خمس حاجات أساسية للأطفال في الحرب
تهاني مهدي
يتأثر الأطفال بالحروب والأحداث الصعبة كما يتأثر الكبار، إلا أن ردود فعلهم وطريقة تعاملهم مع ما يشهدونه من أحداث يختلف عن الكبار، فبينما يطوّر الكبار أفكارًا ومفاهيم تساعدهم على التأقلم مع الواقع، نجد الأطفال يحتاجون إلى الدعم والمساعدة للحيلولة دون أي إعاقة في نمائهم وتطورهم النفسي والاجتماعي.
وتشتد هذه الحاجة خلال الحرب التي تمر بها سوريا، وعلى العاملين في مجال الصحة النفسية أن يستمروا ببذل الجهود في سبيل تخفيف وطأة الألم والجوع والحصار ومساعدة الأطفال على استعادة صحتهم النفسية قدر المستطاع، فعلى الرغم من صعوبة الظروف التي مروا ويمرون بها، ورغم أنها قد تكون غير مفهومة بالنسبة لهم، إلا أنهم وفي الوقت نفسه يمتلكون القدرة على التعافي، والخروج منها بأقل قدر ممكن من الأضرار النفسية.
وعلى العاملين في هذا المجال إذا رغبوا في تقديم الدعم لهؤلاء الأطفال، أن يكونوا على دراية بحاجات الطفل الأساسية، وعلى وعي تامٍ بمراحل النمو، وخصائصها، ليتمكنوا من التمييز بين المشاكل النمائية، وبين نوع آخر من المشكلات التي تسمى اضطرابات نفسية. ويكون ذلك من خلال توفير جو مناسب يتسم بعلاقات دافئة يبنيها الطفل مع الكبار من حوله تتميز بالقبول، والاحترام، والتقدير والإيمان به والثقة بقدراته، ليستطيع التعبير عن مشاعره بكل حرية و دون خوف.
من خلال ذلك يتضح أن ما يحتاجه الطفل ليس مجرد تلبية حاجاته المادية، بل هناك أنواع أخرى من الحاجات لا تقل أهمية عنها تتمثل في:
- الحاجات المادية: كالحاجة إلى المأكل والملبس والدفء.
- الأسرة: من المعروف أن الأسرة أو الجو الأسري واحد من حاجات الطفل الأساسية، فمن خلالها يكتسب الأمان والثقة وينمو اجتماعيًا ونفسيًا، وبما أن العديد من الأطفال فقدوا أسرهم، فيجب توفير الجو الأسري لهم، وتعويضهم عن الحرمان الذي يعيشونه قدر الإمكان.
- خبرات جديدة: يحتاج الأطفال إلى الإثارة لتنمية قدراتهم ومهاراتهم في الحياة.
- الشعور بالمسؤولية: إن تحميل الأسرة للطفل المسؤولية تدريجيًا حسب سنه يولد عنده شعورًا بقيمته داخل المنزل، ويكسبه الثقة بالنفس والشعور بالقدرة.
ومن الأهمية تحميل الطفل بعض المسؤوليات داخل المدرسة أيضًا، إن وجدت، فهذا يزيد من ارتباطه بالمدرسة أو المكان الذي يؤويه، ويرفع من قيمتها في حياته. - الحاجة إلى الثناء والتقدير: يحتاج الطفل إلى تلقي عبارات الثناء والمديح، ليشعر بأهمية ما ينجز، ولتشجيعه على الاستمرار.
والثناء والتقدير كلمتان مترابطتان فما نريده من الثناء هو التقدير، فإن لم يتحقق ذلك من خلال الثناء، فذلك معناه أن هنالك خطأً في العملية التربوية.
ومن هنا يجب أن نميز بين المديح والتشجيع:
التشجيع: يستهدف السلوك أو الجهد المبذول. مثل “يبدو أن لديك القدرة على ترتيب الغرفة”.
المديح: يستهدف النتائج، مثل “رائع! الغرفة مرتبة”.
كما أن المديح مرتبط بمزاج الراشد، فكل مرة يختلف حجم المديح عن غيرها، وقد يصل إلى مرحلة يعتاد الطفل فيها على ذلك، فيفقد الشعور بما يسمع من إطراء، وبالتالي فإن ذلك لم يخلق لديه روح المبادرة ولم يعزز مالديه من قدرات.
ومن هنا فإن ما علينا فعله عند تقديم الثناء والتقدير هو تحديدًا التركيز على سلوك الطفل، لكي يصبح لديه ثقة بقدراته ما يعزز روح المبادرة، دون أن ينتظر عبارات المديح من أحد.
في الأحوال العادية عمومًا، وفي ظروف الحرب خصوصًا، تحدّد خصائص الأطفال واحتياجاتهم والمرحلة النمائية التي يمرون بها نوع التدخل وليس ما نراه نحن كراشدين، فمقياس مصلحة الطفل يملي علينا أن نقدم الدعم وفقًا لحاجات الأطفال وليس وفقًا لحاجاتنا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :