بايدن يمدد حالة الطوارئ غير الرادعة تجاه سوريا
منصور العمري
في ظل عدم وضوح استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه سوريا، أصدر جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة، بيانًا، في 6 من أيار/ مايو الحالي، يمدد حالة الطوارئ الوطنية لبلاده تجاه سوريا، وهو إجراء سنوي روتيني.
فيما يُعتبر رسالة موجهة من بايدن إلى بشار الأسد وداعميه، تضمن البيان أربعة شروط لإسقاط العقوبات المحتمل عن نظام الأسد وداعميه:
1. وقف حربه العنيفة ضد شعبه.
2. وضع وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد.
3. تمكين إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع السوريين المحتاجين.
4. التفاوض على تسوية سياسية في سوريا بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم “2254”.
رغم أن هذه الشروط تتكرر ذاتها تقريبًا كل عام في بيان التمديد الذي يتذيله وعد من الولايات المتحدة بإسقاط العقوبات عند تحقق الشروط، فإن هذه الشروط لا تبدو رادعة أو شديدة، ولا يبدو أن الولايات المتحدة تبذل جهدًا للتحقق من مدى ردع أو فعالية هذه العقوبات التي بدأت منذ 15 عامًا.
أولًا، الشرطان الأول والثاني يحملان ذات الهدف. وتحقق وقف إطلاق النار عدة مرات في السنوات السابقة.
الشرط الثاني يطالب بالسماح بإيصال المساعدات بلا عوائق، وهو بجزئه الأكبر متعلق حاليًا بـ”الفيتو” السياسي الروسي على المعابر الإنسانية. كانت المعابر مفتوحة لسنين من قبل، لكن الروس استخدموا “الفيتو” لمنع تمديد تصريح فتح المعابر للضغط على أوروبا والولايات المتحدة في الأمم المتحدة. يمكن للروس أن يسمحوا بإعادة فتحها ببساطة.
أما الشرط الأخير الذي يطالب الأسد بالتفاوض، فهو ما كان يفعله الأسد فعلًا. لا تزال المفاوضات جارية، وكما قال وليد المعلم، “سنغرقهم بالتفاصيل”، وهو ما يمارسه النظام السوري حتى اليوم في أي مفاوضات أممية.
أي أن جميع هذه الشروط لا معنى لها، ويمكن للنظام السوري تجاوزها ببساطة في الوقت الراهن.
العقوبات المفروضة على سوريا بموجب حالة الطوارئ الوطنية الأمريكية، والمذكورة في بيان بايدن:
الأمر التنفيذي “13572“: 29 من نيسان/ أبريل 2011، تجميد ممتلكات بعض الأشخاص فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
وُضعت العقوبات لانتهاكات الحكومة السورية لحقوق الإنسان، بما فيها المتعلقة بقمع الشعب السوري، من خلال استخدام العنف والتعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفيين للمتظاهرين السلميين من قبل الشرطة وقوات الأمن وكيانات أخرى.
يفرض هذا الأمر التنفيذي عقوبات مالية، كحجر الممتلكات في الولايات المتحدة أو الواقعة تحت سيطرتها، لأي شخص مسؤول أو متواطئ أو مسؤول عن الأوامر أو السيطرة أو التوجيه أو المشاركة في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، بما فيها المتعلقة بالقمع.
كما فرض الأمر هذه العقوبات على ثلاثة أفراد، هم ماهر الأسد وعلي مملوك وعاطف نجيب، وعلى كيانين هما “المخابرات العامة” و”فيلق القدس”.
الأمر التنفيذي “13582“: 18 من آب/ أغسطس 2011، تجميد ممتلكات الحكومة السورية وحظر معاملات معيّنة فيما يتعلق بسوريا.
أتى الأمر بسبب تصعيد الحكومة السورية المستمر للعنف ضد الشعب السوري. وشمل عقوبات مشابهة للأمر التنفيذي السابق.
الأمر التنفيذي “13606“: 22 من نيسان/ أبريل 2012، حجز الممتلكات وتعليق دخول بعض الأشخاص إلى الولايات المتحدة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل حكومتي إيران وسوريا عبر تكنولوجيا المعلومات.
أتى الأمر بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الشعبين في إيران وسوريا من قبل حكومتيهما، والتي يسهلها تعطيل الإنترنت، والمراقبة والتتبع من قبل تلك الحكومات، والاستخدام الخبيث للتكنولوجيا من أجل هذه الأغراض.
يفرض هذا الأمر التنفيذي عقوبات متعلقة باستخدام التكنولوجيا وبيعها للحكومتين السورية والإيرانية.
الأمر التنفيذي “13608“: 1 من أيار/ مايو 2012. حظر معاملات معيّنة مع الولايات المتحدة، وتعليق الدخول إلى الولايات المتحدة للمتهربين من العقوبات فيما يتعلق بإيران وسوريا.
يعاقب هذا الأمر أشخاصًا أجانب للمشاركة في أنشطة تهدف إلى التهرب من العقوبات الاقتصادية والمالية الأمريكية فيما يتعلق بإيران وسوريا.
من ناحية، تظهر العقوبات في هذه الأوامر التنفيذية مدى تقصير حالة الطوارئ الوطنية الأمريكية في ردع جرائم الأسد وعدم اتخاذها إجراءات رادعة أو ذات معنى لوقف إجرام الأسد بحق السوريين، إذ اقتصرت العقوبات على المسؤولين عن الجرائم ومن يدعمهم، بتجميد ممتلكاتهم في الولايات المتحدة وتعليق دخولهم إليها، أي تجميد ممتلكات المجرم ماهر الأسد مثلًا في الولايات المتحدة وتعليق دخوله إليها!
من ناحية أخرى، تشير شروط إسقاط هذه العقوبات إلى إمكانية تأهيل نظام الأسد دوليًا مرة بعد أخرى.
أدان بيان الرئيس الأمريكي العنف الوحشي وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام الأسد ومساعدوه الروس والإيرانيون، لكنه دعا نظام الأسد إلى تحقيق الشروط كي تنظر الولايات المتحدة في التغييرات في سياساته وأفعاله لإنهاء العقوبات أو استمرارها.
كأن خاتمة البيان تقول: “نحن ندين الانتهاكات، ولكننا لن نفعل شيئًا حقيقيًا تجاهها”. اعتمد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، مبدأ تجريد المجرم من سلاحه وتركه طليقًا، ورغم ذلك فشل أوباما في تجريد الأسد من سلاحه الكيماوي. أما بايدن فلن يسحب سلاح الجريمة حتى، بل يدعو المجرم إلى التوقف عن ارتكاب جرائمه.
أثبتت سياسة أوباما في تجريد الأسد من مخزونه الكيماوي فشلها الذريع، حيث استخدم نظام الأسد السلاح الكيماوي مرات عديدة بعد إعلان سحب مخزونه الكيماوي، وهو ما يمكن أن يفعله نظام الأسد إن استجاب ظاهريًا لشروط بايدن الظاهرية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :