بعضهم يفكر بالهجرة وآخرون يلازمون أبناءهم..

الخوف يدفع أهالي الرقة لتغيير نمط حياة أبنائهم

camera iconأطفال يبيعون الدجاج في سوق الجمعة بمدينة الرقة - 8 آب 2020 (عنب بلدي/عبد العزيز الصالح)

tag icon ع ع ع

الرقة – عبد العزيز الصالح

“مستعدة لمغادرة هذه المدينة المخيفة. لا أستطيع تخيل شعور الأم التي فقدت طفلها، وأفعل ما بوسعي لتأمين أطفالي”، بهذه الكلمات تبدي ميادة الحمد التي تسكن مدينة الرقة، وهي أم لطفلين، محمد وبراء، استعدادها لمغادرة المدينة والبحث عن حياة أخرى، خوفًا على حياة أطفالها بعد حوادث قتل وخطف منتشرة في الرقة زادت وتيرتها مؤخرًا.

وقالت ميادة لعنب بلدي، إن طفليها كانا يلعبان في الشوارع كل يوم، كحال أطفال المدينة، وإنها تسكن في حي آمن حيث لم تسمع فيه بأي حادثة تثير الريبة، لكن بعد الحوادث الأخيرة التي مرت بها الرقة بدأت تتخوف على ابنيها أكثر، ولم تعد تسمح لهما باللعب في الشارع.

وأضافت الأم “القلقة” أنها خصصت وقتًا للعب مع ابنيها داخل المنزل، والخروج معهما إلى السوق برفقة والدهما لتعويضهما عن اللعب في الشارع، وتكرر استعدادها لمغادرة المدينة، بالقول، “لا شيء في هذه المدينة يشدني إليها بقدر ما يشدني الهروب منها، أخسر بيتي وعمل زوجي أفضل من خسارة أحد أطفالي”.

مخاوف ميادة جاءت بعد حوادث خطف وقتل لأطفال في مدينة الرقة، نهاية تموز الماضي، انتهت بمقتل بعضهم بطريقة شنيعة، إذ عُثر على طفل يبلغ من العمر 11 عامًا مشنوقًا، بينما عُثر على آخر عمره أربعة أعوام مقتولًا بـ”طريقة وحشية”، حيث غيّرت تلك الحوادث وجه المدينة بالنسبة للأطفال، ودبت الخوف في قلوب ذويهم، بمدينة اعتاد أطفالها على اللعب في شوارعها الواسعة.

التغيير مطلوب

لم تكن ميادة وحدها من تدخلت لتغير في حياة أطفالها إثر الحوادث التي عاشتها المدينة، بل غيّر معظم الأهالي نمط حياة أطفالهم مدفوعين بعاملي الخوف والسعي لحمايتهم.

فراس الدهان، وهو رجل أربعيني يعمل في بيع الألبسة الجاهزة، أوضح لعنب بلدي أنه اتفق مع زوجته على مرافقة ابنهما ذي التسعة أعوام إلى معهده التعليمي، بشكل دائم، بعد الحوادث التي عاشتها المدينة.

وقال فراس، “اشتريت عشرات الألعاب الإلكترونية والتقليدية، ليستغني ابني عن الشارع ويلعب أمام أنظارنا في المنزل، فالشارع صار مكانًا غير آمن”.

“أبو مأمون”، من أهالي حي المختلطة شرقي مدينة الرقة، روى أيضًا قصة تغييره نمط حياة ابنه بسبب الخوف، موضحًا لعنب بلدي، أن ابنه كان يعمل في المنطقة الصناعية بكهرباء السيارات منذ عامين بناء على رغبته في ذلك، بعد رفضه متابعة تعليمه في المدارس “رغم الإلحاح عليه ونصحه بمتابعة التعليم”، إلا أن الخوف عليه جعله ينقله من ورشة صديقه إلى ورشته.

وقال، “بسبب الخوف والقلق عليه، نتوجه اليوم إلى العمل معًا، ونعود معًا”.

وتعيش مدينة الرقة مؤشرات انفلات أمني مؤخرًا، حيث شهدت عدة تفجيرات وحوادث سرقة وخطف وقتل، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

وتعد سوريا من الدول التي يسجل فيها مؤشر الجريمة مستوى عاليًا، إذ تسجل 67.42 نقطة (من أصل 120)، بحسب موقع “Numbeo“، المتخصص بمراقبة مستوى المعيشة عالميًا.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة