دراسة: لماذا تستعرض تركيا قواها في الخارج؟
تحدث مدير مركز الدراسات التركية في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن العاصمة، جونول تول، عن الأدوار التي تلعبها تركيا دوليًا وتأثيرها في المنطقة.
وقال تول، في تقرير نشره موقع “هيئة الإذاعة البريطانية” (BBC)، في 16 من تشرين الأول الحالي، ترجمته عنب بلدي، إن تركيا جاءت لمساعدة حلفائها الأتراك في أذربيجان بعد بدء النزاع المسلح مع أرمينيا، أواخر أيلول الماضي، بتزويد أذربيجان بالأسلحة ومقاتلين نُقلوا من سوريا، على الرغم من نفي أنقرة لذلك.
وأضاف تول أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، طلب من الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، الاستمرار في القتال، على عكس معظم القوى الخارجية التي دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.
أين دخلت تركيا؟
وتناول تول الدور العسكري التركي في دول المنطقة، مشيرًا إلى أن وجودها العسكري العالمي هو الأكبر منذ أيام الإمبراطورية العثمانية.
إذ شنت ثلاث عمليات “توغل” عسكرية في سوريا، وأرسلت الإمدادات العسكرية والمقاتلين إلى ليبيا، ونشرت قواتها البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط لتأكيد مطالبها في المنطقة.
كما وسعت عملياتها العسكرية ضد عناصر حزب “العمال الكردستاني” شمالي العراق، وأرسلت تعزيزات عسكرية إلى محافظة إدلب غربي سوريا، وهددت مؤخرًا بشن عملية عسكرية جديدة شمالي سوريا لمواجهة “الجماعات الإرهابية المسلحة”، إلى جانب وجودها العسكري في قطر والصومال وأفغانستان واحتفاظها بقوات حفظ سلام في البلقان.
ماذا وراء سياسة تركيا الخارجية الجديدة؟
وفقًا لتول، فإن اعتماد تركيا على “القوة الصارمة” لتأمين مصالحها هو حجر الأساس في عقيدة سياستها الخارجية الجديدة، منذ عام 2015، كما أن العقيدة الجديدة “تشك بشدة” في التعددية، وتحث تركيا على التصرف من جانب واحد عند الضرورة.
والقوة الصارمة هي قوة قسرية تُنفذ من خلال التهديدات العسكرية والحوافز الاقتصادية، وتستند إلى موارد ملموسة مثل الجيش أو القوة الاقتصادية.
وسياسة تركيا الخارجية “معادية” للغرب، إذ تعتقد تركيا أن الغرب في حالة انحطاط، وأنه يجب عليها تنمية علاقات أوثق مع دول مثل روسيا والصين، بحسب رأيه.
ويرى تول أن سياسة تركيا الخارجية معادية للإمبريالية، وتتحدى نظام الحرب العالمية الثانية الذي يهيمن عليه الغرب ويدعو إلى إصلاح المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، لإعطاء صوت للدول الأخرى غير الدول الغربية.
كما تنظر العقيدة الجديدة للسياسة الخارجية إلى تركيا كدولة محاطة بأطراف معادية وتخلى عنها حلفاؤها الغربيون، لذلك، فإنها تحث تركيا على اتباع سياسة خارجية استباقية تقوم على استخدام القوة العسكرية الوقائية خارج حدودها.
وهذا بعيد كل البعد عن تركيز تركيا السابق على الدبلوماسية والتجارة والمشاركة الثقافية في علاقاتها مع الدول الأخرى، وهذا التغيير هو نتيجة للعديد من التطورات المحلية والدولية.
بحسب تول، بدأت عقيدة تركيا الجديدة في الظهور في عام 2015، عندما فقد حزب “العدالة والتنمية” الحاكم أغلبيته البرلمانية للمرة الأولى منذ أكثر من عقد بسبب صعود حزب “الشعوب الديمقراطي” المؤيد للكرد.
وشكل أردوغان تحالفًا مع القوميين من اليمين واليسار، لاستعادة أغلبية الحزب الحاكم، والذين دعموه عند استئنافه حربه ضد عناصر حزب “العمال الكردستاني”.
كيف تغير النهج في سوريا
وأشار تول إلى أن قرار نظام الأسد السماح لكرد سوريا في الشمال بإقامة منطقة حكم ذاتي لهم على طول الحدود التركية، وقرار الولايات المتحدة الأمريكية، في 2014، إنزال أسلحة جوًا على “المسلحين الكرد”، الذين تعتبرهم تركيا منظمة “إرهابية”، أدى إلى تغذية الرواية القائلة إن على تركيا أن تعمل بمفردها وتنشر قوات عسكرية لحماية حدودها.
كما مهدت محاولة الانقلاب الطريق لتوطيد السلطة في يد أردوغان، الذي كان قد أشار قبلها إلى نيته شن عملية عسكرية في سوريا لوقف “التهديد الإرهابي” النابع من “الميليشيات الكردية” هناك، لكن الجيش التركي، الذي كان شديد الحذر “بشكل تقليدي” بشأن نشر القوات خارج حدود تركيا، عارض ذلك.
ووفقًا لتول، أصبحت ليبيا مسرحًا آخر لتكتيكات “القوة الصارمة”، إذ كثفت تركيا دعمها العسكري للحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج، لوقف هجوم القوات المتحالفة مع خليفة حفتر، وكان الهدف الأساسي هو تأمين دعم حكومة السراج في مسألة مهمة لحلفاء أردوغان القوميين، شرقي البحر المتوسط.
كما أن تركيا على خلاف مع اليونان وقبرص بشأن حقوق التنقيب عن الطاقة قبالة ساحل جزيرة قبرص المقسمة والحدود البحرية في المنطقة.
هل كان ناجحًا؟
ولفت إلى أن سياسة تركيا الحازمة في سوريا وليبيا وشرق البحر المتوسط لم تفضِ إلى النتائج التي كان الائتلاف الحاكم بزعامة الرئيس أردوغان يأمل بها.
إذ لم تستطع تركيا إخراج “الميليشيات الكردية” بالكامل من حدودها مع سوريا، ولم يغير اتفاق أنقرة البحري مع ليبيا ولا سلوكها في شرق البحر المتوسط الوضع الراهن المناهض لتركيا في المنطقة.
بل على العكس من ذلك، أدى التورط العسكري التركي في هذه الصراعات إلى تقوية المشاعر المناهضة لأردوغان في الغرب، ووحّد مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة في تصميمها على معارضة الأحادية التركية، ما أجبر أردوغان في النهاية على التراجع، بحسب تول.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :