بين المصلحة والوطنية.. ضربات التحالف بعيون الثوار والمؤيدين
عنب بلدي – العدد 137 – الأحد 5/10/2014
اختلفت ردود الفعل في الشارع السوري حول الضربات الجوية لقوات التحالف بين المؤيدين لنظام الأسد، الذين انساقوا وراء تصريحات النظام رغم تناقضها من معارضين للضربة إلى مؤيدين بعد ادعاء الأسد بالتنسيق مع الحلفاء، ومعارضين للأسد استنكروا بالمجمل التدخل كونه يستهدف مجموعات قاتلت ضد الأسد، كما اعتبروه إعادة إنتاج للنظام وأجهزته الأمنية.
بداية اتفق الطرفان على رفض الضربات الجوية، ولكن انطلاقًا من اعتبارات مختلفة، ومع اتضاح الصورة انقلب مؤيدو النظام من معارضين للضربة إلى مؤيدين، ورغم أنهم في معظمهم من أصحاب شعارات القومية العربية، ولطالما رفعوا شعار “الموت لأمريكا زعيمة الإمبريالية”، و”الفناء للأنظمة الرجعية”، إلا أنهم اليوم يقفون مع الإمبريالية والرجعية التي تآمرت على سوريا. يقول المدرّس حسن، وهو من مدينة حلب “أدرك الغرب أن السيد الرئيس بشار الأسد الوحيد القادر على ضبط إيقاع المنطقة، كما أنه الوحيد الذي يستطيع القضاء على الإرهاب، وها هم يفتحون قنوات خلفية مع القيادة السورية للحرب على الإرهاب التكفيري”.
ولا يشعر المؤيدون أنهم يعترفون بشكل غير مباشر بعمالة الأسد، حين يجزمون أن هناك “تنسيقًا رفيعًا بين النظام وقوات التحالف”، إذ يتابع المدرّس حسن “ولا نشك أن الغرب أدرك عدم وجود ثورة في سوريا، وأدرك مؤخرًا أن هؤلاء مجموعة إرهابيين لا غير، فتكفّل التحالف بالقضاء على داعش، وترك مهمة القضاء على بقية الإرهابيين للجيش العربي السوري”.
وفي الطرف الآخر يرفض الثوار الضربات الجوية، على أنهم ينظرون من زاوية “المصلحة الوطنية لا من منظار المصلحة الفئوية أو النفعية”، ويرون أن الغرب لا يهدف القضاء على الإرهاب، فعلاج المرض لا يكون بمعالجة الأعراض إنما بعلاج المرض.
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ الطبيب محمود الأحمد، وهو يقطن إحدى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، “التحالف كاذب بادعائه الحرب على الإرهاب، فالقضاء على الإرهاب يبدأ بالحرب على الإرهابي الذي قتل أكثر من ربع مليون وشرد نصف سكان سوريا، أما تنظيم الدولة فهو نتيجة لهذا الإرهاب، فلو كانوا صادقين لبدأوا باجتثاث الإرهاب الحقيقي، ونحن إنما نأسف على موقف الدول العربية التي انساقت وخضعت للضغوط الأمريكية وتخلت عن الشعب السوري المعذب”.
كما يعتقد المعارضون أن الضربات ستؤدي لتدمير ما عجز الأسد عن تدميره؛ بحسب الطبيب محمود، الذي يتابع “انظر للحرب على الإرهاب، إنهم يدمرون الحقول والمصافي النفطية، ويستهدفون المنشآت التي دفع السوريون ثمنها من عرقهم ودمهم”.
ويضيف أبو قتادة، وهو عنصر سابق بالجيش الحر، “الصراع في منطقتنا ونحن من يدفع الضريبة من دمائنا فالقصف لا يميز بين مدني وعنصر دولة، لا سيما أنهم يعيشون معنا يتجولون بالأسواق ونراجع مقراتهم لأنهم السلطة الحاكمة عندنا”.
وعزز استهداف قوات التحالف لفصائل أخرى غير تنظيم الدولة مخاوف الثوار من النوايا الحقيقية للضربات، إذ يقول أبو الليث، وهو قيادي في إحدى فصائل المعارضة، “بدأنا قتال تنظيم الدولة قبلهم بسنة كاملة، وهم الآن يزاودون علينا بالحرب على الإرهاب، إنهم لا يستهدفون الإرهاب، بل يستهدفون القوى التي تحارب الإرهاب الحقيقي… الحرب على الإرهاب تعني دعم من يقاتل الإرهاب لا منع السلاح عنه”.
وأكثر ما يخشاه الثوار أن يكون الهدف من الضربات إعادة إنتاج نظام الأسد وتأهيله، ورغم أنهم واثقون -إلى درجة ما- من استحالة بقائه، لكن القلق يساورهم من بقاء نظامه الأمني؛ علاء مهندس زراعي يقول “وقوف الدول العربية مع التحالف بهذه الفعالية يثبت أن الهدف ليس الحرب على الإرهاب، بل إفشال الثورة السورية، وإعادة إنتاج نظام البعث بواجهة جديدة، كما حصل في نظام مبارك الذي تمت إعادته بدعم خليجي عبر السيسي… الأنظمة العربية وقبلها أمريكا تخشى أن يمتلك شعب عربي حريته بشكل حقيقي لأن ذلك سيجعله نبراسًا لبقية الشعوب العربية”.
الطرفان يعتقدان بوجود مؤامرة، لكن المؤيدين يعتقدون أنها على نظام الممانعة، والثوار يرونها مؤامرة على سوريا، وهنا يسأل الثوار متهكمين: كيف يتعاون النظام مع المتآمرين عليه ويرحب بضرباتهم، وكيف أصبحت القوى الإمبريالية الرجعية حليفة للنظام التقدمي العروبي؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :