tag icon ع ع ع

خرج المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وائل علوان، من غوطة دمشق الشرقية إلى تركيا قبل أسابيع، حاملًا جملة من المواقف التي تشخص واقع الغوطة المحاصرة ونظرة الاتحاد الإسلامي لمستقبل الثورة السورية والعمل المسلح، عبر عنها في لقاء مسجل أجرته معه عنب بلدي في مدينة اسطنبول، الثلاثاء 26 أيار.

حاوره: عبادة كوجان

بدأ العمل العسكري في سوريا بمجموعات صغيرة، ثم تأسست الكتائب والألوية لتتبعها مشاريع «جريئة» كأحرار الشام وجيش الإسلام، اللذَين انتقلا إلى الجهة الشامية، بينما انضمت كتائب أخرى على غرار شباب الهدى، ألوية الحبيب المصطفى ودرع العاصمة إلى الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام.

وشهدت الغوطة الشرقية تشكيل أكثر من 50 فصيلًا، لكنها اليوم تضاءلت لتعد على أصابع اليدين، «شيء يدعو إلى التفاؤل، هذه ثورة تحتاج توحيد الكلمة على أساس هدفٍ واضح هو  إسقاط النظام»، يقول وائل علوان.

دمشق لن تفتح ولن نستطيع كسر النظام فيها طالما تعمل كل منطقة لوحدها؛ إيجاد غرف عمليات للغوطتين الشرقية والغربية والقلمون ثم الانتقال إلى التنسيق بينها في جيش فتح حقيقي أمر سيقرّب النصر، وفق تعبير علوان، الذي يعتبر أن «العمل الجماعي ثقافة وليس قوانين توضع على الورق؛ ونسعى لأن تنتقل التشكيلات المسلحة من حالة الثورية إلى المؤسساتية».

جيش الأمة تعامل مع النظام وأدخل المخدرات

دارت نقاشات واسعة خلال الأشهر القليلة الماضية حول مصير عددٍ من قادة «جيش الأمة» اعتقلتهم القيادة الموحدة في الغوطة، لكنّ المتحدث باسم أجناد الشام أوضح أن القيادة ترى أن «الأمور الأمنية لا تحتاج إلى مذكرات قضائية لأنها حالات طارئة واستثنائية، لكنّ رؤيتنا تطالب بأن تكون المؤسسة القضائية صمام الأمان».

فيما بعد سلّم «جيش الإسلام» جميع موقوفي جيش الأمة إلى المجلس القضائي وأحيلت الملفات إلى قائده (جيش الأمة) أبو صبحي طه، وتجري النقاشات الآن بين القضاء وقيادة جيش الإسلام لإنهاء المسألة.

ونفى علوان أن يكون جيش الأمة «فاسدًا» كله و «إن كثر فيه الفساد»، وأن تكون باقي التشكيلات العسكرية «صالحة» و «إن قلّ فيها الفساد»، مضيفًا «لقد ثبت تعامل بعض مجموعاته مع النظام، إضافة إلى إدخال المخدرات»، كما فرّ عدد من مقاتليه (في كانون الثاني المنصرم) عند محاولة إيقافهم، إلى حواجز النظام عبر حاجز المخيم.

صراع المفخخات والملف الأمني

شهدت الغوطة الشرقية خلال عامين من الحصار صراعات مفتوحة ضد مجموعات وخلايا تبايع «الدولة الإسلامية»، كانت أكثر وضوحًا في سياسة المفخخات، وآخرها تفجيرٌ استهدف قيادات فيلق الرحمن، في السابع من أيار الجاري، قتل إثرها الشيخ رياض الخرقي. ونجح مقاتلو الغوطة نسبيًا بالحدّ من نفوذ «داعش» وإيقافها عن التنامي، فقتل وأسر عددًا من عناصرها، بينما هرب آخرون إلى خارج الغوطة.

لكن علوان أشار إلى صعوبة ضبط «الخلايا النائمة» في قطاع يقطنه أكثر من مليون شخص، «لا نستطيع ضبط الحالة الأمنية 100%»، مؤكدًا على ضرورة البدء بنشر «الثقافة الأمنية» بين المدنيين والعسكريين، «بالاستفادة من الضباط ذوي الخبرة والكفاءة لتعزيزها ولو كانت مكلفة».

سجون الغوطة بين القضاء والعسكر

«القضاء الموحد في الغوطة مؤسسة وليدة، والسجون كلفتها عالية، ورغم قيادة القضاء من قبل تشكيل عسكري مدرب، إلا أنه لا يملك قوة تنفيذية خاصة به». لكنّ اتفاقًا يجمع الفصائل ينصّ على تبعية السجون للقضاء، على أن يشرف القضاء على التحقيقات دون الحاجة إلى إذن دخولها، بما فيها «سجن التوبة» التابع لجيش الإسلام، وقد زاره الشيخ (القاضي) أبو سليمان الطفور عدة مرات، ويشرف على ملفّات فيه.

وكشف علوان عن توزع السجون في الغوطة، وتندرج تحت ثلاثة أنواع:

سجن الجرائم والجنايات، ويتبع للقضاء ويستعين بسجون التشكيلات العسكرية ريثما يمتلك سجنًا خاصًا به.

سجن المخالفات العسكرية، ممن ينتمون إلى التشكيلات؛ ويعاقبون فيه دون تدخل القضاء، لأن الاتفاق يعطي الحق للتشكيل العسكري في أن يكون له نظام عقوبات وردع.

سجن للقضايا الأمنية المعقدة، لاسيما الاختراقات والجاسوسية؛ وهناك تفاهم بين التشكيلات العسكرية والقضاء على سرية الملفات، يعطي فسحة لبعض الفصائل العسكرية بإلقاء القبض على المتهمين فورًا وبترتيب خفي، دون الحاجة إلى روتين مع المؤسسة القضائية، كما يحق للفصيل أن ينظّم التحقيق الأولي بإشراف القضاء.

من يقف وراء اختطاف رزان زيتونة؟

وردًا على سؤال حول مصير الناشطة الحقوقية رزان زيتونة، التي اختطفت في الغوطة بتاريخ 9 كانون الأول 2013، قال علوان إن «خاطفها ليس من المدنيين، قولًا واحدًا، إنما تشكيل عسكري، فلا يستطيع خطف فريق كامل إلا من يمتلك القوة، وفي ذلك الوقت كانت القوى كثيرة لذلك يصعب اتهام جهة محددة».

وأكد أن المجلس القضائي في الغوطة الشرقية أولى أمر خطف رزان أهمية بالغة، «وهذا أقل من الواجب لما حملته في الملف الإنساني العظيم»، مضيفًا أن المجلس أمسك بعض الخيوط حول القضية، وألقى القبض على أحد المتهمين «لكنّه هرب بعد التحقيقات الأولية»، والمتهم «صاحب مجموعة» لا تنتمي لتشكيل عسكري، مشيرًا إلى أن «مقر زيتونة ورفاقها كان بجانب مقرٍ لجيش الأمة».

أبو محمد الفاتح بديلًا عن علوش

«تشكيل القيادة العسكرية كان إضافةً للغوطة الشرقية، والعمل التشاركي والجماعي ثقافة نلحظ ازديادها يومًا بعد يوم»، بهذه الكلمات مهّد وائل علوان للكشف عن انتقال القيادة في الغوطة الشرقية من زهران علوش إلى «أبو محمد الفاتح»: «خرج الشيخ زهران، ومن شروط القيادة الموحدة ألا يخرج القائد من الغوطة الشرقية، لذلك استلم مهامه بشكل كامل الشيخ أبو محمد الفاتح وهو الآن على رأس القيادة الموحدة للغوطة الشرقية».

ودعا المتحدث الهيئات المدنية والتشكيلات العسكرية لـ «العمل بما أسسه الشيخ علوش ويكمله الفاتح، وفق منظومة مؤسساتية تشاركية في القيادة العامة، التي تضم 28 عضوًا ثلاثة منهم عسكريون».

وتعتبر القيادة الموحدة أشبه بغرفة عمليات عسكرية لا تتفق على رأي سياسي ولا يجمعها موقف ثابت، وإنما يجمعها عمل عسكري على الأرض، وكان ذلك واضحًا في ميثاقها.

سرّ الخروج من الغوطة

«خرج الشيخ زهران وخرجت بعده لنذكر العالم بأن هناك معاناة تشهدها الغوطة الشرقية … ولم أرَ في طريقي على قطاعات الثورة معاناة تشبهها».

ويردف علوان «الغلاء الفاحش، الحصار ونقص الدواء والغذاء، حالات قتل الأطفال التي تمارسها قنابل وقذائف تتساقط على الغوطة الشرقية لم تعشها ثورة على الإطلاق، الغوطة متروكة لقدرها منذ عامين ولا أدري ما هو الرهان».

وفيما يتعلق بالحديث عن دعم تركي أو عربي يرسم المرحلة المقبلة، أفاد أنه لم يلتقِ حتى الآن بممثلي أي دولةٍ، بما فيها الخارجية التركية، معقبًا «لا ننكر الجهد الكبير التي تتحمله الحكومة التركية في استضافة اللاجئين السوريين وأبناء الثورة والدعم السياسي الكبير للملف الإنساني، وباقي الدول مثل السعودية وقطر…».

وأضاف «باسم القيادة العسكرية الموحدة لم يقدم دعم لا من جهات رسمية أو غير رسمية».

من يحكم الدولة؟

«لم أطلع على السياسة الجديدة لجيش الإسلام، ولكنني قرأت أن الشيخ اتهم الإعلام الغربي بتحريف الكثير من كلامه»، بهذا يعقب علوان على تغيّر خطاب جيش الإسلام نحو حكمٍ يقرّه الشعب، في لقاء علوش الصحيفة الأمريكية الأسبوع الماضي.

مؤكدًا أن « السياسية الشرعية واسعة، ولم يكن في تاريخ التشريع الإسلامي تضييق بالمقدار الذي نشهده اليوم من المزاودات من الشرق والغرب … الفكر الذي دخل بلادنا من القاعدة جعل الكثير من التشكيلات تزاود وترفع السقف عاليًا محملةً الدين ما ليس فيه».

«نحن مع تعبير الشعب عن رأيه لا سيما العلماء والمفكرون والسياسيون فبإمكانهم تقدير ما هو الأفضل لحال الناس ومعاشهم».

وختم المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام الحوار «يقولون من سمع ليس كمن رأى، وأنا أقول من سمع ورأى ليس كمن جاع، وليس كمن هدّ كاهله نقل الماء وتقطيع الحطب والحياة دون أي مقوم من مقوماتها؛ أنقذوا الشعب السوري فهو أبي كريم طموح وعليه تعقد الآمال».

أنقذوا الشعب السوري من حصار سيبقى وصمة عار على جبين كل حر كريم لم يتحرك لكسره.

 

وائل علوان (35 عامًا)

– حائز على إجازة جامعية من كلية الآداب في دمشق – قسم اللغة العربية.
– بدأ عمله الثوري مسعفًا في الهلال الأحمر، ثم التحق بالثورة المسلحة ليكون مدير المكتب الإعلامي لكتائب شباب الهدى.
– شاركت شباب الهدى مع ألوية الصحابة وغيرها من الفصائل في تشكيل الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وأصبح علوان المتحدث الرسمي باسمه.
– يعتبر الاتحاد من أبرز الفصائل في دمشق وغوطتيها، ويقاتل أيضًا في حماة وإدلب ودرعا.

 

اللقاء كاملًا:

مقالات متعلقة