فعلها في ورقة الخمسة آلاف

 ورقة العشرة آلاف ليرة.. هل يكرر النظام السوري فلسفة جس النبض

camera iconالمصرف المركزي السوري (صفحة المصرف على فيسبوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – زينب مصري

تُعيد الأنباء التي تحدثت، خلال الأيام القليلة الماضية، عن نية مصرف سوريا المركزي طرح ورقة عشرة آلاف ليرة سورية للتداول في الأسواق، ونفي المصرف لها، إلى الأذهان، الآلية التي تعاملت بها حكومة النظام في نفي الأنباء التي تحدثت في السنوات الماضية، عن نية المصرف طرح ورقة خمسة آلاف ليرة، ثم طرحها لاحقًا للتداول.

أعادت صفحات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي تداول صورة مع أنباء تتحدث عن نية المصرف إصدار ورقة عشرة آلاف ليرة، بعد أشهر على إعلانه طرح ورقة خمسة آلاف في الأسواق، ما دفع المركزي لنفي هذه الأنباء.

وصرّح حاكم المصرف، محمد عصام هزيمة، في 30 من تشرين الأول الماضي، بأنه لا توجد أي ضرورة لطباعة فئات نقدية جديدة، خاصة أن منظومة الدفع الإلكتروني الجاري العمل على تطبيقها، سوف تخفف بشكل كبير من تداول النقود الورقية، مشيرًا إلى أن العمل مستمر للمحافظة على استقرار أسعار الصرف وكبح التضخم.

هذه ليست المرة الأولى التي ينفي فيها المصرف طرح هذه الورقة النقدية، فبعد إعلانه إصدار ورقة خمسة آلاف ليرة سورية، في 24 من كانون الأول 2020، بنحو شهر، نفى الأنباء المتداولة حول تحضيرات لطرح ورقة نقدية من فئة عشرة آلاف ليرة.

واعتبر أن هذه الإشاعات تهدف إلى زعزعة الثقة بالعملة الوطنية وتصب في مصلحة المضاربين، لافتًا إلى أن إصدار الفئات النقدية مبنيّ على دراسة واقع الاقتصاد الوطني ومتطلباته من الجانب النقدي، وبما ينسجم مع نمو الإنتاج المحلي، وذلك من خلال متابعته للأسواق، وتأمين احتياجات التداول من فئات الأوراق النقدية جميعها.

نفي ثم طرح.. آلية سابقة

عقب إعلان حاكم “المركزي السوري” الأسبق، دريد درغام، طرح عملة جديدة من فئة ألفي ليرة في تموز 2017، انتشرت شائعات عن إصدار المصرف ورقة خمسة آلاف ليرة، لكن المصرف نفى ذلك مرارًا كون القانون الناظم لعمله لا يسمح له بإصدار هذه الفئة، حينها.

وفي أيار 2018، أعلن مجلس الشعب عن مشروع قانون جديد يسمح للمصرف المركزي بإصدار ورقة نقدية من فئة خمسة آلاف ليرة، نص على تعديل “المادة 16” من قانون المصرف المركزي، ليمكّنه من إصدار الأوراق النقدية من فئة الليرة وحتى خمسة آلاف ليرة.

بعد ذلك بنحو عامين، ومع الارتفاع بالمستوى العام للأسعار عقب وصول سعر الصرف في السوق السوداء إلى نحو ثلاثة آلاف ليرة سورية للدولار الواحد، أعلن المصرف المركزي طرح ورقة خمسة آلاف ليرة للتداول في الأسواق، كان قد طبعها قبل الطرح بعامين لتلبية توقعات احتياجات التداول الفعلية من الأوراق النقدية.

وعزا خطوة الطباعة، بحسب بيان صادر حين الإعلان، إلى تسهيل المعاملات النقدية، وتخفيض تكاليفها وإسهامها بمواجهة آثار التضخم التي حدثت خلال السنوات الماضية، إضافة إلى التخفيض من كثافة التعامل بالأوراق النقدية بسبب ارتفاع الأسعار، والتخلص التدريجي من الأوراق النقدية التالفة، لا سيما أن الاهتراء قد تزايد خلال الآونة الأخيرة.

تمهيد لتمويل بالعجز

لا يعد النفي مسألة معتبرة عند النظام السوري، بحسب الخبير الاقتصادي السوري والباحث في مركز “جسور للدراسات” خالد تركاوي، ففي مسألة طرح ورقة خمسة آلاف ليرة سورية، كان النظام قد نفى ثم أعلن عن طباعتها قبل نحو عامين على إصدارها.

ولا يرى الخبير الاقتصادي أن نفي النظام يأتي في سبيل جس النبض لدى الشارع، ولكن عمل المصرف المركزي يعتمد عادة على السرية، ويجب أن تكون لديه معلومات خاصة به، وفي ظل عدم وجود مؤسساتية في المصرف، فمن الممكن أن يتسرب الخبر من داخله أساسًا، بحسب ما قاله تركاوي في حديثه إلى عنب بلدي.

وأوضح الباحث أن طباعة الفئة الجديدة يمكن أن تخفف حمل الأوراق النقدية وتقلل تكاليف الطباعة على البنك، ولكنها سترفع الأسعار كثيرًا، مشيرًا إلى اعتقاده أن المصرف سيقوم بهذه الخطوة خلال العام المقبل، كون الموازنة ضخمة للغاية، وتعني زيادة الإنفاق وزيادة الكتلة النقدية في السوق.

وفي 20 من تشرين الأول الماضي، أقر “المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي” بحكومة النظام السوري، الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المقبل 2022 بنحو 13 تريليون ليرة سورية، في الشقين الاستثماري والجاري، بعجز مقدر يصل إلى نحو أربعة آلاف و118 مليار ليرة.

وبحسب وزير المالية، كنان ياغي، سيُغطى العجز عن طريق اقتراض 600 مليار ليرة من سندات خزينة الدولة، و500 مليون ليرة من “موارد خارجية”، بينما سيُغطى باقي العجز عن طريق مصرف سوريا المركزي كاعتمادات مأخوذة من الاحتياطي لدى المصرف.

وعقب طرح ورقة خمسة آلاف ليرة الذي أتى بعد الإعلان عن الموازنة العامة لعام 2021 بأشهر قليلة، أكد مسؤولون في حكومة النظام أن المصرف المركزي لم يلجأ للتمويل بالعجز، وطرح العملة الجديدة سيجري مع استبدال العملة المتداولة المهترئة.

وراهنت حكومة النظام حينها على عدم تأثر سعر الصرف بالأوراق النقدية الجديدة، لكن الليرة السورية انخفضت مقابل الدولار ووصلت إلى مستويات قياسية ملامسة حاجز 5000 ليرة للدولار الواحد.

وللتمويل بالعجز عدة أشكال، منها أن تلجأ الحكومة إلى الإصدار النقدي الجديد دون وجود مقابل لهذا النقد (ذهب، نفط، إنتاج)، ما يؤدي إلى التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين.

حذف أصفار أم طباعة أوراق؟

مع الحديث عن احتمالية إصدار نقدي جديد للعملة السورية، برزت مطالبات بحذف أصفار من العملة المحلية بدل طباعة أوراق نقدية بعدد أصفار أكبر، لترشيق العملة (تقليل الأوراق النقدية المطلوبة وخفض الأرقام المحاسبية)، ومحاولة لحل مشكلة الانخفاض المستمر للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية، واستعادة ثقة المواطنين بالعملة.

وكانت صحيفة “البعث” الحكومية اقترحت في تحليل اقتصادي صادر في آذار الماضي، مناقشة جدوى إصدار عملة جديدة، معتبرة أن من الأولى للمصرف المركزي دراسة هذا المقترح، بدلًا من الاكتفاء بدراسة جدوى إصدار أوراق نقدية كبيرة.

وأوضح الباحث خالد تركاوي، أن حذف الأصفار من العملة مسألة تقنية نقدية بحتة تحتاج إلى قرار وقدرة على ضبط العملة، وإلا ستشهد الفئات الجديدة انخفاضًا مرات مضاعفة مثلها مثل الوضع الراهن، ولذلك فإن هذه الخطوة ليست ذات جدوى حاليًا، بحسب رأيه.

وتتم عملية استبدال العملة وحذف الأصفار عادة في البلدان المستقرة اقتصاديًا، وتستوجب استقرارًا أمنيًا، واستقرارًا في عمل المؤسسات، ومستوى معقولًا من الناتج المحلي.

كما أن حذف الأصفار يُعتبر تغييرًا وهميًا لقيمة النقود، لا يغيّر من القدرة الشرائية الحقيقية للعملة، ولا يسهم في الحد من معدلات التضخم، ويُكلّف السلطات أموالًا لطباعة الأوراق النقدية الجديدة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة