طلاب وجامعيو داريا يستأنفون تعليمهم في الشمال السوري

طلاب داريا يكملون تعليمهم في إدلب - السبت 3 كانون الأول (عنب بلدي)

camera iconطلاب داريا يكملون تعليمهم في إدلب - السبت 3 كانون الأول (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

زين كنعانإدلب

“صاحب العلم يكسب عيشه من ثمرة ما تعلم واجتهد، هذا ظني بالعلم والمتعلم قبل بدء الثورة، وزاد إصرارنا بعدها على نيله لما عايشناه من مخاطر الجهل”، يقول الشاب محمد حيدر، من أهالي مدينة داريا غرب دمشق، والذي نزح مع أهلها إلى ريف إدلب آب الماضي، واستأنف تعليمه في جامعة حلب، كالعشرات غيره من شباب المدينة.

استقبلت جامعتا حلب وإدلب منذ بدء العام الدراسي الحالي، مجموعة من طلاب مدينة داريا، وآخرين من مهجري الريف الدمشقي، ويحاول هؤلاء الطلاب الدخول في أجواء الدراسة، بعد انقطاع طويل سببته سنوات الحصار داخل مدينتهم.

جامعيون يواجهون صعوبات الانقطاع

أصرّ حيدر (26 عامًا) على إتمام تعليمه منذ وصوله إلى الشمال السوري، كما يؤكد في حديثه لعنب بلدي، ولم يلتفت إلى موضوع الاعتراف بشهادات الجامعات أو بما سيواجهه من صعوبات أثناء استئناف تعليمه.

ثلاثة أشهر قضاها حيدر في سجون النظام السوري مطلع الثورة، كانت كافية لمنعه من الخروج مجددًا خارج داريا خوفًا من الاعتقال، ليلتحق كالعشرات من رفاقه مع المقاتلين، ويصف الطالب جامعة دمشق، حيث كان يدرس، بأنها “مقر لمخابرات الأسد فهم يلاحقون أنفاسنا، حتى أوقفوني عن متابعة حلمي حين اعتقلت”.

رغم التحاقه بجبهات القتال لم يترك حيدر القراءة، ويقول “كنت أسلي نفسي ببعض علوم اللغة وقراءة الكتب التي تفيدني في مجال دراستي ضمن كلية الاقتصاد، حتى خرجت من المدينة وبحثت عن خيارات استئناف دراستي، ثم سجلت في جامعة حلب”.

ويرى حيدر أن إتمام دراسته لا يعني أنه سيترك الثورة، لذلك يبحث عن طريقة ليوفق بين تأمين تكاليف الدراسة وأداء “واجبه الثوري”، في ظل صعوبات يعاني منها، أبرزها تأمين رسوم التسجيل (200 دولار أمريكي عن كل عام دراسي)، عدا تكاليف الكتب والمواصلات، “هذا الرقم يراه كثيرون قليلًا، إلا أنه من الصعب أن يؤمّنه من هم في مثل وضعي”.

طلاب الثانوية العامة يحاولون الاندماج

 استطاع أربعة طلاب فقط من أصل 40 طالبًا، إنهاء امتحاناتهم داخل مدرسة “اقرأ وارق” في داريا بالغوطة الغربية، تموز الماضي، في ظروف أمنية وصفت بأنها “الأسوأ” منذ بدء الحملة على المدينة التي فرغت من أهلها مؤخرًا.ولم تسمح الظروف لـ 36 طالبًا آخرين بإتمام امتحانات الثانوية العامة والتعليم الأساسي حينها، ما اضطرهم للانسحاب دون إتمام الامتحان العام الماضي، بينما أتم طالبان امتحانات التعليم الأساسي، واثنان آخران امتحانات الثانوية للفرع الأدبي.

يحاول طلاب الثانوية العامة الاندماج في أجواء المدارس والمعاهد في الشمال السوري، ويقول حذيفة صالح (20 عامًا)، من طلاب مدينة داريا، إنه بحث عن طريقة لإتمام تعليمه والحصول على الشهادة، منذ وصوله إلى ريف إدلب.

شهران كاملان مرا قبل بدء رحلة صالح التعليمية، وبعض زملائه من داريا، ويضيف في حديث إلى عنب بلدي أنه عانى معوقات كثيرة في إيجاد معهد يتلقى فيه تعليمه، ويضمه ورفاقه في شعبة منفصلة، “لخصوصية وضعنا العلمي واختلاف طريقة التدريس، فنحن بحاجة إلى إعادة تأسيس ومراجعة معلوماتنا بعد الانقطاع”.

اضطر صالح وبعض أقرانه للبحث عن مدرسين يراعون ظروفهم، ويلفت إلى أن الوضع المادي ومكان السكن “من أبرز المعوقات التي تواجهنا، وهذا ما يدفع بعض الطلاب إلى الانسحاب”، منوهًا “الفصائل التي كنا ننتمي إليها قدمت بعض التسهيلات وبعض المساعدات المادية لتفريغنا للدراسة”.

ويرى الشاب أن مفهوم التعلم اختلف عند شباب داريا، “كان أغلبنا يدرس مجبرًا قبل الثورة، ولكن الحصار ساهم في زيادة معارفنا رغم قساوته، فتعلمنا اللغة الإنكليزية وقرأنا عشرات الكتب”، مشيرًا إلى أنه يحب الأدب العربي، وسيسعى لدراسته بعد حصوله على الشهادة.

الجامعات والمدارس تستقبل الطلاب المهجرين

يقول جمال شحود، مدير التربية في محافظة إدلب، إن عدد الطلاب المسجلين في الشهادتين الثانوية والإعدادية بلغ العام الماضي قرابة 17 ألفًا، مؤكدًا لعنب بلدي “هذا العام وجدنا إقبالًا من الشباب المهجرين حديثا من الريف الدمشقي، والذين يبحثون عن الشهادة للتسجيل في جامعاتنا”.

ويلفت مدير تربية إدلب إلى أن نسبةً لا تتجاوز 5%، من طلاب إدلب يسجلون حتى اليوم في المدارس داخل مناطق النظام، موضحًا “أصدرنا مؤخرًا تعميمًا مفاده أن كل من يحصل على الشهادة الإعدادية من مدارس النظام لن يستطيع إتمام دراسته في مدارسنا، كما نبحث مع جامعتي حلب وإدلب، لإصدار قرار مشابه، ورفض تسجيل كل من يحصل على الشهادة الثانوية عن طريق النظام”.

عبدو الحاج، إداري في شؤون الطلاب، التابعة لكلية الاقتصاد في جامعة حلب، يقول لعنب بلدي إن الجامعة تراعي ظروف جميع الطلاب ممن هجروا مؤخرًا، ويريدون استئناف تعليمهم، موضحًا “العديد من الطلاب فقدوا الأوراق التي تثبت انتسابهم للجامعات، ولم يحضروا كشوف علامات من جامعات النظام”.

“أي ورقة تثبت دراستهم في الجامعة لدى النظام مقبولة، كالرقم الجامعي أو بطاقة الجامعة”، يضيف الحاج، لافتًا إلى أن الطالب يكتب تعهدًا مرفقًا بالمواد التي أنهى دراستها سابقًا، ثم يتم قبوله إلى حين يستطيع إحضار كشف العلامات، أو أن يجري امتحانات بالمواد مرة أخرى في حال لم يستطع”.

تحتضن جامعتا إدلب وحلب آلاف الطلاب من الشمال السوري، ومثلها مدارس مديرية التربية والتعليم، ويؤكد من استطلعت عنب بلدي آراءهم من طلاب مدينة داريا، أنهم مستمرون في تعليمهم حتى الوصول إلى أحلامهم التي تركوها على عتبات مدينتهم قبل مغادرتها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة