إجراءات “كورونا” من دمشق إلى حلب.. حظر تجول في المساء وطوابير في النهار

camera iconعمليات تعقيم في مناطق سيطرة النظام - 28 آذار 2020 (الهلال الأحمر)

tag icon ع ع ع

يوحي شكل الطرقات وخلوها من المارين والسيارات، مع الانتشار الأمني المكثف لتطبيق منع التجول وإجراءات الحجر في سوريا، أن القيود والإجراءات في مكافحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) الأكثر صرامة ونجاعة حول العالم.

لكن مع ساعات الصباح ترى خلاف ذلك، فطوابير الأهالي المزدحمين على المؤسسات الاستهلاكية، وأفران الخبز، ومراكز الصرافة لقبض الرواتب، تقول غير ذلك، فوجود إصابة واحدة ضمن الزحام، تعني أن العدوى ستصيب أكبر عدد من المتجمعين.

تابعت عنب بلدي الإجراءات التي فرضتها وزارة الصحة في سوريا منذ مطلع آذار الماضي، ورصد مراسلوها في عدد من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام كيفية تعاطي الأهالي مع الإجراءات المتخذة من قبل السلطات السورية.

درعا.. مبادرات من شبابها رغم عدم التزام الأهالي

أوقفت حكومة النظام دوام المدارس في مناطق سيطرتها كأحد إجراءات منع انتشار فيروس “كورونا”، لكن طلاب المدارس في درعا لم يلتزموا بيوتهم، وزادت تجمعاتهم للعب في الخارج، حسبما أفاد به مراسل عنب بلدي في المدينة.

وقال ممرض (تحفظ على نشر اسمه)، في حديث لعنب بلدي، إن الأهالي في المحافظة غير مكترثين لعدم الإعلان عن إصابات فيها، مضيفًا “إن كان هناك تكتم على إصابات فالأمر خطير جدًا”.

بينما شكل شباب من أبناء مدينة إنخل فريقًا تطوعيًا يضم أطباء وجامعيين، بهدف توعية سكان المدينة بخطر “كورونا”، وتنفيذ الالتزامات الصحية التي تحددها وزارة الصحة، من خلال المنشورات الورقية وإطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووزعت الحملة أيضًا المعقمات والكحول واللوازم الطبية للوقاية على الأهالي حسب الإمكانيات المتاحة، وفي حال تفاقمت الأمور فإن الفريق سيعمل على فرض حجر صحي في المدينة، وفق ما رصده المراسل من طبيعة عملهم.

وسبقت ذلك مبادرة في بلدة الكرك الشرقي بريف درعا الشرقي، من قبل شباب البلدة والوجهاء، الذين أجمعوا على ضرورة أخذ الاحتياطات الضرورية للوقاية من الفيروس.

دمشق وريفها.. الإجراءات تشدد الخناق اقتصاديًا على الأهالي

شوارع العاصمة دمشق تفرغ من المارة في حظر التجول بسبب “كورونا” – 29 من آذار 2020 (الإخبارية السورية)

زادت بعض إجراءات النظام لمنع تفشي “كورونا” من معاناة الأهالي الاقتصادية في مدينة دمشق والغوطة الشرقية، منها إجبار أصحاب المحلات التجارية على إغلاق المحال التجارية.

ولم يمتثل أصحاب الدخل المحدود لإغلاق المحلات بسبب تدني الوضع المعيشي، لكن قوات الأمن الداخلي سيّرت دوريات لإغلاق هذه المحال وختمتها بالشمع الأحمر وفرضت غرامات مالية على المخالفين، ما أدى إلى انعدام شبه تام للحياة، خاصة في مناطق الغوطة الشرقية.

مهند (30 عامًا) من أهالي الغوطة، أكد في حديثه لعنب بلدي، أن حالته المادية تشبه وضع مئات العائلات داخل الغوطة، ولا يستطيع البقاء داخل منزله دون عمل، والنظام لا يسهم أبدًا في سد رمق المدنيين.

زهير (35 عامًا)، أحد أصحاب محلات الاتصالات، أكد أن قوات النظام داهمت محله في أثناء عمله وغرمته ماليًا، كما بصم على تعهد بعدم فتح المحل إلا بعد إصدار قرار بفتح المحلات.

بينما لم تُجرِ أي حملات توعية حول “كورونا”، واكتفت بقرار الإغلاق وحظر للتجول وتسيير الدوريات في الليل والنهار لمراقبة الوضع في الأسواق ومخالفتها للقرار.

في حين شهدت أفران الخبز في مدينة دوما وأحياء من العاصمة دمشق ازدحامًا، كما استغل بعض أصحاب الأفران الوضع القائم، وقلصوا البيع في الفرن، ليبيعوا الربطات على “بسطات” متفرقة بأضعاف سعرها، متجاوزة 200 ليرة سورية في حين يجب أن تباع بـ50 ليرة.

وتزايد الطلب على المواد الطبية والمعقمات منذ إعلان النظام عن أول إصابة بالفيروس في سوريا، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكمامات (من 30 إلى 280 ليرة سورية) والمعقم الطبي (من 200 إلى 3000 ليرة) والقفازات (من 25 إلى 200 ليرة).

عمليات تعقيم ضمن إجراءات حكومة النظام للوقاية من فيروس “كورونا” في القنيطرة – 24 من آذار 2020 (عنب بلدي)

وضع اقتصادي متدنٍّ ولا دعم

يعني فرض حظر التجول وإغلاق المحلات الترفيهية أو الخدمية والمقاهي، دون تعويض للمتضررين والمياومين أزمة كبيرة، في بلد تصدر قائمة الدول الأكثر فقرًا بالعالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي.

ويعرّف مستوى الفقر بأنه أدنى مستوى من الدخل يستطيع به الفرد أن يوفر مستوى معيشة ملائمًا.

وتتوافق أرقام الموقع مع أرقام الأمم المتحدة، إذ قدرت نسبة السوريين تحت خط الفقر بـ83%، بحسب تقريرها السنوي لعام 2019، حول أبرز احتياجات سوريا الإنسانية.

وجاء في التقرير أن 83% من السكان يعيشون في فقر مدقع، ونتيجة لذلك استنفدت القدرة على التكيف لدى كثير من الناس في المجتمعات المحلية الأكثر تضررًا في سوريا.

وذكر التقرير أن 33% من السكان في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وقدر أن 11.7 مليون سوري بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة، كالغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم.

وأوضحت بيانات الأمم المتحدة أن العدد الأكبر من المحتاجين للمساعدات يوجدون في حلب، تليها ريف دمشق، ثم إدلب، وأن عدد المحتاجين للمساعدة في أماكن يصعب الوصول إليها يبلغ أكثر من مليون سوري.

وقدرت الأمم المتحدة في العام الحالي عدد من هم بحاجة إلى المساعدات في سوريا خلال فصل الشتاء بنحو ثلاثة ملايين شخص.

وعلى الدوام كانت وزارة الصحة السورية تنفي وجود أي إصابات بالفيروس حتى 22 من آذار الحالي، حين أعلنت عن إصابة ووصلت بعدها إلى عشر إصابات.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة