رجل في الأخبار..

صباح الأحمد.. الأمير الذي غرّد خارج سرب التطبيع

camera iconوفاة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، 29 أيلول 2020 (AFP)

tag icon ع ع ع

بعد عشرة أيام من توقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ركوب دولة الكويت موجة التطبيع مع إسرائيل، جاء خبر وفاة أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتوفي الصباح، مساء الثلاثاء 29 من أيلول، عن عمر ناهز الـ91 عامًا، وذلك بعد صراعه مع مرض القلب.

وغادر الصباح بلاده، في 23 من تموز الماضي، متوجهًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لاستكمال العلاج الذي بدأه في الكويت، وذلك بناء على نصيحة الطاقم الطبي الأميري.

ونعى الديوان الأميري وأبناء الأسرة الحاكمة للكويت الشيخ الصباح، بعد نحو 14 عامًا من حكمه البلاد.

خبر وفاة أمير الكويت جاء في حين ما زالت أزمة الخليج تعصف بالمنطقة، تزامنًا مع انتهاج دول خليجية سياسة التطبيع مع إسرائيل.

النأي بالنفس عن التطبيع

“لا للتطبيع مع إسرائيل”، أصوات قليلة في العالم العربي رددت هذا الشعار وعبرت من خلاله عن موقفها إزاء قطار التطبيع العربي مع إسرائيل، الذي بدأ أولى محطاته من دولة الإمارات، ليتوقف في محطته الثانية بالبحرين، وسط ترقب لافتتاح محطات عربية إضافية.

وفي 21 من أيلول الحالي، أكدت الكويت موقفها الرافض للتطبيع مع إسرائيل، تزامنًا مع رفض تيارات سياسية كويتية تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن الكويت حول الموضوع.

ونقلت صحيفة “القبس” الكويتية عن مصادر حكومية “رفيعة جدًا” أن رفض التطبيع من قبل الكويت “ثابت ولم يتغير”، مضيفة أن “الكويت تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه كاملة والتوصل إلى حل عادل قائم على مرجعيات السلام وحل الدولتين”.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قالت، إن “الرئيس ترامب عقب لقائه بنجل أمير الكويت، الشيخ ناصر صباح الأحمد الجابر الصباح، قال إن الكويت قد تصبح قريبًا البلد التالي ليطبع علاقاته مع إسرائيل”.

رد فعل الكويت على التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي تمثل بانتقادات كثيرة خرجت من الأوساط الكويتية في عهد الأمير السابق، بالتنديد المباشر، على اعتباره “اتفاقًا ينافي الثوابت”، وباتحاد موقفي الإمارة والشعب برفضهما التطبيع، ودعمهما القضية الفلسطينية.

وتمنع المادة الثالثة من الدستور الكويتي “المواطن أو الوافد المقيم بصورة دائمة أو مؤقتة، وكل شخص طبيعي أو اعتباري في دولة الكويت، من أن يتعاطف أو يشارك أو يطالب بالتعامل أو التطبيع مع إسرائيل ومنظماتها”.

بينما تحظر المادة الرابعة على كل مواطن كويتي أو وافد مقيم إقامة مؤقتة أو دائمة السفر إلى إسرائيل، سواء بجواز السفر أم دونه.

وفي 13 من آب الماضي، أعلنت الإمارات وإسرائيل عن تبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما، وتطبيع العلاقات على الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية، وكذلك على صعيد السياحة والتجارة والبيئة والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة.

ثم أعلن الطرفان عن أول اتفاقية تجارية بينهما وفتح الخطوط الهاتفية، في 16 من آب الماضي.

كما لحقت دولة البحرين الإمارات في التطبيع مع إسرائيل، إذ أعلنت المنامة وواشنطن، في 11 من أيلول الحالي، التوصل إلى اتفاق ثلاثي مع إسرائيل لتطبيع العلاقات بين البحرين وإسرائيل بعد أقل من شهر على خطوة إماراتية مماثلة.

وفي تلك الأثناء، قال مستشار الرئيس الأمريكي، جيرد كوشنير، إن “قادة المنطقة أدركوا أن الوقت حان للمضي قدمًا”، وهم يريدون تغيير مستقبل شعوبهم، مضيفًا أنه من الحتمي أن تطبع كل دول الشرق الأوسط مع إسرائيل.

وعلّق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي عقب إعلان التوقيع، “لقد استغرقنا 29 يومًا للتوصل إلى اتفاق مع البحرين، هذه حقبة جديدة من السلام”، في إشارة إلى المدة الزمنية بين إعلان اتفاقيتي التطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين.

لم ينجرف في تيار الأزمة الخليجية

الأمير الكويتي السابق انتهج في الخلاف الخليجي مع قطر دور الوسيط الفعال، من خلال تأكيد الحاجة إلى الاستقرار، والعلاقات السلمية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وسلامة الهيئة الإقليمية، ومن وجهة نظر الكويت، فإن ما حدث مع قطر يحمل تداعيات على الكويت، بحسب معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”.

ومنذ بداية الأزمة، أعرب الصباح في أكثر من خطاب عن شعوره بـ”المرارة” و”تأثره البالغ” بالتطورات “غير المسبوقة التي يشهدها البيت الخليجي”، ودعا حينها إلى وحدة وتماسك الموقف الخليجي ورأب الصدع بالحوار.

ويعد الأمير الكويتي السابق إحدى الشخصيات الدبلوماسية المتمرسة في المنطقة، فقد أمضى عقودًا كدبلوماسي ووسيط، حول قضايا أساسية مشابهة مع معظم الجهات الفاعلة.

ويعتبر الصباح أمير دولة الكويت الـ15، والخامس بعد الاستقلال عن المملكة المتحدة، وهو أول وزير إعلام في تاريخ دولة الكويت.

موقفه من الثورة السورية

موقف الأمير الكويتي من الثورة السورية كان واضحًا في أكثر من محطة، وكانت إحداها، في نيسان 2019، عندما جددت دولة الكويت (عبر سفيرها منصور العتيبي) تأكيدها على أن لا حل في سوريا سوى الحل السياسي عبر تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وبيان “جنيف” 2012، وأكد حينها على حق الشعب السوري في تحديد طموحاته ومصيره.

كما شاركت دولة الكويت، في ذات العام، إلى جانب بلجيكا وألمانيا، في التقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار واحترام القانون الدولي الإنساني في سوريا، إضافة إلى الإسهام بالضغط على نظام الأسد للإفراج عن المعتقلين.

وقدمت دولة الكويت في عهد الصباح مساعدات إنسانية في عدة مناطق سورية دمرها قصف النظام، وفي مناطق النزوح.

مسيرته

تولى أحمد الصباح السلطة عام 2006، خلفًا للشيخ سعد العبد الله الصباح، الذي وافق على التنازل عن الحكم بعد خلافات داخلية وتردي حالته الصحية، وقيل وقتها إنه كان مصابًا بمرض ألزهايمر ولم يكن بمقدوره أداء القسم، وتوفي عام 2008.

في تشرين الثاني 2007، تبرع أحمد الصباح للقمة الثالثة لمنظمة “أوبك” التي عُقدت في العاصمة السعودية الرياض بمبلغ 150 مليون دولار، لدعم برنامج يموّل البحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي.

وفي أيار 2008، شاركت الكويت في مواجهة الانعكاسات السلبية لأزمة الغذاء العالمية على الدول، فأنشأت صندوق “الحياة الكريمة” وأسهمت بمبلغ 100 مليون دولار.

كما أطلق الأمير الراحل، في كانون الثاني 2009، مبادرة دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في أثناء مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، برأسمال قدره مليارا دولار.

في تموز 2012، أعلن الشيخ الصباح خلال مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي عن تبرع دولة الكويت بتكاليف تجهيز المقر الجديد للمفوضية العامة للاتحاد الإفريقي بجميع مستلزماته، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

في نيسان 2016، أطلقت بلاده مبادرة لاستضافة مباحثات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة، وتدخل الأمير بشكل مباشر لضمان نجاحها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة