tag icon ع ع ع

عنب بلدي – روزنة

مر عام آخر من أعوام الحرب السورية، امتلأ بالـ”الهدايا” و”الانتصارات”، وحمل أوجهًا للتقدم وأخرى للتراجع، وما بين هذا وذاك بقي الشعب السوري متحسرًا على ما فات، متشائمًا بالمستقبل.

لكن عام 2019 شمل تغيرات على صعد متنوعة، لم تلتغِ برحيله، وإنما مهدت الطريق لعام 2020 ومحطاته المقبلة.

التقى برنامج “صدى الشارع“، المذاع عبر راديو “روزنة”، مع المحلل السياسي حسام نجار، لمراجعة أحداث العام الماضي والوقوف عند أهم آثاره.

مقايضة الجولان.. والتقسيم السوري

اعترف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، في 25 من آذار 2019، ليواجه باستنكار عالمي لما يعد احتلالًا صريحًا وفق التقييم الأممي.

وتذرعت الولايات المتحدة بضرورة حماية الحدود الإسرائيلية من تبعات الحرب السورية، التي تدخلت فيها أطراف “تزعم المقاومة” من الميليشيات الإيرانية و”حزب الله”، والتي تسعى إسرائيل لإبعادها، حسبما قال المحلل السياسي حسام النجار.

كان التخلي عن الجولان عبارة عن “مقايضة”، حسب رأي المحلل السياسي، بين عدم محاكمة رأس النظام السوري، بشار الأسد، وتسليم ما تريده الولايات المتحدة.

واعتبر نجار أن ادعاء ضرب حركة “المقاومة الإيرانية” وبناء المستوطنات، مثل “مستوطنة ترامب” التي شيدتها إسرائيل شكرًا له في تشرين الأول، و”صفقة القرن” التي ستجهز عام 2020، “تعطي إسرائيل السيطرة على الجولان بكامل مفاصله” وتبين عدم نيتها مغادرته.

وأشار نجار إلى أن تلك السياسة تتوافق مع “تجزيء المجزأ” في سوريا، من تقديم شرق الفرات للكرد ومناطق أخرى للأردن وبريطانيا، في حين سيعتمد النظام على “دغدغة” مشاعر السوريين، عبر مطالبة “غير واقعية” بالجولان والعمل على جعلهم ينسونه عبر التركيز على القنيطرة وتطويرها فقط.

نهاية تنظيم “الدولة”؟

أعلنت القوى الغربية، من الولايات المتحدة وتحالفها الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة”، القضاء عليه منذ آذار 2019، ثم مقتل زعيمه، “أبو بكر البغدادي”، في تشرين الأول 2019.

إلا أن أخبار التنظيم لم تنقطع، وما زالت إصداراته المرئية تصدر كل حين لتعلن عن عملياته في البادية السورية وفي دول مختلفة حول العالم.

“لا يمكن الانتهاء” من التنظيم، حسبما قال المحلل السياسي حسام نجار لـ”صدى الشارع”، إذ إنه “فكرة” وليس كيانًا ملموسًا، فهو قابل “للصناعة” وإعادة التصدير في أي وقت وأي مكان، لخدمة الأغراض الغربية، من السيطرة على مناطق معينة والدخول إليها.

وبالنسبة لسوريا، فإن بقاء التنظيم يخدم المصالح الأمريكية في الحصول على ثروات منطقة شرق الفرات، خاصة مع إعلان الرئيس الأمريكي عن إبقاء عدد من الجنود الأمريكيين “لتأمين النفط” وحفظه من “المستغلين” من تنظيم الدولة والنظام السوري.

ولا تقتصر قضية تنظيم “الدولة” على انتهاء هجماته ووجوده الفعلي، لكنها تمتد إلى قضية مقاتليه السجناء في عشرات المواقع الأمنية في شرق الفرات، التي تضم أكثر من 12 ألف معتقل متهم بالانضمام له، مع احتجاز عائلاتهم في مخيمات تفتقر للتجهيزات الكافية لإبقائهم، وفقًا للتقييمات الأممية.

وكانت الولايات المتحدة و”الإدارة الذاتية” التي تدير تلك المراكز، دعت البلدان المصدرة للمقاتلين الأجانب لاستعادتهم، إلا أنها لم تتلقَّ تجاوبًا، إلا في حالات محدودة، تزايدت بعد بدء العملية التركية على مناطق شرق الفرات في تشرين الأول 2019.

بدأت بعض البلدان باستعادة الأطفال اليتامى لمواطنيها، كما عملت تركيا على إعادة بعض المواطنين المحتجزين إلى بلدانهم التي كانت قد رفضت استعادتهم، وباعتقاد نجار فإن الدول الغربية لن تتحرك بمفردها لاستعادة مواطنيها لتخوفها من تجذر أفكارهم “المتطرفة” وما يمكن أن تمثله من تهديدات لأمنها القومي.

“نبع السلام” والمنطقة “الآمنة”

رضيت تركيا بأقل مما كانت تخطط له لـ”منطقتها الآمنة” في سوريا، التي كان من المفترض أن تمتد بطول 460 وعمق 30 كيلومترًا، لإسكان مليون سوري، حسبما قال المحلل السياسي حسام نجار.

بدأ الحديث عن “المنطقة الآمنة”، التي تمثل “عمقًا استراتيجيًا” يحفظ الأمن التركي من خطر الميليشيات الكردية، قبل ست سنوات، وأعلن الاتفاق على البدء بخطواتها في آب 2019، بين تركيا والولايات المتحدة.

إلا أن “المماطلة” الأمريكية، دفعت بتركيا للتحرك في عملية دعتها “نبع السلام” في 9 من تشرين الأول 2019، لإجلاء القوات الكردية من المنطقة، التي استعانت بدورها بالنظام السوري وحليفته روسيا لحماية مناطقها.

وتوصلت روسيا مع تركيا لاتفاق في 22 من تشرين الأول 2019، أوقف العملية العسكرية مقابل انسحاب الكرد من كامل الشريط الحدودي السوري، ما عدا القامشلي، إلا أن الأتراك نفوا تطبيق القوات الكردية للاتفاق كما يجب.

ويرى المحلل السياسي أن الولايات المتحدة حققت وعودها للكرد في تشكيل “دويلة” في شرقي سوريا، مع إرضائها الأطراف الدولية من تركيا وروسيا ومقاسمتهم المنطقة.

وأضاف نجار أن بعض الدول الأوروبية عبرت عن دعمها للمخططات التركية في بناء البنى التحتية اللازمة لإسكان اللاجئين السوريين في “المنطقة الآمنة”، لأنها أقل تكلفة وجهدًا من استقبالهم في تركيا أو أوروبا، مستبعدًا أن تستقبل تلك المنطقة الأهالي من شمال غربي سوريا المحاصرين بين غارات النظام السوري والحدود التركية الموصدة.

اللجنة الدستورية وإمكانية الحل

وُصفت اللجنة الدستورية بـ”الانتصار” من قبل المعارضة السورية، ودعيت اجتماعاتها بـ”التاريخية” من قبل المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، الذي قدمها كـ”بارقة أمل” للوصول إلى الحل السوري.

إلا أن المحلل السياسي حسام نجار، اعتبر أن المعارضة السورية لا تملك “الخبرة الكافية” للمناورة في المفاوضات مع النظام السوري، الذي أصر وفده على الاتفاق على “المبادئ الأساسية للحوار”، من “نبذ الإرهاب” والتدخل الخارجي في سوريا، قبل البدء بالتفاوض على الدستور.

وبرأي نجار فإن الدستور ليس “المشكلة” الرئيسة في القضية السورية، واستناد اللجنة إلى القرار 2254 “يخالف” ما سبقه من قرارات في “جنيف 2012″، إذ نص على إنشاء هيئة حكم “انتقالي”، تحولت في قرار مجلس الأمن إلى وجود هيئة حكم “مشتركة” من الطرفين “ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء”.

وأشار نجار إلى وجود أربع نقاط خلاف رئيسة بين الوفدين، وهي مدة الحكم الرئاسي، وأحقية بشار الأسد بالترشح في انتخابات عام 2021، وهيكلية الأجهزة الأمنية، وصلاحيات الرئيس.

ونجاح اللجنة وتمكنها من الوصول لانتخابات “حرة ونزيهة”، يصطدم بمعوقات أخرى من إمكانية ضمان مشاركة اللاجئين السوريين في العملية الانتخابية المزمعة، وغياب الكتل والأحزاب المعارضة التي بإمكانها أن تحتشد لمواجهة حزب “البعث” الحاكم في سوريا، “في حال حققت اللجنة غاياتها”، وهو ما شك به نجار.

التصعيد في إدلب وسباق العقوبات

صعد النظام السوري وحليفته روسيا من هجومهما العسكري على مناطق شمال غربي سوريا منذ منتصف كانون الأول 2019، دافعين أكثر من ربع مليون شخص للنزوح من ريف إدلب الجنوبي، بعد تمكنهم من قضم سدس المناطق التي سيطرت عليها الفصائل المعارضة منذ بدء الحملة في شباط 2019، وفقًا لتقديرات فريق “منسقو الاستجابة”.

وربط المحلل السياسي حسام نجار ما بين التصعيد الأخير و”الاستعجال” الروسي والسوري لاستباق فرض قانون العقوبات الأمريكي “قيصر”، الذي أقر في كانون الأول 2019، ليبدأ مفعوله خلال ستة أشهر، في شمل الأجانب الذين يقدمون الدعم العسكري والمالي للنظام السوري.

وأشار نجار إلى أن روسيا تمكنت من دعم حليفها وضمان تقدمه، على عكس تركيا، التي اتفقت معها في اجتماعات “أستانة” على منطقة “خفض التصعيد” في الشمال الغربي دون تطبيق واقعي.

إذ لم يستفد السوريون من نقاط المراقبة التركية على طول حدود المنطقة ولم يسلموا من الغارات الجوية الروسية على مرأى من تركيا، التي لم تعقد أي اتفاقات لتجنيب المناطق الأهلية والمدنية القصف الذي استهدف البنى التحتية، حسب تقييم نجار.

وتسعى روسيا لتقطيع مناطق الشمال الغربي عبر الوصول إلى طرق التجارة الدولية وإدخال المنظمات والمؤسسات السورية النظامية للمنطقة، إلا أن إدلب لن تكرر سيناريو حلب، حسب رأي نجار، كونها تمثل آخر معاقل المعارضة، ومن فيها تجمعوا من أنحاء سوريا “ليرتضوا الشهادة أو النصر”، رغم الضغوط التركية التي يعانونها.

ويعتقد نجار أن هناك قرارًا دوليًا بعدم اجتياح إدلب ووجود توجه للضغط لإيقاف القصف عليها.

أعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة عنب بلدي وراديو روزنة

مقالات متعلقة