أغيد شيخو: وراء كل رقم حكاية
“فجأة تغير كل شيء”.. سوريون يجيبون عن أسئلة اللجوء
عنب بلدي – حلا إبراهيم
“كان الضيف يتحدث عمّا عاشه في وطنه وفي غربته، غائصًا أحيانًا كثيرة فيما يسرد دون الاكتراث لوجودي، إذ كان حجم المعاناة أكبر من أن يبقيه في الواقع الذي هو فيه”.
هكذا وصف الكاتب السوري أغيد شيخو، تفاعل السوريين الذين التقى بهم بعيدًا عن زخم وسائل الإعلام، وهم يعيشون قسوة مخيمات اللجوء، حيث “فجأة تغير كل شيء” عليهم، وهو العنوان الذي أطلقه على كتابه الصادر في آب 2018.
يقول أغيد شيخو لعنب بلدي، “أتى هذا الكتاب ليعبّر عن الناس ومعاناتهم التي عاشوها في سوريا، بعيدًا عن وسائل الإعلام التقليدية، التي ما برحت تسلط الضوء على أعداد القتلى والضحايا دون التركيز على خلفية كل واحدٍ من هؤلاء الضحايا. في هذا الكتاب، الناس هم من تحدثوا عن معاناتهم قبل وبعد أن يتغيّر كل شيء في حياتهم”.
إجابات لأسئلة كثيرة
يعاني السوريون في بلدان اللجوء من مشكلات عديدة، بعد التهجير الذي تعرضوا له والقهر والحرمان الذي فرض عليهم أيضًا أشياء كثيرة وعبئًا لم يكونوا مستعدين له، وهم من ظنوا أنهم تخلصوا من كل العبء بعد خروجهم.
الكثير من الأسئلة تعرض لها السوريون من أهل تلك البلاد، وبالأخص في تركيا، ولكن معظمهم لم يستطعوا الإجابة عنها بحكم الجهل باللغة أحيانًا، واختلاف التفكير والرؤية حول الواقع السوري المتشرذم أحيانًا أخرى.
يحاول شيخو في كتاب “فجأة تغير كل شيء” أن يجيب عن تلك الأسئلة، فيقول الكاتب، “لعل هذا الكتاب يجيب عن الكثير من هذه الأسئلة، كـ: لماذا هرب السوريون من بلدهم ولم يحاربوا العدو؟ لماذا هم هنا ولا يعودون إلى وطنهم؟ هل هذه أنانية منهم في ترك البلد للسفاحين الذين استباحوها طولًا وعرضًا؟ لماذا يختار السوريون أوروبا المسيحية على واقعهم المسلم؟ وهل هروبهم من مسؤوليتهم في الدفاع عن وطنهم يمكن أن يضمد جرح الوطن؟”.
مثل هذه الأسئلة تعرض لها السوريون بشكل يومي في شوارع تركيا، على سبيل المثال حيث يعيش الكاتب، ولكن إعادة وتكرار الإجابات نفسها على مدى أربع سنوات لم يكن بالأمر السهل، فكان هذا هدفًا آخر لإصدار هذا الكتاب، ولعلّ القصص الإنسانية التي يحملها في طياته تجيب عن بعض هذه الأسئلة وإن لم تكن الإجابات واضحة ومباشرة تمامًا.
في الكتاب قصص من حمص، ودمشق، وحلب، وكذلك من درعا، وإدلب، وعفرين، جمعت بين عامي 2014 و2017، كما كان للمقيمين في تركيا نصيب من هذه الصفحات، معظمهم الآن لم يعودوا مقيمين في المكان نفسه، أبطال تلك القصص تغيرت أماكنهم وظروفهم بعد أن أعطوا شهاداتهم.
ويضيف شيخو، “بعد الانتهاء من توثيق قصص بعض القاطنين في ريف دمشق حاولت التواصل معهم مجددًا ولكن لم يبق لهم أثر، البعض أيضًا استطاعوا الوصول إلى حلمهم المنشود، أوروبا، والبعض الآخر وصلني خبر وفاتهم دون إمكانية التأكد من ذلك”.
أصرّ شيخو في كتابه على ألا يؤطّر الحالة السورية بمجرد أرقام، لأناس قتلوا بنيران القصف، أو غرقًا في قوارب الموت، أو حتى بأمراض لم يستطيعوا علاجها بسبب الحصار الذي فرضه النظام السوري على بعض المناطق، أو الجوع الذي فتك بأطفال في مناطق أخرى.
ويقول إن “ما يحدث أكبر من أن يكون أرقامًا لعدد الوفيات، نراها بشكل يومي عبر شاشات التلفزيون، إذ إن وراء كل رقم حكاية، قصة، عائلة، أب وأطفال وزوجة، حبّ يُنتظر، وأصدقاء لم يعودوا إلى الآن، لكنّ المنتظرين لم يملّوا جلوسهم على عتبة المنازل”.
من هو أغيد شيخو؟ولد أغيد شيخو في حلب عام 1987، وهو خريج قسم اللغة العربية في جامعة اسطنبول، بدأ بمجال الإعلام عن طريق الصحافة الفنية، ثم تسلم إدارة قسم البرامج في راديو “ألوان”، ثم انتقل إلى “قناة 28” التركية ليقدم برنامج “إبداعات”، باللغتين العربية والتركية. ولديه ثلاثة إصدارات هي كتاب “اللاجئون في تركيا” ترجمة، و”انحناءات متكررة”، و”فجأة تغير كل شيء” (شهادات). بالإضافة إلى نشاطه في التمثيل المسرحي والسينمائي، وكان آخر فيلم له “المشرق” الذي نال عدة جوائز. |
أرقام عن اللجوء
وشهدت السنوات التي تلت اندلاع الثورة السورية عام 2011 حركة لجوء واسعة من سوريا باتجاه دول أخرى مثل لبنان، والأردن، وتركيا، ثم ازدادت حالات اللجوء إلى دول أوروبا، بعد عام 2012، عن طريق قوارب عبر البحر المتوسط، من ولاية إزمير التركية، باتجاه اليونان، إذ غرق الكثير من السوريين في تلك القوارب، ولقوا مصرعهم.
ثم بدأت هذه الحركة تنحسر نتيجة التشديدات الأمنية التركية على الشواطئ، عام 2016، بعد اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمنع المهاجرين من عبور الشواطئ التركية باتجاه أوروبا.
ثم تراجع عدد المهاجرين الواصلين إلى السواحل الأوروبية، بنسبة 43% في 2017، مقارنة مع 2016، وبعد موجة اللجوء الكبرى التي بلغت 1.26 مليون في 2015.
ووثقت منظمة “مغرانتس” الإيطالية، غرق 3119 شخصًا من أصل 171 ألف مهاجر عبروا البحر المتوسط عام 2017، فيما غرق أكثر من خمسة آلاف طالب لجوء عام 2016 في المتوسط أيضًا، لكن لا توجد هناك أرقام لعدد السوريين الذين غرقوا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :