رياض درار لعنب بلدي: “اقتصاد حرب” شرق الفرات ولا أمل من المفاوضات مع النظام
حوار: أسامة آغي
تعقيدات المشهد السوري في شمال شرقي سوريا “تكثيف” للواقع في حي لم تجر حسابات موضوعية له، فبقي أسير رغبات تتجاوز الجغرافيا والتاريخ وواقع الحال.
عنب بلدي أرادت تسليط ضوء حول مفاوضات مع النظام السوري أجراها وفد من “مجلس سوريا الديمقراطية”، حول معارك القامشلي وخفاياها، فالتقت بالرئيس المشارك لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، السيد رياض درار.
مفاوضات بلا أمل
“المجرّب لا يجرّب”، هذا مثل شعبي ينطبق بصورة ما على مفاوضات مع النظام السوري، اعتقد “مجلس سوريا الديمقراطية” أنها ربما تُثمر نتائج تفيده.
وقال الرئيس المشارك لمجلس سوريا الديمقراطية، رياض درار، لعنب بلدي إن “التفاوض مع النظام لم يُنتج شيئًا، ولم يُنجز أي شيء”، ويرى أن النظام يريد أن يبقى كما هو، يعطي بعض المكاسب الشكلية، ويعود كأن شيئًا لم يكن”.
ووصف درار الحوار مع النظام بالـ”عقيم”، وأن حوار “مسد” معه في عام 2018، تلخص في أن يكون هناك لجان خدمية تشمل التعليم والصحة وإدارة القيد المدني وسدّ الفرات والكهرباء، لخلق بعض الثقة والتقدم، لكن النظام لم يتحرك، وبقي الأمر على حاله.
وأكد درار، في حديثه مع عنب بلدي، أن التفاوض مع النظام لم يعط نتيجة مثمرة.
ويرى درار أن “مسد” تعرض لما تعرّضت له المعارضة السورية التي فاوضت النظام في “جنيف” و”أستانة”، إذ أن الحوار السياسي مع النظام السوري دار حول الحل السياسي في سوريا وفق القرارات الدولية بما فيها القرار 2254، واستمر النظام بالتمسك برؤيته ومساره ويطالب الآخرين بالالتحاق به.
وبالتالي، وبناءً على هذا التمسك، يرى درار أن على السوريين المعارضين أن يوحدوا كلمتهم لمواجهة النظام السوري.
وكان السفير الروسي في سوريا، ألكسندر يفيموف، أعلن في، 11 من شباط الماضي، أن روسيا “تؤيد حوارًا بين حكومة النظام السوري و”الإدارة الذاتية” (يمثل مسد أبرز مكوناتها السياسية).
وأضاف يفيموف، في حديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية، أن “روسيا تنطلق من أن الكرد السوريين هم جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، لذلك نحن ندعم الحوار بين الكرد ودمشق، خاصة في شؤون بناء وطنهم المشترك في المستقبل”.
وأكد يفيموف حينها أن موسكو “أسهمت عبر قنوات مختلفة في إقامة اتصالات بين النظام والإدارة الذاتية”
وخلال كانون الثاني الماضي، زار وفد من “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) (وهو الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية) دمشق، ولم تكن الزيارة ناجحة، وسبقت تلك الزيارة زيارات أخرى “فاشلة”، بحسب القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي.
وكان عبدي قال في لقاء أجراه مع صحيفة “الشرق الأوسط”، إن الحوار مع النظام توقف نتيجة “ذهنية النظام المتزمتة”.
ووفق درار، فإن النظام لم يعترف بـ”الإدارة الذاتية” ولا يريد أن يعترف بها، ويرى أن النظام لا يريد تغيير شكل الحكم القائم في سوريا، بل يريد استمراره نفس التنظيم والتراتبية، وأن تستمر الأمور كما هي.
وأكد درار أن النظام السوري حاول تقديم إغراءات للكرد، وبشكل خاص للذين شاركوا في الحوارات، لكنهم رفضوا أن يكون هناك تجزئة للرؤية، بحسب تعبيره.
وبرأي درار فالمشروع (في شمال شرقي سوريا) هو “مشروع سوري، وهو للكرد والعرب وللسريان الآشوريين، ولجميع المكونات”.
ويعتقد درار أن الحل في سوريا، يقوم على تغيير الدستور على أساس نظام “لا مركزي”، وإدارات ذاتية في كل المناطق السورية”.
وأضاف درار أن على هذه الإدارات الذاتية ألا تكون “بمرجعيات هوياتية”، أي أنها غير قائمة على أساس الهويات العرقية، وإنما لمصالح السكان بكل تفصيلاتهم وتنوعاتهم.
ولا تعد مفاوضات “مسد” مع النظام التحركات السياسية الداخلية الوحيدة، إذ سبق وأعلن المنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية”، حسن عبد العظيم، في حديث خاص لعنب بلدي، في شباط الماضي عن اتفاق مع “مسد” يرى النور قريبًا “لإنقاذ الشعب السوري” بحسب وصفه.
وقال عبد العظيم لعنب بلدي حينها إن الحوار يتمحور حول “إعلان مبادئ مشتركة وخطوات تنفيذية، ولجنة مشتركة تحرص على إنجاز الاتفاق قريبًا، والوصول إلى عمل مشترك ورؤية مشتركة لتعزيز العملية السياسية، والمعارضة الوطنية الديمقراطية، وإنقاذ الشعب السوري”.
شرق الفرات يعيش اقتصاد حرب
يشكل الاقتصاد الزراعي في شرق الفرات حاليًا حوالي 75% من اقتصاد المنطقة التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية”.
بينما تحتل الثروة الحيوانية نسبة 15%، وتضاف إليها التجارة عن طرق المعابر التجارية سواء إلى العمق السوري، أو إلى كردستان العراق مرورًا بمعبر سيمالكا، أو عبر مدينة جرابلس إلى مناطق “درع الفرات”.
هذه النسب تحدث عنها نائب الرئاسة المشتركة لهيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية، ديروك ملا بشير، في لقاء سابق مع عنب بلدي، أما ما تبقى من موارد فتحصل عليها الإدارة من خلال عائدات النفط القليلة الناتجة عن استخراج النفط الخام من حقل الرميلان وبيعه للنظام السوري أو تصديره إلى كردستان العراق.
ولم تشكل هذه الموارد، على اختلافها وتنوعها، عامل استقرار اقتصادي للإدارة الذاتية، الأمر الذي يعود لإغلاق المعابر النظامية التي تربط المنطقة بأراضي سيطرة النظام أو بالأراضي العراقية من جهة، ولتضرر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من جهة أخرى، إضافة إلى صعوبة استثمار آبار النفط الموجودة في المنطقة.
بالمقابل، يمكن أن تشكل الثروات التي تضمها المنطقة موارد جيدة للجهة التي يمكن أن تسيطر عليها، في حال انسحاب أو تراجع “قوات سوريا الديمقراطية”، خاصة إذا ما تم ضم الجزء الأكبر منها لسيطرة النظام وأعيد استثمار حقول النفط وفتح بعض المعابر الحدودية.
وقال الرئيس المشارك لـ”مجلس سوريا الديمقراطية”، رياض درار، لعنب بلدي إن “الثروات في شرقي وشمال شرقي سوريا تعاني ذات الحصار الذي يعاني منه بقية السوريين”.
وأشار درار إلى وجود شكوى دائمة من الحصار المستمر، وإن إدارة مشاريع اقتصادية تتم وفق (اقتصاد الحرب).
هذه الإدارة ليست مقدمة لشيء يمكن أن يعتمد عليه على أنه تحقيق استقرار اقتصادي، بل هي إدارة اقتصاد من أجل البقاء، وفق رياض درار.
ورفض درار ما يقال حول “سوء توزيع إداري في هذه الأمور”، معتبرًا أن هذا الكلام “تجاوز لحقائق الأمور”، لأن معيشة سكان المنطقة، الذين يتجاوز عددهم أربعة ملايين، ليست بالأمر الهيّن، بحسب تعبيره.
ويعتقد درار أن سكان شرق الفرات يعيشون بشكلٍ أفضل من المحيط، معتبرًا أن كل الأخطاء التي تحصل هي أخطاء نتيجة الضغوط المستمرة، والمؤامرات، بحسب رأيه، لكن درار في المقابل يرى أن “هناك نقصًا، ونحتاج إلى الاستقرار أكثر، لنحقق مزيدًا من التقدم والتنمية”.
قوات الدفاع الوطني خدمة للنظام السوري
ما يحدث من معارك في منطقة القامشلي شمال شرقي سوريا، يطرح أسئلة كثيرة، حيث يوجد النظام في مربع أمني، ولديه بعض الأنصار الذين يؤيدونه انطلاقًا من مصالح تجمعهم به.
واندلعت اشتباكات بين قوات “الدفاع الوطني” التابعة للنظام السوري و”أسايش” (الذراع الأمنية للإدارة الذاتية)، إثر مقتل عنصر من الأخيرة في 20 من نيسان الحالي، وتمكنت من دخول الحي والسيطرة عليه بعد مغادرة قوات “الدفاع الوطني”.
ويفرض النظام السوري سيطرته على المربع الأمني داخل الحسكة وعلى “فوج كوكب” العسكري، بينما تسيطر “قسد” على بقية أجزاء المحافظة.
وقال رياض درار لعنب بلدي “إن تحركات النظام في شمال شرق سوريا نابعة من وجوده في المربعات الأمنية، وله أزلام يتحركون بتوجيه منه”.
ويرى أن إنشاء ما يسمى “قوات الدفاع الوطني”، ليست غايته العمل بهدف إنجاز مصالح للمنطقة، بقدر ما هو لخدمة سياسات النظام في الفتنة والتفريق، وأن ما يقومون به باستمرار، عبارة عن رسائل يوجهها النظام على أنه موجود”.
والمربع الأمني الذي بقيت فيه مؤسسات حكومة النظام السوري، هو في الجهة الجنوبية بالقرب من دوار حي طي وحي زنود على حزام مدينة القامشلي الجنوبي بعرض 145 مترًا، وبعمق ابتداء من مدرسة “عباس علاوي” وباتجاه الحزام لمسافة 325 مترًا.
ويفسّر درار وجود مؤسسات الدولة السورية التابعة للنظام في شمال شرقي سوريا حيث تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” على الأرض هناك، بأن وجودها هو تعبير عن التمسك بوحدة سوريا، ولكن لا يعني ذلك قبولًا بالنظام وسياساته، لأن إدارة الصراع تتطلب حوارًا مستمرًا للوصول إلى نتائج أكثر إيجابية”.
وأضاف أن “مشروع (الإدارة الذاتية) بوجود مربعات أمنية فيه، يدلّ على أنه توجد إمكانية على إدارة المناطق في سوريا مستقبلًا من قبل أبنائها، والنجاح في ذلك، رغم وجود سياسة للمركز مخالفة”.
واعتبر درار أن النظام ينشد الحديث عن دوره ووجوده في المنطقة، لتكون هناك فعالية في الانتخابات الرئاسية المقررة في أيار المقبل.
وسخر درار من هذا الأمر بقوله إن النظام لا يحتاج إلى صناديق انتخابات، لأنها ستكون مملوءة سلفًا بكلمة “نعم” من قبل مؤيديه، معتبرًا أن النظام بحاجة فقط للشعارات والصور والأعلام والدبكات، وهذا هو ما يريده لإظهار صورته بأنه موجود في المنطقة.
لكن درار يرفض هذا الأمر مؤكدًا أنه لن يحصل، وأن نتائج المواجهات في القامشلي سيكون لها ما بعدها: “ننتظر كيف يمكن أن تعالج هذه الأمور من تدخّل أصدقائه الفاعلين (الروس)، بينما لا اصدقاء للسوريين او للمعارضة السورية ولا للفعاليات الموجودة في شمال شرق سوريا”.
لا انتخابات عامة.. بل محلية
وحول نية “مسد” إجراء انتخابات عامة في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، قال درار “نحن بحاجة لمؤتمر جامع لتشكيل جسم الإدارة الذاتية، وليس عبر الانتخابات”.
وأضاف، “في العام 2014 جرت انتخابات، لكنها توقفت بعد خسارة عفرين، ولم تصل الانتخابات آنذاك إلى إنجاز نهايات الانتخاب في اختيار قيادات عليا، مع ذلك، كانت الإدارة تتطور”، بحسب تعبيره
لكن درار يعترف بالحاجة لإجراء انتخابات محلية لاختيار ممثلي الإدارات والمجالس، موضحًا أن ذلك قرّر بعد مؤتمر الجزيرة والفرات، الذي عُقد بتاريخ 15 من تشرين الثاني 2020، وأن متابعة تلك القرارات مستمرة، من ضمنها إنجاز بعض التغييرات”.
ويرى درار أن طرح مشروع الانتخابات سيتأثر بالتحركات الجارية على الأرض، وأنه في حالة عدم الاستقرار لا يمكن الحديث عن انتخابات، مشيرًا إلى أنه في حال جرى تصعيد الأمور والمواجهات ربما يحتاج “مسد” إلى تغيير السياسات، والوقوف في وجه الفتنة القائمة إلى حين، على حد تعبيره.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :