مخيمات شمالي إدلب تغرق بالطين.. مطالب بتعبيد الطرقات

camera iconطفلتان تسيران إلى خيمتهما مرورًا ببركة متشكلة من مياه الأمطار في مخيمات ريف إدلب- 30 من كانون الأول 2021 (عنب بلدي/إياد عبد الجواد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

يمشي علي إبراهيم، البالغ من العمر 80 عامًا، بين الخيم في أثناء هطول الأمطار، متكئًا على عصاه، مسرورًا بـ”تبحيص” (تعبيد) طرق المخيم الذي يقيم فيه، خلال الأسبوع الماضي، و”تبحيص” خيمته بعد معاناة طويلة امتدت لأربعة أشهر، مع الأوحال والمياه التي كانت تسببها الأمطار داخل مخيم “الهدى” جنوب بلدة حربنوش شمالي إدلب.

بعد مطالبات عديدة من الأهالي بـ”تبحيص” المخيم نُفذ المشروع، وبحسب المسنّ الثمانيني علي، فإن الآليات صار بإمكانها المرور داخل المخيم في كل الظروف، كما صار بمقدور الطلاب المشي إلى مدارسهم بسهولة ويسر تحت مياه الأمطار دون الخوف على سلامتهم في حال تعرض المخيم للغرق كما حصل في السابق، أيضًا لن تعود ملابس الأطفال عُرضة للابتلال نتيجة انتشار البرك المائية، وبالتالي لن يتعرضوا للمزيد من الأمراض.

مع قدوم فصل الشتاء في كل عام، تتجدد معاناة النازحين في مخيمات الشمال السوري بسبب ما تشكّله الأمطار من انتشار الطين، والوحل، والبرك المائية التي تعرقل حركة الأهالي ضمن هذه المخيمات، بالإضافة إلى غرق الخيم نتيجة انخفاض مستواها.

وبسبب هذه المعاناة، تتحول المخيمات إلى ملاذ غير آمن، بعكس ما خُصصت لأجله، بسبب تحولها إلى مخيمات من طين. ووسط هذه المعاناة الموسمية، تسعى بعض المنظمات والجمعيات المعنية في المنطقة إلى “تبحيص” طرقات المخيمات، بالإضافة إلى زيادة مشاريع تحسين الصرف الصحي لحماية خدمات الإصحاح من مياه الأمطار.

مخيمات أقدم من عمرها الافتراضي

“انتقلنا إلى هذا المخيم منذ خمسة أشهر، وبدأنا بالمطالبة بعملية التبحيص منذ ذلك الحين، وبالفعل نُفذ المشروع من قبل منظمة خيرية”، وفق ما قاله مدير مخيم “الهدى”، محمد إبراهيم.

كان وضع المخيم قبل “التبحيص” مأساويًا، لأن أرضه زراعية ومنخفضة، الأمر الذي تسبب بعدم دخول السيارات إليه، وخصوصًا صهاريج مياه الشرب، أو حتى سيارات الإسعاف في حال حدوث أمر طارئ، بالإضافة إلى صعوبة السير خاصة على طلاب المدارس الذين يضطرون بشكل يومي إلى السير في الطرقات مهما كانت حالة الطقس.

معظم الذين نزحوا من مناطقهم الأصلية لم تكن لديهم رفاهية الوقت كي يختاروا الأماكن الذين يلجؤون إليها، بل يجدون أنفسهم داخل مخيمات يأملون أن تمنحهم الأمان المؤقت، إلى حين عودتهم إلى بيوتهم.

وبحسب ما قاله “الدفاع المدني السوري”، في 18 من كانون الثاني الحالي، فإن مئات الخيام غرقت بالقرب من الحدود السورية- التركية، نتيجة غزارة الأمطار التي شهدها الشمال السوري.

استهدف مشروع “التبحيص” في مخيم “الهدى” ثمانية مخيمات في المرحلة الأولى، وفق ما قاله مهندس مشروع “إعادة تأهيل المخيمات” في منظمة “قطر الخيرية” أحمد جاسم لعنب بلدي.

وتهدف المرحلة الأولى إلى “تبحيص الطرقات وأرضية الخيم، وتنفيذ أقنية لتصريف مياه السيول والأمطار”.

وفي الوقت الحالي، “نحن في المرحلة الثانية المتضمنة تنفيذ المشروع في 13 مخيمًا، وأنجزنا منها تسعة مخيمات، وكان العمل عبارة عن تبحيص طرقات من أجل الوصول السهل للناس إلى مكان عملهم وإلى الطرق الرئيسة”، وفق ما قاله مهندس المشروع.

كما تضمّن المشروع “تبحيص أرضية الخيم ورفع أرضيتها من أجل منع وصول المياه والرطوبة إليها خلال موسم الشتاء، ومنع الحشرات والقوارض من الدخول إليها في فصل الصيف”.

وبحسب ما يراه المهندس، فإن توقيت عمل المشروع “ليس متأخرًا”، وإنما، “نحن لدينا خطة زمنية نعمل عليها، لذلك قمنا بهذه المشاريع في فصل الشتاء”.

مشكلات تنتظر المعالجة الفورية

تعتبر 85% من مخيمات الشمال السوري أقدم من عمرها المتوقع وأكثر عُرضة للتلف، وأقل مقاومة للظروف الجوية، بحسب تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، في تشرين الأول 2021.

وأوضح التقرير أن الأشخاص المحتاجين يمكن أن يلجؤوا إلى آليات التأقلم “السلبية”، مثل حرق المواد غير الآمنة للتدفئة، ما يزيد من أخطار اندلاع الحراق وانتشار الأبخرة السامة، في ظل غياب أنظمة إدارة المخيمات المناسبة والاستجابة الكافية لفصل الشتاء، وإعداد الملاجئ والمخيمات لتحمّل الظروف القاسية والحفاظ على دفء الساكنين.

ويعد توفير الحماية ضد درجات الحرارة دون الصفر نشاطًا منقذًا للحياة، خاصة للأطفال وكبار السن، إذ إن 63% من الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات النزوح يفتقرون إلى الوقود، بحسب التقرير الذي أشار إلى ارتفاع سعره بنسبة 36% منذ بداية العام الحالي.

وأوضح أن 14% من الأسر تعيش في مخيمات صغيرة لا تتسع للأشياء الأساسية مثل المواقد والمدافئ.

ومع وجود 76% من النازحين يعيشون في مواقع لا يوجد بها تصريف لمياه الأمطار، ركّز الشركاء في المجال الإنساني على أنشطة التخفيف من حدة الفيضانات، والاستعداد لفصل الشتاء.

وأوضح التقرير أن 594 موقعًا لديها الآن القدرة على إصلاح الأضرار الطفيفة في البنية التحتية ونظام الصرف، كما أجرى الشركاء الإنسانيون أنشطة للتخفيف من حدة الفيضانات والاستعداد لفصل الشتاء في 104 مواقع.

وتعمل أنشطة الرعاية والصيانة في مواقع النزوح على منع أخطار الفيضانات والتخفيف من حدتها، والحفاظ على عمل المرافق الأساسية خلال فصل الشتاء، كما أنها تضمن حماية المستفيدين المعرضين للخطر، وفقًا للتقرير.

وبحسب تقرير صادر في 19 من كانون الثاني الحالي، فإن عدد المواقع المخصصة للنازحين في ريف إدلب الشمالي والتي تضررت بسبب تساقط الأمطار والثلوج في الأسبوع الماضي بلغ تسعة مواقع، وعدد الخيم المتضررة أكثر من 80 خيمة، أما عدد النازحين من هذه الخيم فوصل إلى 13.600 نازح.

وشملت الاحتياجات العاجلة للمخيمات، وفق ما حددها التقرير، إعادة فتح الطرقات لوصول المساعدات دون انقطاع، ونقل المتضررين إلى أماكن آمنة، وتأمين وسائل التدفئة، واستبدال الخيام المدمرة، وتوفير وجبات جاهزة للتغذية، وتوفير ملابس شتوية للأطفال والعائلات.

ورغم جهود تحسين الواقع الخدمي في مخيمات الشمال السوري، تستمر معاناة سكان تلك المناطق من نقص الخدمات حينًا، ومن سوئها، إن توفرت، حينًا آخر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة