ماذا أضاف المعلول إلى الجسد المعلول؟

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

أحاول دائمًا تجنب الحديث وتداول تركيبة هؤلاء الذين يتقنون حياكة قميص أو بنطال أو قبعة وتجربة قياسها على شجرة أو عمود كهرباء، أحاول كثيرًا ومن بعيد أن أفهم ما الذي يجعل تجاربهم لا تخرج من نفس الزجاجة منذ العام 1971 حتى اليوم، رغم إيماني المطلق بأنها ليست تجارب للنجاح والفشل أيًا كانت النتيجة، بل إنها نهج وطريق يجب العبور منه في كل مناسبة، فالعقلية التي تغذي هؤلاء ويتبنونها، لا تقبل الإصلاح والتعديل والتطوير.

باختصار، جاء نبيل المعلول ليتسلّم دفة فنية لكوكبة تدعى “المنتخب” بوصاية بعض المنتشين في مناصبهم الرياضية داخل دمشق، حاملًا معه أمنيات من نصحه بالقبول، وبلعابه الذي سال لفرصة القفز بالجسد الميت سريريًا نحو أغلى المسابقات في العالم (المونديال)، وبأن الظروف مناسبة لكي يكرر إنجاز المنتخب التونسي الذي وصل إلى النهائيات عام 2018.

وعود وأحلام وأتعاب بالدولار وهيا بنا لنكتب تاريخكم بقلمي… لكن كان القدوم والرحيل أسرع مما يظن المعلول ومن أتى بالمعلول، وبصورة لم يتوقعها ابن تونس الحالم، رغم أنها عادية بحسب التجارب في بلادنا، وتتبرمج عليها الأدمغة والعقول.

أحب السيد المعلول بعض الشخصيات وابتعد عن الآخرين. حاول فرض جرأته وتدخل وهدد وتلفظ وصدرت له تصريحات على الإعلام، كانت أول سكين في حبل الوداد الهش بين المعلول والجسد المعلول.

قلنا يومها من ضمن من قالوا وسردوا إن “الفالج لا يعالَج”، مرحلة لم تنتهِ ولن تنتهي ولن يكون العهد المأمول بقدوم المعلول، فقد جرى هذا الأمر سابقًا مع المرحوم المدرب المصري أحمد رفعت والإيراني جلال طالبي، وبالمشروع الذي كاد أن يوصل الإيطالي الشهير كابريني إلى أروقة العمل الخاص بهذه الكوكبة التي تسمى “منتخبًا”، وأمثلة تشمل مدربين أجانب “ربع ونص كم”، ولا تنتهي عند المدربين الوطنيين بمختلف درجات علومهم وقبولهم وقدراتهم.

قبل الثورة السورية بعشر سنوات، وحصرًا بدخول الألفية الجديدة، تعاقب على تدريب المنتخب 13 مدربًا أجنبيًا وعربيًا ومن أبناء البلد، ومنذ العام 1990 حتى دخول الألفية الجديدة، سجلت مصنفات اتحاد الكرة تسلّم 15 مدربًا لهذا المنتخب بين مؤقت وأساسي وطوارئ، وخلال سنوات الثورة تم تسجيل ستة مدربين.

إذن، خلال 30 عامًا على مسيرة هذا المنتخب تم تعهيده لـ34 مدربًا، بعهد 19 مجلس إدارة اتحاد كرة. وصل إلى نهائيات آسيا للرجال ثلاث مرات من أصل ثماني نسخ في هذه الفترة الزمنية، وخرج من أدوارها الأولى كما العادة. لم يصل إلى المونديال. نال لقب غرب آسيا مرة واحدة من أصل 21 مشاركة. لم ينل بطولة كأس العرب ولا ذهبية كرة القدم في دورة الألعاب العربية خلال فترات إقامتها.

ولا يشارك هذا المنتخب في بطولات القدم بدورة المتوسط منذ العام 1987، حتى يبقى اسمه محفورًا بالأرشيف، إذ فاز ولم يلعب ويخسر بعدها في بطولة ثانية، هكذا يفكر من يسيطر على القرار الرياضي في دمشق منذ العام 1971 وحتى اليوم… لا حاضر ولا مستقبل ومجد الأرشيف فليبقَ بالأرشيف.

إذن، ماذا سيقدم السيد المعلول للجسد المعلول بغض النظر عن إمكانياته وقدراته، جيدة كانت أم عادية، وعن لسانه وتدخلاته التي لا تمت للرياضة وكرة القدم بصلة في بعض الأوقات… و”لأن المكتوب مبين من عنوانه” كما كان يجري سابقًا وسيجري مستقبلًا، فقد رحل المعلول بخلافات تبدأ ماليًا ولن تنتهي بتصريحات رأس الهرم الرياضي في دمشق، التي لا يمكن لمدرب قواعد أن يتحدث بها بالعرف الرياضي إذا كان يحترم المكانة والأهمية. ما علينا.

انتصر المعلا على الغايب، وأثبت له أن القرار للاتحاد الرياضي العام طفل القيادة القطرية على حساب كل الاتحادات، أيًا كان شكلها وتوظيفها وقناعة القائمين فيها، وعلى رأسهم اتحاد الكرة الهزيل في بلادنا منذ أكثر من 25 عامًا. أثبت المعلا أن رؤية المنظمة بكرة القدم أهم من رؤية أهل الكار وأهل الاختصاص، فإلى أين تسبحون يا نور العيون؟

على بوابة التصفيات النهائية يعود مدرب الطوارئ لهذه الكوكبة، وهو الذي اعتاد أن يكون مطرودًا ومطلوبًا للعمل، وأسير القرارات مهما امتلك من خبرة ومن معلومات، يعود الآن مدرب الطوارئ لكي يسمع من يؤمن بهؤلاء ومن تدمع عيناه لهذه المجموعة التي تسمى “منتخبًا”.

يعود بشعارات جديدة عن وحدة البلاد ومقاومة العدو، ودور كل مواطن بتنظيف شارعه وبيته ودرج بنايته ومؤسسته، وتحمل طوابير طويلة في وجه المؤامرة والحرب الكونية، كما يفعل المنتخب بالتحضير مع مدرب الطوارئ لمواجهة أبطال وأسماء مهمة على مستوى القارة الآسيوية.

واها هية هية خلي الفرحة سورية.. وتعال عيش الحلم.. الذي تحول إلى كابوس منذ سنين طويلة ومن الصعب أن يعود إلى حلم، قبل أن تتوفر ظروف الحلم.

وهذه حدودكم بوجود المعلول وغير المعلول!





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة