قتلة الصحافيين في سوريا طلقاء

فادي القاضي: خبير حقوق الإنسان والإعلام والمجتمع المدني في الشرق الأوسط.

camera iconفادي القاضي: خبير حقوق الإنسان والإعلام والمجتمع المدني في الشرق الأوسط.

tag icon ع ع ع

فادي القاضي

يصادف الثاني من تشرين الثاني هذا الأسبوع، اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين. ولا تتوقف طائفة الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين عند القتل، بل تتعداها لتشمل الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والملاحقة والمضايقات، والأذى الجسدي والنفسي، بسبب ممارسة المهنة.

وفي بيانها بهذه المناسبة، ذكرت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو أن مجموع ما يتم حله من قضايا قتل الصحافيين، يعادل أقل من قضية واحدة من بين كل عشر قضايا. وتشير وثائق اللجنة الدولية لحماية الصحافيين، والتي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، أن عدد أولئك الذين قتلوا في العام 2015 وحده يبلغ خمسًا وأربعين صحافيًا قتيلًا.

ووثقت الشبكة السورية لحقوق الانسان مقتل ما لا يقل عن 463 “ناشطًا إعلاميًا” منذ آذار 2011 ولغاية نيسان 2015، فيما تشير بيانات مركز توثيق الانتهاكات في سوريا إلى مقتل ما لا يقل عن 390 “ناشطًا في الشأن الإعلامي” منذ آذار 2011، أي التاريخ الذي اندلعت فيه الاحتجاجات السلمية في سوريا.

وفي الوقت الذي تشير فيه بيانات الشبكة السورية إلى مقتل أغلبية هؤلاء على يد قوات النظام السوري (399 من العدد الكلي)، فإنها تؤكد أيضًا على أن الجماعات المسلحة المعارضة للنظام ليست خالية الوفاض من دم الصحافيين (الإعلاميين كما يسميهم التقرير) فقد قتلت داعش 27 منهم ومن ضمنهم 3 أجانب، وقتلت جبهة النصرة 6 منهم، وقتلت فصائل المعارضة المسلحة الأخرى 20 من ضمنهم نساء، فيما لم تتمكن الشبكة من توفير معلومات عن هوية قتلة 11 منهم.

ويبرز كثيرٌ من اللُبس في رسم الحدود الفاصلة بين المصطلحات المستخدمة، مثل “الصحافي” و “الإعلامي” و “الناشط الإعلامي” أو غيرها. وتلجأ بعض المنظمات الإقليمية، والقليل من المنظمات الدولية، إلى التشدد في إسباغ صفة “الصحافي” على من يثبت، فقط، ممارستهم لمهنة الصحافة، بشكل منتظم، وفي إطار مؤسسي منتظم وعلى أساس من التفرغ لجمع المعلومات، وإجراء المقابلات، وتدقيق ومطابقة البيانات وإعداد التقارير للنشر، أو البث. إلا أن أيًا من هذه المنظمات تفتقر تقديم تعريف حاسم وتفصيلي لـمن هو الصحافي.

وفي السياق السوري، فهناك لبسٌ مضاعفٌ، فبعض من يُشار إليهم بـ “الناشطين الإعلاميين” يعملون في مهام لا تقتضي بالضرورة القيام بالعمل الصحافي؛ إنما قد يعملون في مراكز إعلامية تابعة لمنظمات أو حتى فصائل، وبعضهم احترف تزويد الوكالات بالصور ومقاطع الفيديو. والحقيقة أنه حتى مصطلح الإعلامي ملتبس ولا يحمل الكثير من الانضباط. ودرج في المنطقة العربية تسمية المذيعين ومستضيفي البرامج المتلفزة أو الاذاعية أو أصحاب الظهور الدائم على هذه الوسائل بالإعلاميين، ولا أعرف ما علاقة ذلك بمهنة تزويد المعلومات على وجه الدقة.

إلا أن من الأكيد، أن من يُطلق الرصاص، أو يعذب هؤلاء أو يغتالهم، ليس معنيًا أبدًا بهذا العراك الاصطلاحي، ولا فرق لديه. وفي سوريا، من الأكيد أن كل من اقترفت يداه جرمًا ضد صحافي أو اعلامي، رجلًا أم امرأة، لا يكترث بإمكانية الملاحقة والعقاب. لكن، لن يظلوا طلقاء إلى الأبد. العدالة “عمياء” لكنها تسمع ولها أذرعٌ ولسان.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة