البرلمان الفرنسي يعتمد مبدأ محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا
أعلنت السلطات الفرنسية الشروع في إجراء تغييرات تشريعية، لمنح اختصاص قضائي خارج أراضيها لمحاكم البلاد، في قضايا الجرائم الدولية، مما يمهد الطريق لمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت خلال الحرب في سوريا.
والأسبوع الماضي، اعتمد البرلمان الفرنسي مشروع قانون يجيز التعاون القضائي الدولي بين فرنسا وآلية الأمم المتحدة الدولية المحايدة والمستقلة المكلفة بسوريا (IIIM)، وسيعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ بعد موافقة البرلمان.
وقال بيان صحفي مشترك من وزارة أوروبا والشؤون الخارجية ووزارة العدل، في 9 من شباط، إن هذا التعاون سيسمح بشكل خاص بنقل المعلومات من المحاكم الفرنسية إلى آلية الأمم المتحدة، وهو أمر غير ممكن في ظل الوضع الحالي للقانون.
وأضاف البيان، أن القانون جزء من الأولوية التي توليها فرنسا لمكافحة إفلات مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، إذ تحشد من أجل مكافحة إفلات مرتكبي الجرائم الدولية المرتكبة في سوريا وفي كل مكان في العالم من العقاب.
وأشار البيان إلى أن وزارة الخارجية أرسلت، منذ عام 2015، تقريرًا إلى المدعي العام في باريس، بناءً على المادة “40” من قانون الإجراءات الجنائية، يكشف عن انتهاكات يُرجح أن يكون نظام بشار الأسد قد ارتكبها.
ومكّنت الوثائق المنقولة مكتب المدعي العام في باريس من فتح تحقيق أولي في “جريمة ضد الإنسانية”، تستند بشكل خاص إلى صور “قيصر” التي التقطت في المستشفيات العسكرية بين عامي 2011 و 2013.
ولفت البيان إلى أن أكثر من 40 تحقيقًا ودعوى قضائية عن سوريا تجري حاليًا في فرنسا.
وأوضح أن هذا القرار “يخضع لمزيد من المراجعة”، وسيتم الشروع في تعديلات تشريعية جديدة بسرعة عقب قرارات المحكمة المقبلة.
وبدأ مشروع قانون التعاون القضائي، في أعقاب حكم صدر في تشرين الثاني 2021، في قضية عبد الحميد شعبان، مسؤول المخابرات السورية السابق لجهاز أمن رئيس النظام، بشار الأسد، بأن محكمة النقض تفتقر إلى الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية لمحاكمة السوريين المقيمين في سوريا.
واستشهدت المحكمة بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، التي تسمح بمحاكمة الرعايا الأجانب المقيمين في فرنسا على الجرائم المرتكبة في بلدهم الأصلي فقط إذا كانت تلك الدولة طرفًا في نظام روما الأساسي.
وأثار هذا القرار مخاوف شخصيات عدة من المجتمع الحقوقي السوري، فهو لا يعني بالضرورة براءة المتهم من هذه الجريمة، إنما فقط الحكم بعدم اختصاص المحاكم بالنظر في هذه القضية، ما يحمل خطورة على العدالة للسوريين وعلى “الولاية القضائية العالمية”، التي تعد المبدأ الذي تعتمده المنظمات المعنية لمحاسبة مرتكبي هذا النوع من الجرائم في سوريا.
وفي 18 من شباط 2021، قررت غرفة التحقيق بمحكمة الاستئناف بأن المحاكم الفرنسية لديها الاختصاص في محاكمة المتهم عبد الحميد شعبان، اعتمادًا على المادة “11/689” من قانون الإجراءات الجنائية.
إلا أن محكمة النقض قالت في قرارها، إن محكمة الاستئناف لم تقدم تعليلًا قانونيًا بما يتعلق باختصاص المحاكم الفرنسية في محاكمة عبد الحميد.
وترى محكمة النقض أن المحاكم الفرنسية ليس لديها الاختصاص بهذه المحاكمة، بسبب عدم الإشارة إلى الجرائم ضد الإنسانية صراحة في قانون العقوبات السوري، بالإضافة إلى المرسوم التشريعي رقم “61” لعام 1950، الذي يمنح الحصانة لعناصر المخابرات من المحاكمة على جرائمهم في أثناء أداء عملهم.
كما أن سوريا إلى الآن لم تصدّق على نظام روما الأساسي، ولذلك، أبطلت محكمة النقض قرار محكمة الاستئناف، وأعلنت أن المحاكم الفرنسية ليس لديها اختصاص في محاكمة عبد الحميد.
وبموجب قانون العقوبات السوري، فإن الأفعال الواقعة على الأشخاص التي خصص لها المشرّع نصوصًا تجرّمها هي القتل، والأعمال الهمجية، والاغتصاب، والعنف، إلا أنه لم يجرّم الجرائم ضد الإنسانية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :