ديمقراطية نظام الأسد الجديدة
عنب بلدي – العدد 104 – الأحد 16/2/2014
بعد ثلاث سنوات من الحرب على الشعب السوري والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء والملايين من المهجرين، فضلًا عن آلاف المعتقلين والمفقودين، يطالعنا نظام الأسد بفكر ديمقراطي جديد يعيد الحياة الديمقراطية إلى مسارها الذي انحرفت عنه بفعل «المؤامرة الامبريالية الصهيونية السلفية الرجعية الكونية».
فبعد عدة مرات تحدث خلالها رأس النظام بشار الأسد عن أحقيته بترشيح نفسه «بنص الدستور»، وأن لا شيء يمنعه من ممارسة حق من حقوقه التي تضمنه له دون غيره، شرائع فصلت على قياسه عند الخياط الإيراني الروسي، تحدث وزير إعلام النظام عمران الزعبي عن أحقية بشار الأسد بالترشح لفترة رئاسية جديدة. ولم يكتف الزعبي بهذا الكلام، بل إنه تجاوزه ليجعله مطلبًا شعبيًا جماهيريًا للملايين «المملينة» التي تنتظر طلة سيادته البهية من جديد لتبايعه، ليس لفترة رئاسية جديدة، بل إلى الأبد كما هي العادة عند آل الأسد.
ولم يكن هذا الكلام ليمر على صعيد رغبات الرئيس أو حتى كلام بوقه، دون الكلام في الصحف المحكومة من قبل فروع المخابرات، لتعبر عن رأي الشارع المطالب بديمقراطية حقيقية تحت سقف قائد الوطن.
وضمن هذه السلسلة الهزيلة التي تدار في فروع المخابرات، للتعبير عن الحراك الشعبي لترشيح سيادته بطريقة ديمقراطية، يطالعنا مقال جريء نشر في شبكة شام برس المؤيدة لنظام الأسد بقلم ناهض حتر، الذي عنونه بـ «بشار الأسد في انتخابات 2014» ويقول فيه:
«المرشّح بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية السورية 2014، ليس نسخة من الرئيس بشار الأسد الذي حكم بين 2000 و2011 بإرث الزعيم الراحل حافظ الأسد، ثم بصموده في مواجهة الحرب العدوانية على سوريا وشعبها ودولتها الوطنية.
أولاً، يخوض الرئيس، هذه المرة، انتخابات تنافسية حرة برقابة دولية، وستقرر الصناديق، لأول مرة -لا حزب البعث ولا مجلس الشعب ولا الاستفتاء – رئاسته وشرعيته.»
فالكاتب المطالب بالديمقراطية يتحدث عن ثلاث فترات لسيادته: الأولى من عام 2000 وحتى عام 2011، حيث برر هذه الفترة بأنها فترة حكم جاءت من ميراث «الزعيم الراحل القائد المفدى الخالد» حافظ الأسد. صحيح فكان الميراث قد وزع بالعدل. فلبشار الحكم من الميراث، ولماهر السيطرة على الجيش. والفترة الثانية كانت ما بين 2011 والحاضر حيث حكم بشار الأسد، ليس بسبب الورثة التي أخذها عن الراحل حافظ، بل بسبب الحرب العدوانية على سوريا وشعبها ودولتها الوطنية. أي أن الحرب العدوانية التي تقودها كل دول العالم قررت جعل الرئيس بشار الأسد حامي الحمى خلال هذه الفترة. كيف لا وهو أكثر شخص يستطيع تمرير مؤامرات عدوانية لا تطال نيرانها أحدًا إلا شعبه.
أما الفترة الثالثة فهي فترة الديمقراطية الجديدة، وهنا مربط الفرس. وهنا يجب علينا الوقوف قليلًا. فترشحه أمر محتوم وقد سلمنا به، أما انتخابات حرة، فلم يذكر أحد غير سيادته يتنافس معه، وكأن المشهد سيكون مثل دونكيشوت حيث يحارب البطل طواحين الهواء دون منازع، ويكون هو المنتصر الوحيد.
وعند الكلام عن أن القرار للصناديق وليس لحزب البعث فهذا اعتراف صحيح بأن فبركات الانتخابات السابقة كانت تتم في مجلس الشعب وحزب البعث. ولا يمكن لنا أن ننسى يوم تم فبركة انتخابات 2000 خلال دقائق قليلة حيث بدأت بمجلس لطمية لرحيل القائد الخالد، تبعها تفصيل طقم سريع يناسب سيادة الرئيس الجديد الشاب، لتتم البيعة خلال أيام قليلة.
ولكن ما يلفت النظر أن الكاتب بدأ بأول سطر بالتحدث عن أخطاء الانتخابات السابقة، ليتم بعدها الوصول إلى شرعية حكم الرئيس في 2014. ما شاء الله والله إنه لأسرع من تفصيل مجلس الشعب، فما فعله مجلس الشعب خلال أقل من ساعة، فعله الكاتب الفذ «الحتر» خلال ثلاثة أسطر. فمن التبرير لما سبق، إلى انتخابات نزيهة تصل بسيادته إلى سدة الحكم في 2014 مباشرة.
لا عجيب أن نطالع صحف النظام في يوم من الأيام لتقول لنا بأن الشعب قد قرر إلغاء الانتخابات وأن سيادته قد حصل، بعد عدة مقالات أخرى من هذا النوع، على أغلبية 122% ليكون بذلك الرئيس الأبدي الثاني لسوريا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :