لماذا تكثف إسرائيل غاراتها ليلًا على مواقع في سوريا؟

camera iconصاروخ في سماء دمشق في أيلول 2018 (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

كثفت إسرائيل في الأشهر الأخيرة غاراتها الجوية الليلية على مواقع النظام، لتقليص القوة العسكرية، وللحد من تنامي النفوذ العسكري الإيراني في سوريا، لا سيما في المناطق الحدودية.

تصاعد وتيرة القصف

استهدفت غارات جوية إسرائيلية أهدافًا في المنطقة الجنوبية من سوريا، في قصف هو الثاني للمنطقة الجنوبية خلال 2021، والرابع الذي يستهدف مناطق في محافظات سورية مختلفة.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 3 من شباط الحالي، عن مصدر عسكري قوله، إن “العدو الإسرائيلي نفذ في الساعة 10:42 دقيقة عدوانًا جويًا من جهة الجولان السوري المحتل، برشقات من الصواريخ جو- أرض وأرض- أرض، مستهدفًا بعض الأهداف في المنطقة الجنوبية”.

وأضاف المصدر أن الدفاعات الجوية “تصدت للصواريخ المعادية وأسقطت معظمها، واقتصرت الخسائر على الماديات”.

ونشرت “سانا” مقاطع مصوّرة قالت إنها لـ”تصدي الدفاعات الجوية للصواريخ الإسرائيلية”.

وكانت غارات جوية إسرائيلية من اتجاه مدينة طرابلس اللبنانية، استهدفت محيط مدينة حماة، في 22 من كانون الثاني الماضي، ما أسفر عن مقتل أربعة أفراد من عائلة واحدة وإصابة أربعة آخرين، وتدمير ثلاثة منازل، في ريف حماة الغربي.

واستهدفت إسرائيل، في 12 من كانون الثاني الماضي، مواقع الميليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري في مناطق متفرقة من محافظة دير الزور.

وبحسب مصادر متقاطعة لعنب بلدي من بينها مدنيون، استهدفت الغارات سلسلة من المستودعات والمواقع التابعة لميليشيات مدعومة من إيران في مناطق متفرقة بريف دير الزور الشرقي.

وفي 7 من كانون الثاني الماضي، تعرضت المنطقة الجنوبية في سوريا لقصف إسرائيلي عبر رشقات صواريخ من الجولان السوري المحتل على عدد من الأهداف، بعد أسبوع على قصف إسرائيلي استهدف الدفاعات الجوية لقوات النظام في قمة النبي هابيل بريف دمشق الشمالي الغربي.

وقال عسكريان منشقان لوكالة “رويترز”، إن القصف طال منطقة الكسوة وقواعد عسكرية يستخدمها “حزب الله” اللبناني، في جنوبي سوريا.

وتركز الغارات الإسرائيلية قصفها على القواعد العسكرية التابعة للنظام، و”حزب الله” اللبناني، و”الحرس الثوري الإيراني” والميليشيات المدعومة إيرانيًا، وغالبًا ما تأتي هذه الغارات في وقت متأخر من الليل، أو قبيل الفجر.

لماذا القصف ليلًا

في حديث إلى عنب بلدي، قال العقيد أديب عليوي، إن بنك أهداف سورية تتعامل معه إسرائيل، ومن الواضح مدى دقة هذا القصف، فرغم وجود بعض الأهداف بين الأحياء السكنية، لا يترك القصف بالقنابل الذكية مجالًا للخطأ.

وعن أسباب اختيار التوقيت الليلي لهذا القصف المتكرر، يرى عليوي أنه لا فارق بين ليل ونهار عند استخدام القنابل الذكية، لكن الليل يتيح تحقيق خسائر أكبر في العنصر البشري ضمن النقاط المستهدفة، مع تقليل احتمالية وقوع ضحايا في صفوف المدنيين في حال كان الهدف ضمن منطقة سكنية.

ومن وجهة نظر عسكرية، يختلف القصف الليلي عن النهاري في الحروب الكلاسيكية، ويكون أكثر صعوبة لعدم وضوح الرؤية، لكن الأسلحة الدقيقة التي تستخدمها إسرائيل تعمل وفق شعار “أطلق وانسَ”، فالقذيفة لا تخرج إلا عند ضمان إصابة الهدف المطلوب.

وبحسب عليوي، فإن إسرائيل لا تستعمل مع النظام أي تكتيك عسكري، لعدم حاجتها إلى ذلك، فالطيران الإسرائيلي حلّق فوق اللاذقية قبل الثورة السورية وحين كانت قوات النظام بكامل طاقتها، كما قصف مفاعل “الخبر” في دير الزور (عام 2007) أيضًا دون أي رد فعل من النظام.

ولا تعدو منظومة “S-300” الروسية، التي يتباهى بها النظام، كونها مجرد خدعة، برأي عليوي، فالروس لا يسمحون باستخدامها ضد إسرائيل، بينما يتجنب الإيرانيون أي رد مباشر على أي سلوك إسرائيلي.

واستبعد عليوي توقف الغارات الإسرائيلية قبل تحقيق غرضها، الذي يتمثل بإبعاد القوات الإيرانية عن حدود إسرائيل بما لا يقل عن 70 كيلومترًا، وتقليم أظافر إيران في المنطقة، موضحًا أن القصف لا يسعى لاقتلاع النفوذ الإيراني من المنطقة، بقدر ما يسعى لتقليص فائض القوة العسكرية لها في سوريا.

ما جدوى الغارات

العقيد الركن إسماعيل أيوب، يرى أن الضربات الإسرائيلية لا تستهدف الوجود الإيراني إلا في الظاهر فقط، فإيران موجودة في سوريا بقرار دولي، كما أن القصف الإسرائيلي لا يسعى لشل حركة النظام، إذ لم يستهدف الطيران الحربي، أو القطع العسكرية التي يستخدمها النظام في مواجهة شعبه، بحسب تعبير أيوب.

وقال العقيد الركن، في حديثه إلى عنب بلدي، إن إسرائيل تسعى لتدمير كل ما يتعلق بتكنولوجيا الأسلحة والدفاعات الجوية، دون إيلاء أي أهمية من جانبها لعدد القتلى في غاراتها.

وتستخدم إسرائيل في طلعاتها الجوية على مواقع النظام أنواعًا مختلفة من الطائرات “الشبحية” التي يساعد الظلام في إخفاء هويتها، طالما أن الرادار لا يلتقطها أصلًا، وهكذا يظل الطيران مجهول النوع ما لم تفصح هي عن نوعه.

ولدى إسرائيل بعض الخطوط الحمر التي تحظر على النظام تجاوزها، كامتلاك ذخائر متطورة، أو تهديد ما تعتبره أمنها القومي، والوجود الإيراني في سوريا أحد هذه الخطوط بالطبع، بحسب إسماعيل أيوب.

ورغم عدم تبني إسرائيل للغارات، فإن التقرير السنوي الصادر في 31 من كانون الأول 2020، عن الجيش الإسرائيلي، تحدث، بحسب ما نقلته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، عن تنفيذ الجيش الإسرائيلي 50 غارة جوية على أهداف ومواقع عسكرية في سوريا خلال عام 2020.

ومما يساعد ويشجع إسرائيل على الاستمرار في قصفها، غياب أي رد حقيقي من جانب النظام السوري، باستثناء المضادات الأرضية، التي لا تعوق أي استهداف إسرائيلي داخل الأراضي السورية، بحسب ما نقله موقع “إيلاف” الإخباري عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هيداي زيلبرمان.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة