بدأت الحكومة السنة المالية برصد موازنة جريئة بلغت 1326 مليار ليرة سورية، مع زيادة في الإنفاق بنسبة 52%. وقد أثارت هذه الزيادة العديد من الشكوك لدى المراقبين، خاصة مع مرور أكثر من تسعة أشهر آنذاك على انطلاق الثورة السورية، حول مدى قدرة الدولة على الإيفاء بمتطلبات الإنفاق العام وتحقيق الإيرادات المتوقعة.
لاحقًا، ومع تقدم العام 2012، بدأت الأزمات تتفاقم مع تشديد العقوبات الدولية على الاقتصاد السوري، بما في ذلك المصارف الحكومية وقطاع النفط، مما أدى إلى عزلة اقتصادية أثرت سلبًا على الميزان التجاري، وانعكست بشكل مباشر على سعر صرف الليرة السورية، التي شهدت انهيارات حادة مقابل العملات الأجنبية الرئيسية.
في مواجهة ذلك، أعلن النظام عن سلسلة من الخطوات الاحترازية للحفاظ على ما تبقى من استقرار اقتصادي، تمثلت في خطة تقشف أصدرتها رئاسة مجلس الوزراء، تقضي بتقليص المكافآت، وتعويضات العمل الإضافي والنقل، وإعادة النظر في المشاريع الاستثمارية. تبع ذلك توجيه المصارف العاملة بإيقاف فتح الاعتمادات بالعملات الأجنبية، وتقليص عمليات التسليف، ثم تسريبات عن قيام مصرف سوريا المركزي ببيع جزء من الاحتياطي الذهبي – الضئيل أصلًا – بسعر أقل من السوق بنسبة 15%، لتمويل نفقات الحكومة.
في المقابل، ألقت الأزمة بظلالها القاتمة على النشاط الاقتصادي؛ إذ ارتفعت معدلات البطالة والتضخم، وتوقفت الأعمال في أجزاء كبيرة من البلاد، وبدأت العقوبات تطال حياة المواطنين اليومية ومعيشتهم.
وفي الوقت الذي يُهجّر فيه المواطنون من بيوتهم تحت القصف، ويعانون للحصول على لقمة العيش، جاءت المفاجأة الصادمة:
إذ كشفت الوثائق المسرّبة لما يسمى “خلية الأزمة”، التي نشرتها قناة “العربية”، عن تخصيص مئات الملايين من الليرات السورية لتحسين طعام الشبيحة والجرحى في المشافي العسكرية.
فقد خُصص لوزارة الدفاع 100 مليون ليرة، بينما نالت شعبة المخابرات 12 مليونًا، والأمن السياسي 10 ملايين، والمخابرات الجوية 10 ملايين، وإدارة المخابرات العامة 11 مليونًا، و49 مليونًا لوزارة الداخلية.
أي أن ما يقارب 200 مليون ليرة سورية خُصص فقط لتحسين الطعام! فكم يُخصص إذًا لتكاليف العمليات العسكرية من وقود وذخيرة وقذائف ورواتب؟
تشير التقديرات إلى أن تكلفة الحملة الأمنية تجاوزت 40 مليار ليرة سورية منذ بداية الاحتجاجات.
وهكذا تحولت ميزانية الدولة إلى ميزانية حرب؛ من موازنة موجهة نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى موازنة تُستخدم في الهدم والتخريب، مع تحوير الأولويات لصالح الحملات العسكرية والأمنية.
وفي المقابل، لم يُرصد لصندوق تثبيت الأسعار – المعني بتحقيق التوازن الاجتماعي – سوى 25 مليون ليرة سورية، أي أقل من ثُمن المبلغ المخصص لطعام الشبيحة!
فأي إصلاحات يتحدثون عنها؟!
الاقتصاد يترنح.. والملايين لتحسين طعام الشبيحة
بدأت الحكومة السنة المالية برصد موازنة جريئة بلغت 1326 مليار ليرة سورية، مع زيادة في الإنفاق بنسبة 52%. وقد أثارت هذه الزيادة العديد من الشكوك لدى المراقبين، خاصة مع مرور أكثر من تسعة أشهر آنذاك على انطلاق الثورة السورية، حول مدى قدرة الدولة على الإيفاء بمتطلبات الإنفاق العام وتحقيق الإيرادات المتوقعة.
لاحقًا، ومع تقدم العام 2012، بدأت الأزمات تتفاقم مع تشديد العقوبات الدولية على الاقتصاد السوري، بما في ذلك المصارف الحكومية وقطاع النفط، مما أدى إلى عزلة اقتصادية أثرت سلبًا على الميزان التجاري، وانعكست بشكل مباشر على سعر صرف الليرة السورية، التي شهدت انهيارات حادة مقابل العملات الأجنبية الرئيسية.
في مواجهة ذلك، أعلن النظام عن سلسلة من الخطوات الاحترازية للحفاظ على ما تبقى من استقرار اقتصادي، تمثلت في خطة تقشف أصدرتها رئاسة مجلس الوزراء، تقضي بتقليص المكافآت، وتعويضات العمل الإضافي والنقل، وإعادة النظر في المشاريع الاستثمارية. تبع ذلك توجيه المصارف العاملة بإيقاف فتح الاعتمادات بالعملات الأجنبية، وتقليص عمليات التسليف، ثم تسريبات عن قيام مصرف سوريا المركزي ببيع جزء من الاحتياطي الذهبي – الضئيل أصلًا – بسعر أقل من السوق بنسبة 15%، لتمويل نفقات الحكومة.
في المقابل، ألقت الأزمة بظلالها القاتمة على النشاط الاقتصادي؛ إذ ارتفعت معدلات البطالة والتضخم، وتوقفت الأعمال في أجزاء كبيرة من البلاد، وبدأت العقوبات تطال حياة المواطنين اليومية ومعيشتهم.
وفي الوقت الذي يُهجّر فيه المواطنون من بيوتهم تحت القصف، ويعانون للحصول على لقمة العيش، جاءت المفاجأة الصادمة:
إذ كشفت الوثائق المسرّبة لما يسمى “خلية الأزمة”، التي نشرتها قناة “العربية”، عن تخصيص مئات الملايين من الليرات السورية لتحسين طعام الشبيحة والجرحى في المشافي العسكرية.
فقد خُصص لوزارة الدفاع 100 مليون ليرة، بينما نالت شعبة المخابرات 12 مليونًا، والأمن السياسي 10 ملايين، والمخابرات الجوية 10 ملايين، وإدارة المخابرات العامة 11 مليونًا، و49 مليونًا لوزارة الداخلية.
أي أن ما يقارب 200 مليون ليرة سورية خُصص فقط لتحسين الطعام! فكم يُخصص إذًا لتكاليف العمليات العسكرية من وقود وذخيرة وقذائف ورواتب؟
تشير التقديرات إلى أن تكلفة الحملة الأمنية تجاوزت 40 مليار ليرة سورية منذ بداية الاحتجاجات.
وهكذا تحولت ميزانية الدولة إلى ميزانية حرب؛ من موازنة موجهة نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى موازنة تُستخدم في الهدم والتخريب، مع تحوير الأولويات لصالح الحملات العسكرية والأمنية.
وفي المقابل، لم يُرصد لصندوق تثبيت الأسعار – المعني بتحقيق التوازن الاجتماعي – سوى 25 مليون ليرة سورية، أي أقل من ثُمن المبلغ المخصص لطعام الشبيحة!
فأي إصلاحات يتحدثون عنها؟!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :