هل تكفي تحركاتها؟

مواجهة “كورونا” تُضاف إلى مهام منظمات الشمال

أفراد الضابطة والقوات الخاصة يرتدون أقنعة وقائية ضد فيروس "كورونا" بمدينة الباب- 28 من آذار (عنب بلدي).

camera iconأفراد الضابطة والقوات الخاصة يرتدون أقنعة وقائية ضد فيروس "كورونا" بمدينة الباب- 28 من آذار (عنب بلدي).

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – علي درويش

سارعت المنظمات والجمعيات الإغاثية العاملة في شمال غربي سوريا إلى إطلاق حملات توعية خاصة بجائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ولم يتوقف الدور التوعوي على المنظمات التي تملك قدرات جيدة ومتطوعين في مختلف مناطق سيطرة المعارضة، إنما عملت أيضًا الجمعيات والمنظمات المتواضعة بقدراتها في نفس الإطار.

رغم عدم وصول الفيروس إلى الشمال السوري، وفق التصريحات الرسمية، تسعى السلطات المحلية والمنظمات، إلى اتخاذ إجراءات استباقية للوقاية في حال اكتشاف حالات إصابة، بينما لا تبدو تحركاتها كافية من وجهة نظر السكان.

تواصلت عنب بلدي مع عدد من المنظمات الإغاثية للوقوف على حجم تأثير الفيروس في عملها، ولمعرفة ما إذا كان قد أحدث تغييرًا اضطراريًا على عمل برامجها، وما الجهود المبذولة من قبلها في إطار التصدي والجهوزية للفيروس.

لا تأثير على البرامج

أكد عضو إدارة منظمة “بنفسج” فؤاد السيد عيسى، في حديثه لعنب بلدي، عدم تأثر مشاريع المنظمة بجائحة “كورونا”، كون المشاريع الحالية مخططًا لها منذ فترة طويلة.

وبالنسبة لـ”بنفسج” فإن العمل مستمر في جميع مشاريعها، كمشاريع الإغاثة وتوزيع المنح المالية للعوائل النازحة، وتخديم مراكز الإيواء الجماعية، ومشاريع التعليم، ومشاريع التشغيل وسبل المعيشة (تدريب اليد العاملة).

لكن تأثرت بعض الأنشطة من ناحية إجراء تدريبات مهنية داخل قاعة واحدة لأعداد كبيرة، وتغيرت استراتيجية مشاريع التوزيع، عبر الاعتماد على مجموعات متفرقة وبشكل فردي.

ومع زيادة الحاجة إلى عمل المنظمات المتخصصة في القطاع الصحي، تعززت الأنشطة الطبية للمنظمات في الشمال، لتغطية الاحتياجات، بحسب الطبيب عقبة الدغيم، مدير البرامج الصحية في منظمة “سوريا للإغاثة والتنمية” (SRD).

تقسيم في الأعمال الإدارية وتوزيعها

عملت المنظمات على اتباع استراتيجية جديدة في سبيل استمرار خدماتها وعدم تأثرها بالفيروس، حفاظًا على سلامة الموظفين، واستجابة للحاجات الجديدة.

مدير إدارة الإعلام والمناصرة في منظمة “وطن”، زياد حاتم، أكد لعنب بلدي، أن المنظمة حولت العمل المكتبي إلى العمل من المنازل لعمال الإغاثة، ويتواصل الأفراد فيما بينهم عبر تطبيقات إلكترونية لعقد الاجتماعات وتوزيع المهام وتحديثها ومشاركة الملفات بين الموظفين والإدارة.

واقتصر الدوام في مقرات المنظمة على بعض الأقسام التي تحتاج الوجود المباشر في المكاتب لمدة أربع ساعات فقط لإنجاز المعاملات الورقية، مثل الإدارة المالية والإدارة اللوجستية.

وأُخذت احتياطات السلامة قدر الإمكان بالنسبة للموظفين الميدانيين، من خلال تزويدهم بالمطهرات الكحولية والأقنعة الواقية والقفازات الطبية، إذ لا يمكن إيقاف أعمالهم، بل قد تزيد، لدعم المتضررين والنازحين.

وأضاف حاتم أن فريق عمل المنظمة كوّن فرقًا خاصة لإدارة الأزمة، مؤلفة من كل البرامج والأقسام في المنظمة، وتعمل على أربع نقاط أساسية، أولاها دعم حملات المناصرة مع الجهات المانحة ومنظمات الأمم المتحدة، لزيادة حجم الدعم للقطاع الطبي وتزويد المستفيدين بالمواد الوقائية الأساسية، والمشافي والمراكز الطبية بالمعدات اللازمة لمعالجة واحتواء المصابين.

كما تركز الفرق على حملات التوعية الميدانية داخل المخيمات في سوريا وفي بلدان اللجوء، وتقدم مقترحات لتفعيل التعليم عن بعد للأطفال المنقطعين عن الدراسة، بسبب أزمة “كورونا”، وتسهم في عمليات تطهير المنشآت والمرافق الصحية في المخيمات ومراكز الاستقبال بشكل دائم، وفق حاتم.

تجهيزات طبية ميدانية

جهزت “بنفسج” بحسب عضو إدارتها فؤاد السيد عيسى، 110 مسعفين بشكل كامل للتعامل مع جائحة “كورونا”، وزودتهم بجميع معدات السلامة ليكونوا جاهزين للاستجابة في حال الكشف عن حالات.

وجهزت 150 خيمة فرز وعزل، مهمتها فحص المرضى المراجعين للمشافي قبل الدخول إلى المشفى، للتأكد من سلامتهم من أعراض الفيروس، وفي حال ظهور أي أعراض يحوَّل المريض إلى خيمة أخرى، بهدف التعاون مع مديريات الصحة لتخفيف نقل العدوى عبر المشافي ونقل العدوى للكوادر الطبية.

وقال السيد عيسى إن المنظمة قدمت “سلال حماية شخصية” لجميع المشافي والمراكز الطبية في محافظة إدلب وما حولها، ووزعت كمية من ألبسة الحماية الطبية لبعض الكوادر والمشافي، إضافة لعمليات تعقيم للمنشآت الطبية والمشافي بشكل يومي.

وبدأت “بنفسج” أيضًا العمل على توزيع خمسة آلاف سلة نظافة فردية تتضمن بعض أنواع المعقمات وكمامة ومواد نظافة شخصية مع حملات التوعية، وحاليًا، يتم العمل على مشروع مراكز العزل المجتمعي، وهي الأهم في المرحلة المقبلة والأكثر تكلفة، بحسب السيد عيسى.

تدريبات ميدانية

منظمة “سوريا للإغاثة والتنمية” (SRD) سعت إلى تدريب حوالي 560 شخصًا، من مختلف المنشآت الصحية في مناطق سيطرة المعارضة، لينقلوا خبراتهم المكتسبة لزملائهم في المنشآت الصحية.

وشمل التدريب إجراءات الوقاية من العدوى في المنشآت، ونظام الفرز للمرضى المتبع بالاستجابة في كل منشآت الصحة، ورفعت عدد الكوادر الطبية للاستجابة، وتعمل على تطوير نظام الإحالة في حال ظهور الحالات للاستجابة لها، حسب الطبيب عقبة الدغيم.

في حين وضعت منظمة “وطن” دراسة كاملة لإنشاء مشفى ميداني مزود بأسرّة وغرف عزل، لكنها لم تستطع تنفيذه بسبب عدم وضوح ثبات الهدنة الحالية في الشمال السوري، وتزايد خروقاتها، ولأن احتمال استهداف منشأة بهذا الحجم كبير، ما يهدد حياة كثير من العاملين والمرضى، بحسب مدير الإعلام والمناصرة في المنظمة، زياد حاتم.

المواطنون غير راضين

أظهر استبيان أجراه فريق “منسقو استجابة سوريا” أن 77% من المدنيين في شمال غربي سوريا لا يعتقدون أن المنظمات تؤدي عملها بشكل كامل حول مسألة النظافة العامة، وتأمين المستلزمات الأساسية لها.

وحول الحمامات ودورات المياه في المخيمات، أكد الاستبيان أن 77% يعتقدون أنها غير كافية، و88% لا يحصلون على مخصصات مياه كافية لهم ولعائلاتهم.

وحول المساعدات الخاصة بالنظافة، لم يحصل 59% عليها إطلاقًا، و20% لم يحصلوا عليها منذ مدة طويلة، و12% يحصلون عليها أحيانًا، و9% يحصلون عليها بشكل مستمر.

وشمل استطلاع الفريق نحو 13 ألفًا و800 مدني، 67% منهم نازحون، في حين ركز على المخيمات العشوائية المنتشرة في المنطقة، وعلى الشريحة العمرية المتوسطة.

استجابة ضعيفة من الجهات الداعمة

أشار مدير الإعلام والمناصرة في منظمة “وطن”، زياد حاتم، إلى أن حجم الاستجابة من قبل الجهات الداعمة، وحتى المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة ما زال متواضعًا جدًا، و”ستكون الكارثة أكبر من قدرة المنظمات العاملة في الشمال السوري على الاحتواء، إذا ما تفشى الوباء، ولم تكن المراكز الطبية والمشافي مجهزة بشكل جيد، وبعدد أسرّة للعناية بالمرضى”.

وقيّم فريق “منسقو استجابة سوريا” عبر تقريره نشره في 27 من آذار الماضي، قدرة القطاع الصحي في شمال غربي سوريا، على مواجهة انتشار فيروس “كورونا”.

ووفق التقرير، بلغ عدد الأسرّة المجهزة ضمن المشافي 1689 سريرًا، و243 وحدة عناية مركزة، و107 أجهزة تنفس، و32 وحدة عزل طبي، بينما بلغ عدد سكان المنطقة نحو أربعة ملايين و17 ألف نسمة.

وبذلك فإن لكل 2378 شخصًا في شمال غربي سوريا سريرًا مجهزًا واحدًا، ولكل 15 ألفًا و534 شخصًا وحدة حماية مركزة، ولكل 37 ألفًا 549 شخصًا جهاز تنفس صناعي، ولكل 125 ألفًا و554 شخصًا وحدة عزل.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة