الرواية الأجمل.. القبطان ليو

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

تصريحات وكلمات وجمل بالجملة، بين مقارن ومقتنع، بين معارض ومؤيد، وبين من يشعر بالسعادة والفرح والانتصار ومن داهمته عواصف الخذلان والحسرة والحزن. انتهى المونديال يا عشاق كرة القدم، والطيور طارت بأرزاقها، ومنصة الشرف رفعت أبطالها في نهاية العام 2022 وأصابع القبطان ليو.

قبطان سفينة الأساطير في كرة القدم، حمل الكأس الأغلى بعد غياب طويل للتانغو عن هذه المنصة، ليرقص مع زملائه ورفاق دربه و”البشت” يزين كتفيه في صورة عظيمة من صور تاريخ كرة القدم.

إنها الرواية الأجمل لهذا القائد بالأرقام وبالعطاء والندية والخصومة والمنافسة، كتب فيها أسطر الصفحة الأخيرة، وواجه حتى النهاية، وأنجز فصل الخطاب مع مدربه ورفاقه وجماهير التانغو، وكأن الأعوام التي لعب بها كرة القدم لعبة “بازل” لم يكن ينقصها إلا قطعة واحدة لتكتمل الصورة، فكانت النجمة الثالثة موندياليًا، ورد الثأر مع المنتخب الفرنسي، بأرقام تتحطم وحكايات تُحكى من جديد.

كلما اقترب أحد منا للحديث والكتابة بمهنية وحياد، يجد المهنية والحياد والموضوعية في سباق سريع للغزل بما قدمه ليونيل ميسي خلال فترة عطائه الأولى والاحترافية وكمخضرم ونجم وأسطورة لكرة القدم، من تربعه على عرش الأفضل تسجيلًا للتانغو بتاريخ المونديال متجاوزًا الراحل مارادونا والنجم باتيستوتا، إلى تجاوزه الأسطورة الألمانية لوثر ماتيوس بعدد المباريات التي شارك بها في كأس العالم، مرورًا بأنه أكثر لاعب في التاريخ مساهمة بالأهداف في كأس العالم منذ بدء الإحصائيات في 1966، وأول لاعب يسجل ويفوز بجائزة أفضل لاعب في جميع الأدوار الإقصائية في نسخة واحدة، وصولًا إلى أنه اللاعب الوحيد الذي حقق جائزة أفضل لاعب في البطولة مرتين عامي 2014 و2022، فماذا بعد؟

مواسم محزنة وغير عادلة مر بها ليونيل قبل سنوات، منعت تقدمه مع فريقه السابق برشلونة باتجاه منصة دوري أبطال أوروبا، وموسم واحد برفقة باريس سان جيرمان، ناديه الجديد، فشل فيه أيضًا بالوصول إلى ذات المنصة ولو بقميص مختلف، تزامنت مع سنوات طويلة على صعيد المنتخب والجيل الذي يرافقه من المطالب الجماهيرية بلقب دولي، بعد آخر لقب أرجنتيني في كوبا أمريكا 1993.

حاول ميسي كثيرًا وبكل الإمكانيات، ليفشل مرات متتالية ويخسر، ويتحمل النقد والشتم والأوصاف بدءًا بالمتخاذل ووصولًا إلى قلة الانتماء، حتى صعد في العام الماضي إلى منصة كوبا أمريكا وفي أرض البرازيل وبالفوز على منتخبها بهدف دون رد، لتفهم رسالة التانغو حينها بأكثر من طريقة، في الأروقة الداخلية كانت الاستعدادات للمونديال على قدم وساق، وفي الصالونات الكبرى تأرجحت الآراء بين الطفرة التي لن تتكرر، والمحاباة في آخر مسيرة النجم، والقبول بالتحدي حتى مربع الكبار.

مر ليونيل مع زملائه في المونديال بكل الفصول، فخسر لقاء السعودية، ولعب ركلات الترجيح أمام هولندا، وبذل كل الجهد المطلوب في المواجهة النهائية أمام فرنسا. شتاء وخريف وشمس حارقة، قبل أن يكتمل مشهد الفصول بربيع يفوق الوصف على منصة التتويج.

القبطان أيها السادة أبحر بسفينة الأساطير الكروية، ودخل التاريخ في أعلى صفحاته وفي عناوينه الأولى، الأجمل، الأحلى، وهنا تكتمل الرواية وتصبح جاهزة للمتابعة من أجيال قادمة، لأن عصر ليو سينتهي كما انتهى عصر بيليه ومارادونا وبلاتيني وباجيو ورونالدو الظاهرة، وستبقى كرة القدم عقودًا طويلة.

مبارك أيها القبطان، مبارك لعشاق التانغو.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة