tag icon ع ع ع

مدينة داريا قبل المجزرة كانت تعيش حصارًا داخليًا شديدًا يتمثل في دوريات للمخابرات الجوية على شكل أرتال عسكرية مؤلفة من مدرعة وسيارات مصفحة وباصًا من الأمن والشبيحة. وحتى أواخر تموز من العام الماضي (بداية رمضان) كانت هذه الدوريات تجوب شوارع المدينة على مدار الساعة وتنفذ عمليات دهم واعتقال وتفتيش وأحيانًا القتل. أما الجيش الحر فكانت مجموعات قليلة منه قد بدأت بتنفيذ عمليات متفرقة تمثلت في تصفية بعض عملاء النظام في المدينة واستهداف الحواجز المحيطة بها بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إلى أن نفذ مقاتلو الجيش الحر عملية نوعية كانت الأقوى حينها، تم خلالها استهداف الرتل العسكري أثناء مروره من شارع الثورة، فقُتل معظم عناصره ودمّرت جميع آلياته، ما جعل النظام يتوقف عن إرسال دورياته ويسحب جميع عناصره من المدينة مبقيًا على الحواجز عند مداخلها، متبعًا سياسة جديدة تمثلت بالقصف عن بعد بقذائف الهاون، مستهدفًا منطقتين رئيسيتين وسط المدينة هما شارع البلدية، وساحة الحرية. وكان القصف يشتد يومًا بعد يوم وتتوسع رقعته موقعًا ضحايا وخسائر مادية محدودة، لم تمنع النشطاء من التحرك والعمل بحرية داخل المدينة.

مجزرة آب 2012 التي نفذتها قوات الأسد بحق مدنيين وعسكرين في مدينة داريا، حملت إشارات استفهام كثيرة، حول ترتيب كتائب الجيش الحر في المدينة وعملياته التي سبقت الاقتحام، وكيفية مقاومة تعزيزات الأسد، بالإضافة إلى أسباب الانسحاب ونتائجه على الأرض. وأيضًا حول وضع الكادر الطبي والاعلامي في المدينة ومدى جاهزيتهما. نستعرض في هذا التقرير الوضع الميداني لمقاتلي الحر قبل وأثناء المجزرة، وكذلك الوضع الطبي الذي مرت به المدينة خلال المجزرة:

تمركز مقاتلي الحر في مزارع داريا

بدايةً تمركز مقاتلو الجيش الحر في مزارع مدينة داريا الشرقية والغربية في مجموعات غير متكافئة من حيث التجهيز، إذ عمدت كل مجموعة منها لمحاولة زيادة قدراتها باغتنام أسلحة خلال العمليات التي تنفذها، إضافة لما يقدمه قادة كتيبة «سعد بن أبي وقاص» التي كانت تستمد دعمها المادي والإعلامي من كتائب الصحابة في دمشق وريفها.
خلق تفاوت التجهيز هذا اتهامات بين المجموعات لقيادات من الحر، شككت في مهامها بتوزيع السلاح على المجموعات، وهو سبب رئيسي دفع لتشكيل كتيبة «فيحاء الشام» بداية رمضان 2012 من مجموعات كانت تتبع لكتيبة «سعد»، تزامنًا مع تشكيل المجالس العسكرية في مدن الريف الدمشقي، إلا أن «فيحاء الشام» لم توضح حينها تبعيتها ولا طرق حصولها على الدعم.
لم يحمل شهر رمضان ضغطًا كبيرًا من قوات الأسد على المدينة، إذ اقتصر على قصف متكرر بقذائف الهاون، أسفر غالبًا عن أضرار مادية، وانعدم أيّ تواجد عسكري تابع للأسد داخل المدينة سوى مخفر الشرطة الذي أبدى تعاونًا مع الحر، ما أعطى راحة للكتائب للحصول على مزيد من السلاح وتدريب الشبان الذين يريدون الالتحاق بالجيش الحر. وكان السلاح المتوفر حينها مقتصرًا على أسلحة ورشاشات خفيفة.
أثناء هذه الفترة انشغل النظام بعمليات واسعة في منطقتي القدم والميدان المحاذيتين لداريا من جهة الجنوب الشرقي، ما دفع أعدادًا كبيرة من مقاتلي الحر هناك إلى الالتجاء إلى داريا وتحويلها إلى مكان تجمع للقوات المنسحبة، كما استقطب وضع المدينة «المناسب» مقاتلين من المدن المجاورة مثل المعضمية وكفرسوسة ونهرعيشة ودرعا، ليصل عدد المقاتلين داخل المدينة إلى قرابة 1000 عنصر، بينهم 5 ضباط. إضافة إلى ذلك شهدت مشافي داريا الميدانية تجمعًا للمصابين من المناطق المجاورة. وبذلك غدت المدينة معقلًا لمقاتلي الحر في الغوطة الغربية.

تجاوزات بعض المجموعات

في الوقت الذي اقتصر فيه نشاط الكتائب خلال رمضان على عمليات خاطفة على أطراف المدينة، تجاوزت بعض المجموعات المهام الموكلة إليها؛ وأبرز هذه التجاوزات كان التجول داخل المدينة بالسلاح، ومصادرة السيارات الحكومية من أصحابها. ما استدعى قيادات الكتيبتين إلى تشكيل شرطة عسكرية تضبط هذه التجاوزات وتعاقب المسؤولين عنها، كما حاول عناصر الشرطة حل مشاكل الناس وفض خصوماتهم في ظل غياب الرادع الأمني.
وساعد التنظيم الذي فرضته الشرطة من استكمال النشاطات السلمية التي تميزت بها المدينة، وتنظيم عدة حملات أهمها حملة تنظيف المدينة بعد توقف عمال البلدية عن العمل، وحملة لوحات «مبادئ الثورة»، وهو ما أظهر توافقُا بين العمل السلمي والمسلح.

حملة عنيفة على محاور المدينة

هدوء رمضان سبق عاصفةً بدأت ثاني أيام عيد الفطر، حيث حشدت قوات الأسد تعزيزات عسكرية تقدر بـ 12 ألف مقاتل أحاطت بالمدينة من كافة جهاتها، رافقها قصف بالصواريخ من مطار المزة العسكري وجبال الفرقة الرابعة في المعضمية. وبعد اختلاف بين القادة حول التصدي لمحاولات اقتحام المدينة، قررت الكتيبتان التمركز على مداخل المدينة والتصدي لأي تقدم.
بدأت قوات الأسد اقتحامًا بريًا يوم الأربعاء 22 آب من مداخل المدينة الشرقية التي لم يكن الحر قد تمركز فيها بشكل جيد، (وهي محور طريق الشام، طريق ثالث، طريق الدحاديل، طريق المعامل)، حاولت مجموعات الحر المتواجدة على تلك المداخل الوقوف بوجه الآلة العسكرية والسلاح الثقيل بحوزة مقاتلي الأسد، لكن السلاح الخفيف لم يسعفهم، وخصوصًا مع الدبابات المعدلة بمجال مغناطيسي من نوع T72، التي لم تجدِ قذائف ال RBG في محاولات إيقافها، حتى استطاع جنود الأسد السيطرة على دوار (أبو صلاح) والتمركز في الأبنية المحيطة به، وبذلك انسحب الحر من «طريق الشام» يوم الخميس 23 آب بعد خسائر كبيرة. استمر تقدم قوات الأسد صباح الجمعة 24، فاستكملت السيطرة على المنطقة الشرقية كاملة، في ظل قصف مكثف خصوصًا من راجمات صواريخ نُصبت في بساتين المنطقة الشرقية وكفرسوسة بعد انسحاب الحر منها، في المقابل زاد التخبط وقلة التنظيم بين صفوف مجموعات الحر، فقد استشهد عدد من القادة خلال الاشتباكات، وضَعُف التواصل إثر انقطاع شبكة الهاتف المحمول بالإضافة إلى المدى القصير لأجهزة اللاسلكي المتوفرة، ورافق ذلك ازدياد وضع المدنيين في الملاجئ والمصابين في المشافي الميدانية سوءًا.

قرار مفاجئ بالانسحاب

المدنيون لم يكونوا أقلّ تخبطًا من صفوف الحر، إذ انقسموا بين مؤيد للتصدي للقوات المهاجمة، وبين من يؤكد عدم جدوى الوقوف في وجهها، فيما حاول آخرون الالتحاق بصفوف الحر، رغم أنهم لم يتلقوا أيّ تدريبات مسبقة. وسط حالة التوتر تلك وصل قرار من قادة في الكتيبتين يقضي بانسحاب العناصر من المدينة إلى المنطقة الغربية، ما أثار تبادلًا للاتهامات بين المدنيين وعناصر المجموعات حول تخاذل إحدى الكتيبتين عن نصرة الكتيبة الثانية ومدّها بالذخيرة، لكن مصدرًا مقربًا من قيادات الكتيبتين –تحفظ على ذكر اسمه- أكدّ لعنب بلدي أن قرار الانسحاب كان بالتوافق بين القيادات لـ «تجنيب المدينة ما لا طاقة لها به».

عشوائية التنفيذ

نفذت بعض المجموعات الانسحاب مباشرة بعشوائية وانعدام تام للمسؤولية. يذكر معاذ أحد مقاتلي كتيبة «سعد» بأنه تُرك مع صديقيه لوحدهم، بالقرب من «محكمة داريا القديمة» بعد التفافهم حول جنود الأسد في المنطقة بأمر من قائد مجموعتهم، لكن المجموعة انسحبت فجأة دون أن يؤمنوا لهم التغطية للتراجع، ليستطيعوا بعدها الانسحاب زحفًا تحت وابل من الرصاص بعد أن اكتشف الجنود مكانهم.
مجموعات من خارج المدينة امتنعت عن المواجهة بعد القرار، لكنها بدأت تبحث في الشوارع عن قيادات الحر أو من يرشدها أين وكيف تنسحب، فيما قررت مجموعات أخرى عدم الانصياع للانسحاب والقتال حتى اللحظة الأخيرة.
ويفيدنا شهود عيان بأن إحدى المجموعات التي رفضت الانسحاب تسببت بإعدام قرابة عشرين مدنيًا من آل السقا، بعد تبادل لإطلاق النار مع جنود للأسد في المنطقة الجنوبية الشرقية من المدينة (قرب مشتل الزعرور)، ثم تراجعت هذه المجموعات إلى المنطقة الغربية بعد مواجهات لا طائل منها صباح السبت 25 آب.

أين نذهب بأنفسنا وسلاحنا؟

وجد مقاتلو الحر أنفسهم في منطقة محاصرة ومكشوفة من المزارع الغربية للمدينة، فيما كانت قوات الأسد تنفذ إعدامات ميدانية داخل أحياء المدينة يوم السبت 25 آب، حاولوا بداية التخلص من أسلحتهم وجعبهم الحربية، فلم يكن لديهم خيارٌ سوى دفنها تحت الأرض. ثم بدأ المقاتلون بتبديل ملابسهم إلى ملابس مدنية، وإخفاء أي ملامح تدل على انضمامهم إلى الجيش الحر، فاضطر بعضهم حلق لحيته بالسكين، ويذكر أبو خليل أنه بعد حلاقة لحيته ارتدى ملابس عليها سمة الفلاحين ثم انخرط بين المدنيين في المدينة، لكن لم يكن هذا حال آخرين من عناصر الحر أعدموا ميدانيًا برفقة مدنيين بعد إخراجهم من الملاجئ.
فيما استطاعت مجموعة وحيدة الخروج من المدينة إلى المعضمية المجاورة ليل السبت، عبر طريق ترابي مقنوص من قوات الأسد، إذ فتح عليهم قناصو الأسد حينها النار، وفق ما ذكره لنا أبو قصي أحد عناصر المجموعة.

تمشيط المنطقة الغربية

بدأت قوات الأسد تمشيط المنطقة الغربية يوم الأحد 26 آب، واستخدم عناصر الحر حينها وسائل بدائية للاختباء، وينقل مقاتلون من الحر الصورة لنا، إذ انبطحت مجموعة من الحر بين المزروعات، وتسلق آخرون أشجار المنطقة، كما أن أحدهم اضطر لطمر نفسه بمخلفات المواشي ريثما يبتعد جنود الأسد، فيما حاول البعض الالتجاء إلى بيوت أقاربهم في المنطقة. لكن عملية التمشيط كانت بشكل سريع وانتهت عصر الأحد. بدأت بعدها قوات الأسد الانسحاب من المدينة شيئًا فشيئًا، بعد أن فرقت أكبر تجمع للجيش الحر في الغوطة الغربية آنذاك.

ضعف الجاهزية والاستعداد الطبي

لم تكن لدى المشافي الميدانية في المدينة التجهيزات الكافية لمواجهة هكذا أزمة، خاصة أن قرار المواجهة مع قوات الأمن اتخذ متأخرًا، وهو ما انعكس على أداء الفريق الطبي من ناحية تأمين الأماكن المناسبة، ومن ناحية تأمين نقاط وآلية الإخلاء، ومن ناحية كثرة المصابين نظرًا لبقاء معظم السكان في بيوتهم، وهو ما تم تداركه إلى حد كبير في الحملة اللاحقة.
الكادر الطبي كان يتألف من طبيب جراح عظمية وطبيب جراح بولية وطبيب طالب دراسات جراحة عامة لم يكمل اختصاصه بعد. ومجموعة من المتطوعين الذي حضروا بعض دورات الإسعاف لا أكثر. وقد شارك بعض الأطباء بشكل جزئي لفترات محدودة. النقطتان الطبيتان في مدرسة النكاش وقرب مقام سكينة كانتا نقاطًا إسعافية، أي أنهما كانتا تعملان على ايقاف النزف وتتعاملان مع الحالات الطارئة فقط، فلم يكن هناك أي تجهيز لغرفة عمليات في هذه النقاط. النقطة الطبية الثالثة في المدينة كانت في مكان مخبئ ولا تفتح إلا في حالات نادرة. أما العمليات الجراحية فكانت تتم في مشفى الرضوان ومشفى الفاروق اللذين تعرضا للتدمير على أيدي قوات الأمن خلال الحملة الأخيرة.
استقبلت نقطة المدرسة التجارية في اليوم الأول من الحملة ما يزيد عن 200 جريح، إلى أن تم استهدافها، فتم نقل النقطة الإسعافية إلى المدرسة الفنية حيث تابع الكادر عمله خلال اليوم الثاني من الحملة. ونظرًا لبقاء معظم سكان المدينة داخلها فقد كانت أعداد الإصابات بين المدنيين كبيرة جدًا وتفوق طاقة الفريق الطبي على العمل. الحالة في المدرسة الفنية كان كما في المدرسة التجارية، أعداد ضخمة جدًا من المصابين وإخلاء جرحى رديء ودون الاهتمام بمعايير الأمان، وهو ما عرض النقطة الأخرى للقصف العنيف وحياة الكادر للخطر، ولذلك اتُّخذ القرار بنقل النقطة الطبية مرة ثالثة إلى قبو قريب جدًا من جامع المصطفى.
أما النقطة الموجودة قرب مقام السيدة سكينة فكان حالها مشابها لمثيلتيها، إلا أنها عانت غيابًا للكادر المختص. فقد كان الأطباء المشرفون على نقطة المدرسة التجارية يذهبون لمعاينة المرضى هناك، مما زاد تشتيت الكادر المشتت أصلًا. وعليه اتخذ قرار فيما بعد بضرورة أن يكون العمل الطبي خاضعًا لإشراف جهة طبية واحدة، وليس أكثر من جهة كما كان الحال خلال المجزرة.

الانسحاب

اليوم الثالث كان الاقتحام، لم يكن انسحاب الجيش الحر منظمًا ولم يُخطَر الأطباء بذلك، وهو ما ترك على الكادر الطبي مسؤولية إخلاء الجرحى وتأمينهم بالإضافة لتأمين أنفسهم. السبت صباحًا غادر قسم من الكادر الطبي المختص المدينة إثر حديث بأن الحر قد قرُب انسحابه.
يوم السبت ظهرًا كانت قوات الأمن قد وصلت إلى مسجد الرحمن، وهي منطقة قريبة جدًا من مكان النقطة الطبية، فخرج الكادر من النقطة هربًا، وترك بعض الشهداء في أرض النقطة الطبية وأخلى الجرحى على الفور بشكل كيفي رغم أن بعضهم كان يحتاج لعمليات جراحية عاجلة. قُسّم الكادر الطبي إلى مجموعات صغيرة تكفل كل منها ببعض الجرحى الذين لا يحتاجون إلى عمليات جراحية لإخفائهم وتأمينهم، وكانت مهمة بالغة الصعوبة؛ حيث تم نقلهم أكثر من مرة ضمن المدينة في ظروف أمنية بالغة التعقيد. فقد قسمت قوات الأمن المدينة إلى قطاعات ثم قامت باقتحامها على هذا الأساس. وكان نقل المرضى بين هذه القطاعات في غفلة عن الأمن مخاطرة كبيرة. المرضى المحتاجون لعمليات جراحية تم إخلاؤهم مع الأطباء الجراحين إلى غرفة عمليات سرية تحت الأرض في المنطقة الغربية كانت قد صممت خصيصا للحالات النادرة. ولم يبق من الأطباء في هذه اللحظة إلا طبيب العظمية والطبيب طالب الدراسات الذي لم يكمل اختصاصه، وكان في غرفة العمليات السرية مريضان يحتاجان إلى عمليات عاجلة. أجريت أول عملية ولكن عدم خبرة الطبيب طالب الدراسات ضاعف من الوقت الذي استغرقته العملية، حيث انتهت بعد ثمان ساعات في حين كان مقدرًا لها أن تنتهي في ساعتين فقط. لذلك توفي المريض الآخر في المشفى دون أن يستطيع الكادر أن يقدم له شيئًا. في هذه الأثناء كانت قوات الأمن قد وصلت في مداهماتها إلى مكان المشفى، وانتشرت حوله دون أن تعرف أن تحتها غرفة عمليات. فتش الأمن المكان وعندما لم يجدوا شيئًا تابعوا في مداهماتهم إلى باقي المناطق.
فيما يخص النقطة الثانية بالقرب من مقام سكينة فلم يستطيع الكادر إخلاء الجرحى لأن الأمن كان قد باغتهم، فاضطروا للهرب بأنفسهم فقط. وبذلك اقتحم الأمن المشفى وأعدم الجرحى ميدانيًا بعد حفلات تعذيب كيدية.

داريا.. بعد عام من المجزرة

الظروف والضغوط التي تعرضت لها المدينة خلال المجزرة أوضحت نقاط الضعف لدى الكوادر في مختلف مجالات العمل، فلم يكن الجناح العسكري ولا الطاقم الطبي فقط من عانى من تخبط وضعف تنسيق، وليس لأحد لومهم، على الأقل لومهم لوحدهم. فالفريق الاعلامي لم يكن أفضل حالًا، فانقطاع الكهرباء المفاجئ عن معظم مناطق المدينة ومعه الانترنت ووسائل الاتصال الأخرى أوقعه في تخبط كبير، تلاه اضطراره للفرار الجماعي.
داريا لملمت جراحها بعد مجزرة آب العام الماضي، واستعادت عافيتها وتلافت أخطاءها وعملت على تحسين كوادرها. اليوم، وبعد تسعة أشهر من الحصار المطبق والحملة العنيفة، تستمر المدينة بالصمود رغم تفاقم الوضع الانساني وانقطاع الموارد ونقص الكوادر… ولربما يعود الفضل في ذلك إلى الدروس اللي أخدتها كافة الجهات العاملة في المدينة عن التجربة المريرة التي مرت بها قبل عام من الآن.