عاملات قطاف القطن في الحسكة.. 75 ليرة للكيلو و”الحق عالشاويش”

سيدة تهتم بنبات القطن في مدينة الرقة (هاوار)

camera iconسيدة تهتم بنبات القطن في مدينة الرقة (هاوار)

tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

بعد شروق الشمس بقليل، تتوجه مريم الحسين (21 عامًا) من منزلها الكائن في ريف مدينة تل حميس الجنوبي التابعة لمدينة القامشلي، مع العشرات من نساء المنطقة للعمل في قطاف القطن بأحد الحقول الذي يبعد نحو 50 كيلومترًا عن منزلها.

يستمر العمل من الصباح وحتى قُبيل غروب الشمس، تتخلله استراحة مدتها نحو نصف ساعة فقط لتناول وجبة الغداء.

مريم قالت لعنب بلدي، إن العمل في قطاف القطن متعب ومرهق جدًا، ويسبب لها آلامًا في الظهر، لكنها مضطرة لتساعد والدها الموظف في بلدية المنطقة لتأمين مصروف عائلتهم المكونة من خمسة أفراد، هي أكبرهم.

تتقاضى الشابة عن عملها هذا نحو ستة آلاف ليرة سورية بحسب الكمية التي تستطيع قطافها، إذ تبلغ أجرة قطاف الكيلوغرام الواحد 75 ليرة سورية، وربما تزيد الأجرة على ذلك بالنسبة لغيرها من العاملات اللاتي يقطفن حتى 100 كيلوغرام باليوم، لكنها تعمل بأقصى استطاعتها لتجني هذا المبلغ يوميًا، بحسب ما أضافته.

وترى مريم أن هذه أجرة قليلة جدًا مقابل ما تعانيه من تعب وإرهاق في حقول القطن، “لكنها أفضل من الجلوس في المنزل بكل الأحوال”، بحسب تعبيرها، خصوصًا أن العمل ليس مستمرًا، ومن النادر أن تجد النساء فرصة عمل في الريف.

لكن نجود الحماد (29 عامًا)، من ريف القامشلي الجنوبي، قالت لعنب بلدي، إنها ترى مع شقيقتيها علا (25 عامًا) وعفاف (19عامًا)، أن موسم قطاف القطن “فرصة لتحقيق الدخل، تأتي مرة في العام”.

تجني نجود من خلال هذه الفرصة مع شقيقتيها نحو 20 ألف ليرة سورية يوميًا، وهي أجرة “قليلة بكل الأحوال” في ظل غياب أي مصدر لتحقيق الدخل وتدهور الوضع الاقتصادي، تحديدًا في ريف المنطقة، بحسب ما قالته.

وبالإضافة إلى آلام الظهر التي يسببها قطاف القطن لنجود أيضًا، تعاني مع أختيها بعد نحو شهر من العمل من تشققات وخدوش في اليدين تسببها “جوزة القطن الجافة عند نزع القطن منها”، ما يضطرهن إلى استخدام بعض الكريمات “الغالية الثمن” لتخفيف آثار تلك الخدوش، التي يبقى تأثيرها محدودًا مع عشر ساعات من العمل يوميًا في حقول القطن، وفقًا للشابة.

من يحدد أجرة العمال؟

زرع محمد سليمان (45 عامًا) في العام الحالي سبعة هكتارات بمحصول القطن في منطقة مركدة بريف الحسكة، وقال لعنب بلدي، إن موسم القطن هو “الأسوأ هذه السنة”، جراء قلة الدعم المقدم من قبل النظام السوري و”الإدارة الذاتية”، وارتفاع تكاليف الإنتاج من بذار وأسمدة، وغلاء أسعار صيانة المحركات.

وإلى جانب هذه الأسباب، أوضح محمد أن المزارعين واجهوا صعوبات في أثناء تأمين المحروقات، فمن أصل عشر دفعات من المحروقات التي خُصصت له بموجب رخصة لدى “الإدارة الذاتية”، لم يحصل سوى على ثلاث دفعات بسعر مدعوم، وهو 70 ليرة لليتر الواحد، والباقي اشتراه من السوق السوداء.

وكل ذلك يجعل من “الصعب تحقيق الأرباح” من الموسم الحالي، “وفي أفضل الأحوال تغطية مصاريف الإنتاج فقط دون أي فائدة للمزارع”، بحسب محمد.

وأضاف المزارع أن من يحدد أجرة العاملات في قطاف القطن هو الشخص المسؤول عن “ورشة القطاف”، وهو “الشاويش”.

فكل “شاويش” لديه عدة ورشات، وكل ورشة مؤلفة من 20 إلى 25 عاملة، وهو المسؤول عن تأمين واسطة النقل للعاملات من وإلى الحقل.

والأجرة المتعارف عليها هذا العام تتراوح بين 125 و150 ليرة سورية لكل كيلوغرام قطن تقطفه الورشة، وهي محددة من قبل “الإدارة الذاتية”.

وتأخذ عاملات بعض الورشات 75 ليرة، بينما تأخذ أخريات 100 ليرة عن كل كيلوغرام يقطفنه، ويتقاسم “الشاويش” والسائق الذي يقلّهن الـ50 ليرة المتبقية.

إنتاجية منخفضة

المزارع سليمان اشتكى لعنب بلدي من انخفاض الإنتاجية نتيجة صعوبة تأمين مياه الري، والجفاف الذي طال المنطقة، وإصابة بعض الحقول بـ”دودة القطن الشوكية”.

وعبّر الرجل عن عدم رضاه عن السعر المحدد للكيلو في العام الحالي، مقارنة مع التكاليف “الكبيرة” التي تكبدها المزارعون، فسعر ليتر المازوت في السوق السوداء بلغ 450 ليرة سورية، وكيس “الخيش” الفارغ (الشل) الواحد بألف ليرة، وسعر طن السماد بنحو 700 دولار أمريكي، في حين أن سعره المدعوم يبلغ 400 دولار.

وحددت “الإدارة الذاتية” سعر الكيلوغرام الواحد بـ2500 ليرة سورة للدرجة الأولى، و1800 ليرة للدرجة العاشرة، بحسب جودة ونظافة القطن ونسبة الرطوبة فيه، ونادرًا ما يتم تصنيف القطن على أنه درجة أولى.

ومنذ بداية موسم القطاف مطلع شهر أيلول الماضي، تم قطاف 2400 هكتار، من أصل 4800 هكتار مزروعة بالقطن، وبلغت كميات القطن المتسلّمة في محلج الحسكة التابع لـ”الإدارة الذاتية” نحو 8000 طن، بحسب ما نشرته إذاعة “آرتا إف إم”، في 5 من تشرين الأول الحالي.

وبحسب المزارعين الذين التقت بهم عنب بلدي، عادة ما يستمر موسم القطاف حتى منتصف شهر تشرين الثاني المقبل، وسط منافسة بين النظام و”الإدارة الذاتية” للاستحواذ على موسم العام الحالي.

لكن بحسب ما رصدته عنب بلدي، فإن أغلب المزارعين يفضّلون بيع محصولهم لـ”الإدارة الذاتية”، التي حددت مركزًا لتسلّم القطن داخل المحافظة (مركز المحلج)، في حين يجب على المزارعين الذين يتعاملون مع النظام نقل محصولهم إلى مراكز خارج المحافظة في مناطق سيطرة النظام بالرقة ودير الزور.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة