التعصب لا يلغي التعاطف في ملاعب الكرة
عروة قنواتي
كثيرًا ما نسمع عن إصابات أو أمراض داهمت أجساد عمالقة كرة القدم وهددت مشوارهم الرياضي، فمنهم من توقف تمامًا عن ممارسة الرياضة ومنهم من تابع بعد الصبر والتعافي، مع اختلاف المشهد في الاهتمام الطبي والمعنوي بين بلادنا ومحيطها وبين أوروبا والعالم.
لا أريد الدخول في سرد لأهم الشخصيات الرياضية السورية التي طالها المرض والفقر والعوز وقضت أخيرًا من دون اهتمام ومن دون متابعة وعناية من المسؤولين والقائمين على العمل الرياضي، لا أريد أن أكثر بنقل هذا الأرشيف المخزي إلى أذهان أصدقائي لأن النظام فعل ما هو أكثر من قضية اهتمام وعناية ورعاية لمريض رياضي، قتل المئات منهم وهجر الآلاف وسجن الكثير من القامات الرياضية فلم تعد قضية المرض والتعاطف مع المريض هي الأهم في روزنامة البلاد التعيسة.
منذ أيام تردد خبر تعرض الحارس العملاق إيكر كاسياس لنوبة قلبية خلال تدريباته مع نادي بورتو البرتغالي، وتم إثرها نقله إلى المشفى ومتابعة حالته الصحية التي ضجت بها مواقع وصحف ووسائل الإعلام في كل العالم، مع برقيات التضامن والتعاطف والأمنيات بالشفاء العاجل من أبرز مشاهير الرياضة في العالم عمومًا وكرة القدم خصوصًا، حتى أعداء الملعب ومن يختلف معه بالرأي قاموا بذلك، بالإضافة إلى الحزن الجماهيري الذي ظهر في المنتديات الرياضية في كل العالم.
خبر الوعكة الصحية التي تعرض لها كاسياس نالت من مشاعرنا وإحساسنا وأشعرنا جميعًا بأن قامة رياضية عالمية تابعناها خلال 20 عامًا، ولو كنا لسنا العشاق لفريق أو منتخب هذه القامة المهمة، تستحق الاحترام والتقدير… تذكرنا جميعًا كيف كان يتصدى كاسياس وينقذ منتخبه الإسباني، وكيف كان يرفع الكأس مع ناديه السابق ريال مدريد، وكيف كان يبكي عند الهزيمة.. هو إيكر الإنسان أكثر من أن يكون إيكر الرياضي.. يشابه أبيدال الفرنسي بصراعه مع مرض السرطان في ناديه برشلونة.. وأيضًا رونالدو البرازيلي بعملياته الجراحية في الركبة يوم كان مع إنتر ميلان.. كإحساسنا يومًا بعد يوم بفقدان اللاعب عبد الحق نوري وهو في غيبوبته المستمرة للأسف ووداعه لكرة القدم في عز شبابه.
لم أسمع عن أحد شمت أو سخر من مرض كاسياس.. لا من عشاق خصومه ولا من أي أحد، تعاطف يحسد عليه النجم وسط غياب التعاطف في بلاد يقتل فيها الرياضي لموقف إنساني، ويحرم لاعب من وثيقة انتقاله لمجرد مساعدته بعض المحتاجين في منطقة منكوبة، ويسجن فيها مدرب كرة قدم لأنه قال كفى للظلم.
الأمثلة كثيرة وكبيرة والتعاطف والتضامن العالمي من عشاق ولاعبي ومدربي ومسؤولي كرة القدم في العالم بل في كل أنواع الألعاب مثير للاهتمام والمتابعة، أذكر وأنا صغير عندما سمعت بالطعنة التي تلقتها المخضرمة الدولية في رياضة التنس مونيكا سيليش من أحد الموتورين وكيف غابت عن الملاعب لسنوات، ولكنها لم تختفِ من أذهان الناس والمتابعين.
أذكر أيضًا خبر مقتل لاعب كرة القدم الكولومبي إسكوبار إبان خروج كولومبيا من منافسات كأس العالم 1994 وكيف تناول الوسط الرياضي في العالم خبر مقتله واستنكار قتله، كم كنت أتمنى أن يسمع العالم بالرياضيين السوريين في بلادي وهم يعانون في شوارعها المدمرة وفي مخيمات اللجوء وفي سجون النظام السوري.. ولكن للأسف دائمًا وأبدًا.
وكل السلامة والأمنيات بالشفاء لعملاق حراسة المرمى في العالم إيكر كاسياس.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :