“تسويات” النظام في حلب.. مصير مقاتلي المعارضة بين تهجير ومعتقلات
أعلن النظام السوري عبر وسائل إعلامه الرسمية، في 2 من آذار الحالي، افتتاح مركز لـ”التسوية” في بلدة تل عرن بريف حلب الجنوبي، وفق ما نقلته الوكالة السورية للأنباء (سانا).
ومنذ افتتاح المركز، تداول إعلام النظام العديد من الصور والأنباء حول إقبال أعداد كبيرة من الأشخاص على مركز “التسوية”.
كما تجبر قوات النظام السوري الأشخاص الذين أجروا “تسوية” سابقة، على الذهاب إلى مركز تل عرن لإظهار إقبال كبير على المركز، وفق ما رصدته عنب بلدي، الأمر الذي أثار تساؤلًا عن مصير “التسوية” الأولى التي غابت نتائجها عن ملامح المدينة منذ عام 2016، والتي انخرط فيها العديد من مقاتلي فصائل المعارضة، منهم من بات اليوم مقاتلًا في صفوف ميليشيات موالية للنظام، وآخرون لا تُعرف مصايرهم إثر اعتقالهم منذ نحو ثماني سنوات.
ولم يتبقَّ في مدينة حلب ما يدل على وجود عناصر المعارضة المسلحة خلال سنوات الثورة السورية، فيما لم تتغير مشاهد الدمار الذي خلّفه قصف النظام النظام خلال حملته العسكرية بدعم روسيا وإيران على الأحياء الشرقية والجنوبية للمدينة.
حسين (39 عامًا) مقاتل سابق ضمن فصيل “الجبهة الشامية” المُعارض في حلب، أُصيب بقصف النظام لحي مساكن هنانو عام 2016، ما تسبب بفقدانه نسبة من السمع، ومع ذلك أُجبر على “التسوية” تحت التهديد.
وقال حسين الذي تتحفظ عنب بلدي عن ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، إنه وعقب دخول النظام إلى الأحياء الشرقية نهاية عام 2016، مشّطت قواته العسكرية المنطقة، وعثرت على أسلحة وذخائر بكميات كبيرة، إذ جمعت المُقبلين على “التسوية” لالتقاط صور لهم مع هذه الأسلحة.
وحتى إن بعض عناصر المعارضة الذين اعتقلوا خلال سيطرة النظام على أحياء مدينة حلب رُحّل بعضهم إلى سجون العاصمة دمشق، ونُقل آخرون إلى معتقلات أخرى ولا تزال مصايرهم مجهولة.
“تسويات” لم تمنع الاعتقال
قال وائل (40 عامًا) من سكان حي الحيدرية شرقي مدينة حلب، لعنب بلدي، إنه تعرض للسجن خمسة أشهر في فرع “أمن الدولة”، كما خضع للتحقيق لمعرفة المدة التي عمل فيها مع فصائل المعارضة.
وكان وائل، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، عمل سابقًا ضمن “تجمع فاستقم كما أمرت”، وهو فصيل عسكري كان يتخذ من حلب مقرًا له، وبات الآن مقاتلًا في إحدى المجموعات التابعة لـ”الأمن العسكري” بحلب.
كما حاولت قوات النظام الحصول على معلومات عن العناصر والمقاتلين الذين كانوا منضمين للفصيل ذاته خلال التحقيق مع وائل، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
كما طلبت قوات النظام من وائل أن يحدد لهم المواقع المخفية للفصيل، إضافة إلى التعريف عن العائلات التي كانت تتعامل مع الفصائل العسكرية، والأماكن التي خزّن فيها الفصيل الأسلحة تحت تهديدات وضغوط وصلت إلى التهديد بقتل أفراد عائلته.
اعتُقل عدد كبير من عناصر المعارضة بعد انخراطهم بعمليات “التسوية”، وذلك بسبب وجود “إثباتات” تدينهم بارتكاب ما يسميه النظام “جرائم تمس هيبة الدولة”، وكذلك تورطهم بقتل عناصر للنظام.
وعلى الرغم من المخاطر، أجرى عدد كبير من مقاتلي المعارضة “تسويات” لضمان إمكانية بقائهم في مدينة حلب، دون تعرضهم لملاحقات أمنية.
أحمد (39 عامًا) من سكان حي مساكن هنانو، كان يعمل قبل “التسوية” ضمن “فرقة السلطان مراد” التابعة لـ”الجيش الوطني”، وانضم عقب “التسوية” إلى “المخابرات الجوية” مجبرًا لكفّ الملاحقة الأمنية عنه.
وعند سؤاله عن الأسباب التي أدت إلى بقائه في حلب، رغم أن الآلاف غادروا المدينة، قال أحمد إن أسبابًا عائلية منعته من الخروج، إذ أُجبر على البقاء مع أسرته التي رفضت المغادرة في منزلهم ضمن مدينة حلب، ظنًا منهم أن الوضع لن يكون بالسوء المتوقع.
أحمد فوجئ وأسرته بالواقع الذي آلت إليه الأمور لاحقًا، وهو لا يعتبر أن مدة السجن التي قضاها في سجون النظام لعدة أشهر طويلة، مشيرًا إلى أن بعض عناصر المعارضة اعتُقلوا ولم يعودوا منذ تلك اللحظة.
وبدأ النظام السوري باستخدام مصطلح “التسوية” بعد حصار وعمليات عسكرية مكثفة، انتهت بتفريغ المدن المحاصرة من جميع “المسلحين” والرافضين لشروط يفرضها النظام وحليفه الروسي.
وأجرى النظام أولى “تسوياته” في أحياء مدينة حلب الشرقية وريف دمشق في 2016، بعد عامين من “التسوية” في أحياء حمص القديمة.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في حلب صابر الحلبي.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :