مواسم تقارب “قسد” والنظام السوري

camera iconعنصران من قوات النظام و"قسد" يرفعان رايتي الطرفين في مدينة عين العرب بريف حلب- 20 من تشرين الأول 2019 (سبوتنيك)

tag icon ع ع ع

تلوّح تركيا بعملية عسكرية مرتقبة في الشمال السوري بعمق 30 كيلومترًا، بهدف إنشاء “منطقة آمنة”، بينما تزداد التحركات على الضفة المقابلة، التي توحي بتقارب “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مع النظام السوري، في اعتقاد أنه الحل لدرء خطر الأتراك.

ودعا قائد “قسد”، مظلوم عبدي، في تصريحات صحفية، في 5 من حزيران الحالي، النظام السوري إلى استخدام أنظمة الدفاع الجوي، وذلك لمواجهة تهديدات أنقرة بشن عملية عسكرية في الشمال السوري، مؤكدًا في تصريح لوكالة “رويترز“، أن قواته “منفتحة” على العمل مع قوات النظام للتصدي لتركيا، لكنه أكد أن لا حاجة لإرسال قوات إضافية.

وأشار عبدي إلى أن “الأولوية هي الدفاع عن الأراضي السورية”، وأضاف، “لا أحد يجب أن يفكر باستغلال الوضع لتحقيق مكاسب على الأرض”.

وأعرب عن أمله في أن يؤدي الاجتماع بين وزيري خارجية روسيا وتركيا إلى خفض التصعيد، لكنه قال إن أي تسوية يتم التفاوض عليها يجب أن تشمل وقف هجمات الطائرات المسيّرة التركية في شمالي سوريا، “سيكون هذا أحد مطالبنا الأساسية”، حسب قوله.

وبعدها بيومين، حذرت “قسد” عقب اجتماع استثنائي لمجلسها العسكري، من أن الهجوم التركي المحتمل “سيؤثر على استقرار ووحدة الأراضي السورية، لذا لن تقتصر مواجهته على المناطق المستهدفة فقط، إنما سيتوسع نطاقها ليشمل مناطق أخرى داخل الأراضي السورية المحتلة”، في إشارة إلى المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة بدعم تركي في أرياف حلب والرقة والحسكة خلال السنوات السابقة.

كما جددت استعدادها للتنسيق مع قوات النظام السوري لصدّ أي هجوم تركي محتمل، وحماية الأراضي السورية.

على الطرف المقابل، دفعت قوات النظام بتعزيزات عسكرية إلى مناطق نفوذ “قسد”، بأرياف حلب والحسكة، لدعمها ضد العملية العسكرية التركية المحتملة شمالي سوريا، بحسب ما نشرته قوات “الدفاع الوطني”، الرديفة لقوات النظام السوري، في 8 من حزيران الحالي.

وانتشرت القوات في مناطق منبج وتل رفعت شمالي محافظة حلب، إضافة إلى مجموعات أخرى انطلقت باتجاه محافظة الحسكة، وهو ما أكدته شبكات محلية موالية لـ”قسد”.

وسيّرت قوات النظام والقوات الروسية دورية عسكرية على الحدود السورية- التركية لـ”تفقد نقاطها العسكرية الحدودية مع تركيا”، كما انضمت للدورية لاحقًا آليات عسكرية لـ”قسد”، في 27 من أيار الماضي.

وبحسب مراسل عنب بلدي في الحسكة، فإن الدورية مرت بعدة مناطق في أثناء تفقدها النقاط الحدودية مع تركيا، منها ريف مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة، ومنطقة أبو راسين.

كما جاء الخطاب السياسي مواليًا لجهة التقارب، ففي آخر ظهور له، قال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إن جيشه سيواجه الجيش التركي، في حال قيامه بعملية عسكرية جديدة في الشمال السوري.

وأوضح الأسد في مقابلة له، في 9 من حزيران الحالي، “إذا كان هنالك غزو تركي للأراضي السورية، ستكون هنالك مقاومة شعبية بالمرحلة الأولى في المناطق التي يوجد فيها الجيش السوري، إذ إنه لا يوجد في كل المناطق”، بحسب قوله، وأكد أن “الجيش سيقوم بالتحرك، عندما تسمح الظروف العسكرية للمواجهة المباشرة”.

وتحاول “قسد” بناء تحالفات مع قوات النظام السوري عند كل حديث عن معركة تركية تستهدف مناطق نفوذها، لتعزيز موقفها العسكري على الصعيد الميداني، دون أن تضطر لتقديم تنازلات تُتيح للنظام السيطرة على منطقتها.

تقاربات وتهديدات عسكرية سابقة

قبل نهاية العام الماضي، في تشرين الثاني 2021، لوّحت تركيا بعملية عسكرية رابعة في سوريا، من أرياف حلب والرقة والحسكة، بهدف إنشاء “منطقة آمنة” على حدودها الجنوبية بعمق 30 كيلومترًا، بحسب تصريحات متكررة لمسؤولين أتراك لوسائل الإعلام وفي المحافل الدولية.

قابلته “قسد” ببيان وصف التهديدات التركية بشن عملية عسكرية بـ”الجادة”، وأشار إلى أن النظام السوري “يصر على حل الأزمة السورية من خلال منطقه”، وإجراء مصالحات تخلو من أي معايير “وطنية أو واقعية”.

وكان حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، أبدى استعداده لتسليم حقول النفط في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا إلى النظام السوري، بشرط أن يكون ملف النفط والثروات الموجودة في المنطقة جزءًا مما وصفه بعملية “الحوار النهائية” مع النظام، وفق ما قاله عضو الهيئة الرئاسية في “PYD” آلدار خليل، في 4 من تشرين الثاني 2021.

وبعد بدء عملية “نبع السلام” التركية في 9 من تشرين الأول 2019، بهدف القضاء على “الممر الإرهابي” المراد إنشاؤه قرب الحدود التركية الجنوبية مع سوريا، وفقًا للرئيس التركي، قال عبدي، “إنه على استعداد للتحالف مع الحكومة السورية من أجل إنقاذ السكان الأكراد في شمالي سوريا من إبادة جماعية على يد تركيا”.

وتُرجمت الأقوال إلى أفعال حينما أعلنت “الإدارة الذاتية” توصلها لإتفاق مع حكومة النظام السوري لإرسال جيشه على طول الحدود السورية- التركية لمؤازرة “قسد”، وهو ما أكدته وسائل الإعلام السورية المحلية.

وانتهت العملية التركية بعد الاتفاق التركي- الروسي الموقّع في سوتشي، في 22 من تشرين الأول 2019، وشمل تسيير القوات الروسية والتركية دوريات مشتركة في أرياف الرقة والحسكة وحلب.

وفي 20 من كانون الثاني 2018، بدأت عملية “غصن الزيتون” التركية في شمالي سوريا، وانتهت بسيطرة القوات الموالية لتركيا على منطقة عفرين، وحينها استغاثت “قسد” بالنظام السوري ودعته لحماية مدينة عفرين.

فيما كشف المتحدث الإعلامي باسم “قسد”، مصطفى بالي، في 17 من شباط 2018، أنها تجري مفاوضات مع قوات النظام السوري حول دخول الأخيرة إلى عفرين، بشرط انتشارها خارج المدينة وعلى حدودها، وهو ما رفضه النظام وطالب بتسلّم كل المؤسسات في المدينة وفرض سيطرته عليها بشكل كامل.

وبالرغم من توصل “قسد” لاتفاق مع النظام، يفضي بإنشاء قاعدة له في عفرين، أحبطت تركيا المخطط بعد اتصال وتفاهم بين الرئيسين التركي والروسي.

وفي 24 من آب 2016، بدأت تركيا عملية عسكرية (درع الفرات) بهدف طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من حدودها، ومنع “قسد” من الاستيلاء على مدينة جرابلس، وانتهت العملية العسكرية في 29 من آذار 2017، بسيطرة الجيش التركي و”الجيش الوطني السوري” على جرابلس، مرورًا بمناطق وبلدات مثل الراعي ودابق واعزاز ومارع، وانتهاء بمدينة الباب.

وسلّمت حينها “قسد” قرى غرب منبج لقوات النظام بموجب اتفاق توسطت فيه روسيا، من أجل “حماية المدنيين”، بحسب بيان مجلس منبج العسكري التابع لـ”قسد”، في 6 من آذار 2017.

وتعتبر تركيا “قسد” امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني”، وتصنفها تنظيمًا “إرهابيًا”، وهو ما تنفيه “قسد” رغم إقرارها بوجود مقاتلين من الحزب تحت رايتها، وشغلهم مناصب قيادية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة