روسيا تمهد لـ”أستانة” بالدم.. بانتظار موقف المعارضة

الدفاع المدني السوري يزيل الأنقاض والردم الناتج عن قصف الطيران الحربي في إدلب- تموز 2019 (الدفاع المدني)

camera iconالدفاع المدني السوري يزيل الأنقاض والردم الناتج عن قصف الطيران الحربي في إدلب- تموز 2019 (الدفاع المدني)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- خاص

تمهّد روسيا إلى جانب حليفها الأسد للجولة المقبلة من محادثات “أستانة”، عبر العمليات العسكرية المكثفة في محافظة إدلب شمالي سوريا، في سياسة تشابه ما يسبق جولات المحادثات التي تضمنها دول روسيا وتركيا وإيران.

وتنطلق الجولة 13 من محادثات “أستانة”، في 1 و2 من آب المقبل، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الكازاخية، في 19 من الشهر الحالي، بمشاركة العراق ولبنان للمرة الأولى.

ومع اقتراب انعقاد الجولة السياسية بين وفدي المعارضة والنظام، عملت الآلة العسكرية السورية والروسية على تمهيد الطريق إلى “أستانة” بأسراب الطيران المشترك الذي يتناوب على قصف مناطق سكنية في إدلب.

المدنيون ثمن التفاوض

تشهد محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، حملة تصعيد عسكرية واسعة من قوات الأسد وحلفائها الروس، زادت وتيرتها في الأيام الماضية مع اقتراب موعد الجولة المقبلة من محادثات “أستانة”.

وكثف الحلف غارات الطائرات التي تركز على استهداف التجمعات السكنية والأسواق الشعبية، وسُجل عدد من المجازر بحق المدنيين كان أبرزها في معرة النعمان في 22 من تموز، التي أسفرت عن مقتل 39 مدنيًا وإصابة 60 آخرين بحسب “الدفاع المدني”.

ومع فشل التقدم العسكري على جبهات ريف حماة، تستهدف الآلة العسكرية الجوية خلف خطوط المعارك، بهدف زيادة الضغط على المعارضة، مصرة على السيطرة على مناطق “المنطقة المنزوعة السلاح” المتفق عليها بين روسيا وتركيا بموجب “اتفاق سوتشي” في أيلول 2018.

وتقول الرواية الروسية إن القصف يستهدف مقرات “الإرهابيين” على عكس ما توثقه المنظمات الحقوقية والإنسانية في المنطقة، ومن بينها “الدفاع المدني”.

ونفت وزارة الدفاع الروسية استهداف طائراتها الحربية السوق الشعبي في معرة النعمان، الاثنين الماضي، ردًا على توثيق المنظمات الإنسانية مجزرة جراء استهداف جوي، بحسب بيان نقلته قناة “روسيا اليوم”.

مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، قالت في بيان نقلته وكالة “رويترز“، الجمعة 26 من تموز، إن “ضربات جوية نفذتها الحكومة السورية وحلفاؤها على مدارس ومستشفيات وأسواق ومخابز أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 103 مدنيين في الأيام العشرة الماضية بينهم 26 طفلًا”.

وأضافت باشليه، ”هذه أهداف مدنية، وفي ضوء النمط المستمر لمثل هذه الهجمات، يبدو من غير المرجح بشدة أن يكون قصفها حدث عن طريق الخطأ“، معتبرة أن التصعيد الجوي تجاه المدنيين في إدلب تقابله ”لا مبالاة دولية واضحة”.

وقالت في هذا الصدد إن النزاع في سوريا “لم تعد تلتقطه الرادارات الدولية”، مضيفة، “أما اليوم، فتؤدي الغارات الجوية إلى مقتل وتشويه أعداد هائلة من المدنيين عدة مرات في الأسبوع، ويبدو أن الرد عليها هو بتجاهلها جماعيًا”.

كما نددت باشليه بالصمت الدولي واعتبرت أن مجلس الأمن “أصيب بالشلل بسبب فشل أعضائه الدائمين الخمسة المستمر في الموافقة على استخدام سلطتهم ونفوذهم لوضع حد نهائي للاشتباكات وعمليات القتل”.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) قالت في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي، الثلاثاء 23 تموز، إن ما يزيد على 400 مدني قتلوا شمال غربي سوريا خلال الأشهر الأخيرة.

وبحسب أرقام فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري، الصادرة في 22 من تموز الحالي، فإن 1010 أشخاص بينهم 281 طفلًا قتلوا جراء العمليات العسكرية منذ 2 من شباط الماضي.

التصعيد يسبق محادثات أستانة

من المزمع انعقاد الجولة الثالثة عشرة من محادثات “أستانة” في الأول والثاني من شهر آب المقبل، وذلك في العاصمة الكازاخية نور سلطان، بحضور وفدي النظام والمعارضة والدول الراعية، دون وجود تأكيد حول حضور المعارضة في ظل التصعيد.

وقال المتحدث الإعلامي لوفد فصائل المعارضة السورية إلى محادثات “أستانة”، أيمن العاسمي، إن قرار المشاركة في الجولة المقبلة غير واضح حتى الآن، مضيفًا في حديث إلى عنب بلدي، “حاليًا تجري مفاوضات لوقف إطلاق النار في الشمال السوري، ولا يوجد حتى الآن قرار واضح للمشاركة في أستانة”.

من جهته، أكد رئيس وفد “أستانة” العسكري الأسبق، العميد فاتح حسون، أنه حتى الآن لا تبدّل بقرار الفصائل لحضور المحادثات المقبلة، معتبرًا أن تركيا عقدت عدة قمم سابقة للحفاظ على منطقة إدلب، كونها تحوي ما يقارب ثلاثة ملايين مدني وتعتبرها مسألة تخص أمنها القومي، مشيرًا إلى أن “هذه القمم نتجت عنها اتفاقية (سوتشي) التي تحتاج لعملية جراحية وفترة زمنية لتطبيقها”.

كما اعتبر أن محادثات “أستانة” باتت إجرائية لغيرها، ولا تخرج عنها قرارات جديدة، والاستمرار بها يعني استمرار العمل على تطبيق اتفاقيات القمم السابقة، والتوقف عنها قد يكون نسفًا لتلك الاتفاقيات.

ونتيجة التصعيد، طالب رئيس هيئة التفاوض السورية، نصر الحريري، فصائل المعارضة بإيقاف المشاركة في محادثات أستانة المقبلة، مطالبًا عبر حسابه في “تويتر”، الأربعاء 24 من تموز، بـ “إيقاف كل أشكال التواصل مع روسيا طالما أن التصعيد العسكري مستمر، واستمرار عدم جدية موسكو في الحل السياسي”، وأضاف أن “مشاركة وفد الفصائل في أستانة ينبغي أن يكون في نفس الاتجاه”.

ومن المتوقع أن يعلن المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، خلال محادثات “أستانة” المقبلة تشكيل اللجنة الدستورية السورية.

وأبدى بيدرسون، ارتياحا كبيرًا متحدثًا عن إنجاز وتقدم في مباحثات تشكيل اللجنة الدستورية، خلال لقائه مع مسؤولين من روسيا وتركيا إضافة إلى النظام والمعارضة السورية، وسط توقعات بتشكيلها في الجولة المقبلة من محادثات “أستانة”.

وينصب الاجتماع المقبل على مراجعة الوضع الحالي، خاصة في محافظة إدلب وشمال شرق سوريا، واتخاذ المزيد من التدابير لمواصلة بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة ودفع العملية السياسية مع التركيز على الانتهاء من تشكيل اللجنة الدستورية.

وكان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أشار في حديثه لوكالة “سبوتنيك” الروسية، الأربعاء 10 تموز الحالي، إلى قرب الاتفاق على اللجنة الدستورية، قائلًا “إن هناك أفكارًا محددة وملموسة تفتح المجال لنتفق بالشكل النهائي على تشكيل اللجنة الدستورية والثلث الأخير منها”.

التفاؤل بتشكيل اللجنة الدستورية أكده وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحفي، الأربعاء 24 من تموز، بقوله إنه يمكننا الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية خلال الأيام المقبلة.

وكان رئيس هيئة التفاوض السورية، نصر الحريري، أكد في مؤتمر صحفي، الاثنين 22 من تموز، أنه تم حل إشكالية الأسماء الستة في اللجنة الدستورية والخلاف حول القواعد الإجرائية.

لكن رغم التفاؤل في انطلاق اللجنة قريبًا، قد تقف عملية التصويت داخلها عائقًا أمام مضيها قدمًا، خاصة أنه في حال حصول إشكالية حول قرار ما، فإن ذلك يحتاج إلى تصويت بنسبة 75% ما يعادل 113 صوتًا، من أصل 150 (عدد أعضاء اللجنة).



English version of the article


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة