“ملحمة جلجامش”.. عندما يخلد الشعر

camera iconجلجامش التي يرجح أن أفلاطون كتبها (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

“إلى أين تسعى ياجلجامش؟ إن الحياة التي تبغي لن تجد، حينما خلقت الآلهة العظام البشر قدرت الموت على البشرية، واستأثرت هي بالحياة”.

الملحمة الشعرية الأولى في تاريخ الأدب الإنساني، رحلة البحث عن الخلود، عن حياة المجد التي يسعى وراءها العظماء في التاريخ، تغوص في خبايا النفس البشرية التي تجمع قيم الإصلاح والشجاعة إلى جانب الظلم والاستبداد، تكشف لنا حقبة من ذلك التاريخ الغابر لحياة الشعوب ومعتقداتها في الزمن القديم.

هي ملحمة سومرية مكتوبة بخط مسماري على 12 لوحًا طينيًا، اكتشفت لأول مرة عام 1853، في بلاد الرافدين (العراق حاليًا)، بموقع أثري عُرف فيما بعد بأنه كان المكتبة الشخصية للملك الآشوري آشوربانيبال في نينوى بالعراق، وتم نقل الألواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة إلى المتحف البريطاني بالعاصمة لندن.

اختلف المترجمون وعلماء الآثار حول كاتب هذه الملحمة، إذ لم يُعرف حتى الآن، بينما يرجح قسم كبير من المؤرخين أن تكون هذه الملحمة الشعرية عائدة للفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون.

تدور أحداث الأسطورة في المدينة العظيمة أوروك (جنوبي العراق)، التي كانت تعبد الإله “أنو” إله السماء وابنته “عشتار” إلهة الحب والحرب، وتعتبر من أوائل مدن الحضارة والنهضة الإنسانية.

تصف الملحمة حاكم أوروك جلجامش، على أنه نصف إله ونصف بشر، لأن أباه كان رجلًا وأمه آلهة الحكمة.

جلجامش ملك ذو بأس وشدة، ظالم لم يرحم أحدًا من شعبه الذي اشتكاه للآلهة لوضع حد لبغيه، فتوصلت الآلهة إلى صنع إنكيدو، الوحش الذي يضاهي جلجامش في الحجم والقوة، ليصبح فيما بعد صديق الملك.

تدور الأحداث ليمضي جلجامش عبر البحار والغابات في رحلة البحث عن الحياة الخالدة، بعد أن أصبح ملكًا عادلًا يحبه الشعب.

فتحت الملحمة أمام الأديان السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام)، جدلًا ثقاقيًا ودينيًا حول ماهية جلجامش، وبداية الحياة الأولى، لاحتواء النص توصيفًا عن الإنسان الأول، وكيف عاش بعض البشر بصفة أقرب إلى الحيوان، خاصة بعد حديث الملحمة عن “الطوفان العظيم”، الذي أرجعه كثير من المؤرخين إلى قصة النبي نوح مع الطوفان الذي غمر الأرض.

استوحى كثير من الكتّاب أساطير وقصصًا عن الملحمة، صوروا عنها مسرحيات وأفلامًا وثائقية وروائية.

الملحمة من الملاحم البطولية التي تعد الأطول في التاريخ، استطاع العلماء من خلالها دراسة تاريخ الشرق، وهي مليئة بالمواضيع المهمة التي جعلتها تتخطى حدود العراق نحو العالم أجمع.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة