مزادات سندات الخزينة.. آثار سلبية على الدين الداخلي والمصارف السورية

المصرف التجاري السوري (صفحة المصرف في فيس بوك)

camera iconالمصرف التجاري السوري (صفحة المصرف في فيس بوك)

tag icon ع ع ع

في 10 من آب الحالي، أعلنت وزارة المالية في حكومة النظام السوري، نتائج المزاد الثاني للأوراق المالية الحكومية للاكتتاب على سندات الخزينة، والذي فاز فيه سبعة عارضين من أصل تسعة شاركوا بالمزاد عبر تقديم 23 عرضًا، منها أربعة من المصارف الحكومية، ومصرفان خاصان، بينما قُدم العرض الأخير من قبل العملاء.

وسبق إعلان نتائج المزاد، تصريح جاء على لسان مدير الإيرادات العامة في وزارة المالية، أنس علي، قال فيه إن المصارف لا تزال تمثّل 90% من المكتتبين على “سندات الخزينة”، وسط توقعاته بزيادة حصة الأفراد من الاكتتابات في المزادات المقبلة، وهذا ما لم يحدث في المزاد الأخير.

وتثير المشاركة الكبيرة للمصارف العامة أو الخاصة، رغم سماح الوزارة في المزاد الأخير للشركات والأفراد بالمشاركة، التساؤلات حول سبب انحصار المشاركة بالمصارف فقط وأثر ذلك على السيولة لديها.

تهدد “سيولة” المصارف

ما سندات الخزينة؟

تعرف سندات الخزينة بأنها قروض تصدرها الدولة ومؤسساتها للاكتتاب العام، وتحصّل الحكومة قيمتها من الأفراد (أو الهيئات).

وتمتاز هذه السندات بأنها طويلة الأجل (قد تصل إلى 30 عامًا)، يحق لمشتريها الحصول على عائد سنوي على شكل فائدة ثابتة.

 

الدكتور في العلوم المالية والمصرفية فراس شعبو، اعتبر في حديث إلى عنب بلدي، أن نسبة مشاركة المصارف “الكبيرة” على شراء السندات، قد يفسر على أنه نوع من إلزام المصارف على المشاركة بتمويل نفقات الشعب.

وتلجأ الحكومات للاستدانة الداخلية عبر طرح سندات الخزينة للحد من الإصدار النقدي، بحسب شعبو، مضيفًا أن عوائد هذه السندات على المصارف لا تتجاوز بأحسن أحوالها قيمة 9%، ومن المتوقع أن تسبب لها مشاكل عدة في السيولة.

وتتجه حكومة النظام للاستدانة من المصارف العامة أو الخاصة، بسبب وجود فائض “كبير” في السيولة لديها، لكنها غير قادرة على أن تعمل به ربما بسبب ظروف البلد الاقتصادية، بحسب ما يرى الباحث فراس شعبو.

وحول قرار الوزارة، بالسماح للشركات والأفراد بالمشاركة بالمزاد الأخير من سندات الخزينة، أوضح شعبو، أن الحكومة تحاول إدخال جهات جديدة لإظهار أن الحالة الاستثمارية في البلد جيدة، مؤكدًا أن المستثمر الذي سيشارك هو خاسر بنسبة 100% فهو إما تابع للنظام أو مجبر، بأن يعطي أمواله بالليرة السورية ليستردها لاحقًا بالليرة، التي بدورها تشهد انخفاضًا متسارعًا بقيمتها.

وفي كانون الأول 2021، أعلنت وزارة المالية عن نيتها تنظيم أربعة مزادات للاكتتاب على سندات الخزينة لعام 2022، بقيمة 600 مليار ليرة، بآجال وقيم مختلفة.

خسارات بمئات آلاف الدولارات

من جهته، اعتبر المستشار الاقتصادي، الدكتور أسامة القاضي، أن النظام السوري وعبر إلزامه المصارف سواء الحكومية أو الخاصة في مناطق سيطرتها على شراء سندات الخزينة، فإنه يعرضها لخسائر سنوية قد تتجاوز مئات آلاف الدولارات، وذلك في ظل انخفاض قيمة العملة السورية.

وقال القاضي، في حديث إلى عنب بلدي، أن ذلك ما حدث لسندات الخزينة التي بيعت عام 2020، وكان موعد استحقاقها في 2022 الحالي، إذ خسر كل مليار ليرة سورية منها نحو 200 ألف دولار أمريكي،

مزيد من الدين الداخلي

تلجأ حكومة النظام للاستدانه الداخلية من المصارف، بسبب عدم قدرتها على الاستدانة الخارجية من جهة، و تصنيف مؤشر وكالة التصنيف الائتماني العالمية “ستاندرد آند بورز”، الذي يصنف القروض التي ستعطى لحكومة النظام السوري بأنها مرتفعة المخاطر، وما يتبع ذلك من فوائد مرتفعة غي قادرة الحكومة على سدادها.

وأكد الدكتور فراس شعبو، أن هذا النوع من عمليات بيع سندات الخزينة، سيكون له أثر سلبي “كبير” مستقبلًا على الدين العام الداخلي، لعدم القدرة على سداده من جهة، ولاستخدامه بمشاريع تشغيلية لا استثمارية كما يجب، من جهة أخرى.

تغيب الإحصائيات المالية الدقيقة عن وزارة المالية، إذ تُظهر أحدث إحصائية نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية، أن الدين العام الداخلي وصل إلى 465 مليار ليرة سورية، في المدة الواقعة بين بداية عام 2020 وحتى منتصف الشهر الثامن من نفس العام، وهو ما يعادل حوالي 11.6% من إجمالي اعتمادات الموازنة العامة لعام 2020 البالغة أربعة آلاف مليار ليرة سورية (أربعة تريليونات ليرة).

وجُمع الدين الداخلي العام حينها من خلال سندات الخزينة وشهادات الإيداع، التي اكتتب فيها عدد من المصارف المسموح لها بالمشاركة في المزادات التي طرحتها الوزارة.

وتوزع الدين الداخلي العام على أربعة مزادات، منها اثنان للاكتتاب على سندات الخزينة، جُمع فيهما حوالي 298 مليار ليرة، ومزادان للاكتتاب على شهادات إيداع لأجل ستة أشهر، جُمع فيهما حوالي 166 مليار ليرة سورية.

اقرأ أيضًا: النظام السوري يراكم عبء خزينته بـ”السندات”




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة