ما فرص محاسبة النظام السوري بشأن ملف المخدرات

حكومة النظام السوري تضبط حبوب الكيبتاغون في ريف دمشق- 30 من تشرين الثاني 2021 (وكالة الأنباء السورية الرسمية

camera iconحكومة النظام السوري تضبط حبوب "الكبتاجون" في ريف دمشق- 30 من تشرين الثاني 2021 (وكالة الأنباء السورية الرسمية)

tag icon ع ع ع

منذ عام 2011، صارت سوريا سوقًا رئيسًا أو بلد عبور ومشتبهًا به للأنشطة المتعلقة بتجارة المخدرات حول العالم، من خلال الطرق البرية أو البحرية أو حتى الجوية.

تعتبر سوريا دولة مخدرات، لاحتوائها على نوعين أساسيين من المخدرات، هما “الحشيش” و”الكبتاجون”. وتلك الأنشطة تشمل إنتاج وتوزيع وتصدير المواد المخدرة، وبذلك صارت سوريا أمام مشكلة فعلية وتعتبر مصدر تهديد محلي وإقليمي ودولي.

وتأتي القوة التي يستند إليها هذا الإنتاج والتصدير إلى الخارج من تمتعها بدعم أفراد من عائلة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والمقربين منه، الذين ليست لديهم مصلحة في تقييد هذا النشاط غير القانوني.

ومع تنامي التجارة والتصنيع في سوريا، بدأ التأثير يتضح أكثر فأكثر على دول الجوار، في الوقت الذي تنتعش فيه جيوب مسؤولين سوريين ونافذين في النظام من عائدات التجارة.

اقرأ المزيد: المخدرات.. وصفة الأسد للاقتصاد وابتزاز الجوار

ما فرص المحاسبة

تشمل المجالات التي تأثرت بحكم النظام السوري في البلد منذ سبعينيات القرن الماضي قطاع القضاء، وبذلك لا يمكن تصور وجود محاسبة للضالعين في تجارة أو تصنيع المخدرات في سوريا محليًا، وبالتالي فإن عملية ملاحقة المطلوبين تجري عن طريق الدول المتضررة من هذه الأنشطة غير القانونية.

اعتمد مؤتمر الأمم المتحدة، الذي عُقد في 1971، اتفاقية وحيدة للمخدرات، وفتح باب التوقيع عليها.

أنشأت هذه الاتفاقية “الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات“، وتنص على الامتثال للمعاهدة التي تحظر تصدير مواد الجدول الثاني (التي تشمل الأمفيتامين، وهو أحد مكونات الكبتاجون).

وبحسب ما قاله المستشار القانوني والحقوقي لـ”المركز السوري للعدالة والمساءلة”، المحامي أويس الدبش، في حديث إلى عنب بلدي، فإن المادة رقم “12” من الاتفاقية تنص على أنه بجوز لـ”الهيئة” طلب معلومات بشأن تجارة أو تصنيع المادة المخدرة بناء على شكوى من دولة طرف في الاتفاقية.

كما تنص المادة رقم “19” على أحكام بشأن تسليم تجار المخدرات، ولكن يجوز، وفق ما يراه الدبش، للدولة أن ترفض التسليم إذا لم تُعتبر الجرائم خطيرة بما فيه الكفاية، بحسب المادة رقم “22\ 2” من الاتفاقية.

ولكن من باب آخر، تسمح المادة رقم “31\2” باللجوء إلى “محكمة العدل الدولية” في حالة تعذر تسوية النزاع من خلال التحكيم، الأمر نفسه نصت عليه “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية” عام 1988 في المادة رقم “32”.

على الدول المتأثرة التحرك

ضمن المعطيات السابقة، أوضح المحامي أنه يمكن لدولة مجاورة، أو دولة متأثرة، مثل الأردن والإمارات، تقديم شكوى إلى هذه “الهيئة” من أجل الحصول على معلومات حول ما إذا كانت سوريا تمتثل لالتزاماتها بعدم تصدير المواد الخاضعة للرقابة إلى دول أخرى.

وقد تسعى الإمارات أو الأردن على سبيل المثال أيضًا إلى الطلب من سوريا تسليم الأفراد المشتبه بضلوعهم بتجارة المخدرات أو مادة “الكبتاجون”.

ولهذه الدول أن تسعى أيضًا لحل هذه المسألة دبلوماسيًا من خلال التفاوض، وفق الدبش، وإذا فشلت تلك المحادثات، يمكن أن تعرض الأمر على “محكمة العدل الدولية”، وهو شيء شبيه بما تفعله هولندا حاليًا والشكوى المقدمة أمام “العدل الدولية” بشأن خرق سوريا لالتزاماتها فيما يتعلق بموضوع التعذيب، لكون سوريا طرفًا في “اتفاقية مناهضة التعذيب“.

اقرأ المزيد: ست إجابات حقوقية حول تحرك هولندا ضد النظام السوري

وهذا الإجراء القانوني يتطلب إرادة من إحدى الدول المتضررة من قيام سوريا بتسهيل تجارة وتصنيع المواد المخدرة مثل “الكبتاجون” وغيرها لبدء هذه الإجراءات القانونية بحقها.

الأردن، الذي يقع على طريق التهريب إلى دول الخليج، يستضيف حوالي 1.6 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، قام بالعديد من الإجراءات الأمنية عند حدوده مع سوريا، وأوقف عشرات تجار المخدرات.

وخلال كانون الثاني الماضي، قُتل ضابط أردني وأُصيب ثلاثة جنود من حرس الحدود في اشتباك مع مهربي مخدرات عند الحدود السورية- الأردنية، وفق ما أعلنه بيان للجيش عن مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية.

وقال الجيش الأردني، في كانون الثاني الماضي، إنه أحبط، خلال عام 2021، 361 محاولة تسلل وتهريب من سوريا إلى الأردن، وضبط ما يقارب 15.5 مليون حبة مخدرات بأنواعها المختلفة، بما فيها “الكبتاجون” و”الترامادول”، وأكثر من 16 ألف ورقة حشيش تزن ما يقارب 760 كيلوغرامًا، وكيلوغرامان من “الهيروين”.

التطبيع يسد الطريق أمام المحاسبة

ضمن الجهود الإقليمية المتجهة نحو التطبيع مع النظام السوري، توجد معوقات أمام محاسبة النظام دوليًا في ما يخص ملف تجارة وتصنيع وتصدير المخدرات من سوريا إلى بلدان عربية وغربية.

في تموز عام 2021، قال العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، إن الأسد لديه استمرارية في الحكم، عند سؤاله عن وضع اللاجئين في الأردن وإمكانية إقامة علاقات طبيعية مع سوريا.

جاء ذلك في مقابلة مع شبكة “CNN” الأمريكية، تحدث فيها عن العلاقات مع النظام السوري، وعن احتمالية عودة اللاجئين السوريين في الأردن إلى بلادهم.

وأضاف الملك أن “هناك استمرارية لبشار الأسد في الحكم، والنظام ما زال قائمًا، ولذلك علينا أن نكون ناضجين في تفكيرنا، هل نبحث عن تغيير النظام أم تغيير السلوك؟”.

اقرأ أيضًا: هل بإمكان الأردن قيادة الجهود لتخفيف عقوبات “قيصر”

وفي تشرين الأول من العام نفسه، استقبل الأسد وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، برفقة وفد رفيع المستوى في العاصمة السورية دمشق، في أول زيارة من نوعها منذ اندلاع الثورة في سوريا عام 2011.

زيارة ابن زايد التي فتحت الباب أمام خطوات جريئة تجاه النظام السوري، ليست الموقف الإماراتي الأول من هذا النوع، إذ سبقتها، في آذار من العام نفسه، تصريحات لابن زايد خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الروسي، سيرغي لافروف، في العاصمة الإماراتية، أبو ظبي، أكد خلالها أن مشوار عودة سوريا إلى محيطها الإقليمي بدأ، وهو أمر لا مفر منه، وفق تعبيره.

اقرأ المزيد: الخليج العربي على مفترق طرق بشأن النظام السوري

ويستخدم النظام المعابر الحدودية التي يسيطر عليها وسيلة لتمرير صفقات تهريب “الحبوب المخدرة” إلى دول أخرى عن طريقه، إلى جانب محاولة إثبات الشرعية وتحقيق مكاسب سياسية يرغب بالترويج لها تتضمن تطبيع العلاقات مع الدول المجاورة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة