخلي).

ويرى الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، في حديثه إلى عنب بلدي، أنّ حزب “العمال الكردستاني” تعرّض لانقسام جديد في صفوفه، إذ نشأ تيار ضمن “الاتحاد الديمقراطي” وأجهزته، يحمل توجهات محلية سورية فرضتها ظروف النزاع، يدعو إلى الحفاظ على امتيازات القوة والثروة بعيدًا عن احتكار كوادر “العمال الكردستاني” لها على مدار سنوات.

وأضاف الباحث أن التعاون الميداني الذي نشأ بين “قسد” والولايات المتحدة الأمريكية فرض تغييرًا قسريًا على الأيديولوجيا التي تتبناها قيادة “الاتحاد الديمقراطي”، وكانت تقوم على النموذج الاشتراكي الشيوعي، بينما صار الخطاب أكثر مرونة، والسلوك يستجيب إلى النموذج الديمقراطي والرأسمالي للحفاظ على البقاء.

سنجار عقبة تركيا وجسر “العمال الكردستاني” إلى سوريا

الأستاذ والباحث في العلاقات الدولية عمر عبد الستار تساءل عن مدى انعكاس زيارة وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، على اتفاق سنجار بين بغداد وأربيل، وكم تستيطع تركيا أن تتعامل مع هذا الموضوع من خلال تقوية علاقتها بأربيل.

وكانت الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق اتفقتا، في تشرين الأول 2020، على وضع إدارة مشتركة لمنطقة سنجار بالتعاون بينهما، وأن تكون مهمة الأمن للشرطة الاتحادية وإقليم كردستان، بينما تتعاون الحكومتان في تقديم خدمات إعادة إعمال المدينة.

وكانت المنطقة خضعت لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية في 2014، وطرد منها في 2015.

وتتميز منطقة سنجار بموقع استراتيجي لـ”العمال الكردستاني”، إذ يتخذ من جبال المنطقة قاعدة له إضافة إلى جبل قنديل، بسبب طبيعتها الجغرافية الوعرة، التي تبعد عن الحدود التركية على عكس جبل قنديل.

وتعتبر المنطقة نقطة عبور لـ”العمال الكردستاني” إلى سوريا، عبر طرق غير نظامية.

وتركز القوات العراقية جهودها لضبط الحدود مع سوريا في مناطق سيطرة “قسد” في شمال وشرقي سوريا، بسبب تواجد مجموعات “إرهابية”، حسب الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول.

وكان وكيل وزارة “البيشمركة”، سربست لزكين، أعلن في 17 من كانون الأول 2020، بحسب ما نقلته شبكة “رووداو“، عن اشتباكات على الحدود بين “البيشمركة” و”العمال الكردستاني”، في أثناء محاولة مجموعة تابعة لـ”العمال الكردستاني”  الدخول إلى كردستان العراق.

لكن “الوحدات الكردية، نفت مسؤوليتها عن الهجوم، قائلة إن ما حدث لم يكن هجومًا على أي من نقاط تمركز قوات “البيشمركة”، و”ما أثير من تصريحات إعلامية كانت مبالغة كبيرة أعطت للحدث حجمًا أكبر من حقيقته والواقع”.

وأضافت أن “ما جرى لم يتجاوز مسألة سوء تنسيق بين الأجهزة الأمنية على طرفي الحدود، وليس كما رُوّج أنه اعتداء أو تهجم على قوات البيشمركة ونقاط تمركزها”.

ودعا قائد “قسد”، مظلوم عبدي، حينها إلى “إنهاء الهجمات وحل المشكلة بالحوار”.

عمليات متلاحقة تركية منذ 2018

شنت تركيا عملية “غصن الزيتون” في عفرين شمال غربي سوريا عام 2018، أتبعتها بعملية “نبع السلام” شرق الفرات، بدعم من فصائل معارضة سورية، ضد “قسد”، في 2019.

كما شنت عدة عمليات ضد “العمال الكردستاني”، في سلسلة سمتها “مخلب النسر” و”مخلب النمر” عام 2020، دخلت فيها تركيا إلى أراضي كردستان العراق.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة