“إلحاق” الطفل بـ”أسرة بديلة”.. ما علاقة المرسوم “2” بالتبني؟

camera iconزوجة رئيس النظام السوري أسماء الأسد تلتقي أطفال في دار ايتام في حلب_ تموز 2022 (رئاسة الجمهورية العربية السورية فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسام المحمود

أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، في 31 من كانون الثاني الماضي، التعليمات التنفيذية للمرسوم “2” لعام 2023، المتعلق بتنظيم شؤون الأطفال المجهولي النسب.

وتضمنت التعليمات تفاصيل حول آلية التعامل مع الأطفال وطريقة استقبالهم في بيوت “لحن الحياة” المخصصة لهذا الغرض.

كما أتاحت إمكانية “إلحاق” الطفل بـ”أسرة بديلة”، بعد التقدم بطلب خطي إلى “لحن الحياة”، يُرفق بأوراق مطلوبة، وينظم عقد “الإلحاق” على نسختين، واحدة للدار، وأخرى لـ”الأسرة البديلة”.

ما الحكاية؟

جاءت التعليمات التنفيذية للمرسوم “2” بعد أكثر من أسبوعين على صدوره، في 14 من كانون الثاني الماضي.

وتناول المرسوم تنظيم شؤون الأطفال المجهولي النسب، مستهدفًا الأطفال المجهولي الأم والأب، أو المجهولي الأب والمعلومي الأم، لكن أمهاتهم تخلّت عنهم ولا يوجد من يرعاهم.

كما نص على إحداث هيئة عامة ذات طابع إداري تسمى بيوت “لحن الحياة”، وتحظى بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، وترتبط بوزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ومقرها ريف دمشق.

ولهذه البيوت تفويض قانوني بكل ما يتعلق بالأطفال المجهولي النسب، مع الإعفاء من الضرائب والرسوم المالية والجمركية والبلدية والتكاليف العامة على اختلاف أنواعها، والإيرادات الذاتية المذكورة في المادة “16” من المرسوم.

المرسوم اعتبر مكان العثور على الطفل مكان ولادته، ما لم يثبت خلاف ذلك، كما يعد الطفل عربيًا سوريًا، ما لم يثبت خلاف ذلك بحكم قضائي قطعي، ومسلم الديانة ما لم يثبت خلاف ذلك أيضًا.

إلى جانب ذلك، جرى تحديد طرق وصول الطفل إلى هذه البيوت من لحظة العثور عليه، بالإضافة إلى تسجيله وفق قانون الأحوال المدنية، وتنظيم شهادة ولادة له، وهو ما ورد مفصلًا أيضًا في التعليمات التنفيذية التي صدرت لاحقًا عن الوزارة، وكان لتفسير مسألة “الإلحاق” وآلية تطبيقها نصيب كبير من هذه التعليمات.

وبعد تحويل الطفل من “لحن الحياة” إلى “أسرة بديلة”، تتولى الشؤون الاجتماعية إجراء زيارات دورية لـ”الأسرة البديلة” لمتابعة وضع الطفل، مع تحديد الفترة بين الزيارات وفق عمر الطفل، فلا تقل المدة عن ثلاثة أشهر للطفل الذي أتم ثلاث سنوات من حياته، وستة أشهر للأطفال بين أربع وست سنوات، ومرة في العام للطفل الذي يتراوح عمره بين سبعة و18 عامًا.

وهناك إمكانية لـ”إلحاق” الطفل بمؤسسة رعاية بصرف النظر عن عمره، في حال إثبات أن بقاءه في بيوت “لحن الحياة” يضره، أو إذا كان من ذوي الإعاقة وبحاجة إلى إعادة تأهيل خاص، أو كان عائدًا من “الإلحاق” وغير قادر على التأقلم في بيوت “لحن الحياة”.

هل “الإلحاق” تبنٍّ؟

يفتح المرسوم بتعليماته التنفيذية باب التساؤل حول مسألة “الإلحاق بأسرة بديلة”، وما يميّزها عن التبني، على اعتبار أن “الإلحاق” يحدث من بيوت “لحن الحياة” إلى “الأسرة البديلة”، ما يعني أن الطفل مسجّل مسبقًا وفق قانون الأحوال المدنية (تنظّم له شهادة ولادة خلال 24 ساعة من تسلّمه من قبل بيوت “لحن الحياة”).

المحامية والباحثة السورية سحر حويجة أوضحت لعنب بلدي أن حقيقة المرسوم تعتبر رفضًا للتبني، وفق منطوق مواده والتعليمات التنفيذية له، إذ يعني “الإلحاق” تربية الأسرة للطفل وتنشئته دون إلحاقه بقيودها أو منحه نسبها، فيحتفظ الطفل بقيده المدني وفق ما تم تسجيله من مؤسسة “لحن الحياة”.

وضمن 54 مادة يتكون منها، أفرد المرسوم 12 مادة حول “الإلحاق”، أباحته قانونًا، وحددت غرضه، دون أن يترتب على ذلك حق في النسب أو الإرث، كما اشترطت أن يكون الطفل لم يبلغ السابعة من العمر عند “إلحاقه” بـ”أسرة بديلة”، مع إمكانية “إلحاقه” بمؤسسة رعاية بعد بلوغه السابعة وما فوق أو بصرف النظر عن عمره.

وفي الوقت نفسه، يمنع المرسوم السفر بالطفل إلى خارج سوريا دون موافقة القاضي الشرعي، بناء على كتاب موجه من المدير العام لبيوت “لحن الحياة” بعد موافقة مجلس إدارتها.

كما يتضح أن على العائلة البديلة الإبقاء على الاسم والنسب المسجل به الطفل، بما يبقيه تابعًا لها وتحت رقابتها وبالشروط التي تضعها، بالإضافة إلى أن “لحن الحياة” هي الجهة التي تمنح الطفل اسمًا يمكن تغييره بحكم قضائي إذا ثبت للطفل نسب لأم أو لأم وأب.

وميّزت المحامية بين التبني و”الإلحاق”، على اعتبار أن التبني في الدول التي تتبع هذا النظام، يمنح الطفل اسم الأسرة ونسبها، ويساويه بإخوته (إذا كان للأسرة أبناء) في النسب والميراث وأي حقوق أخرى، دون تمييز بين ابن بالتبني أو ابن بالولادة.

أما “الإلحاق” فهو نظام كفالة يقوم على واجب رعاية الطفل وتأمين احتياجاته وتربيته تربية سليمة، حتى بلوغه سن الـ18، دون منحه حق الإرث أو نسبه للأسرة الكفيلة، إلى جانب رقابة المؤسسة على الطفل، ووجود أحكام من شأنها إلغاء “الإلحاق”، وفق حويجة.

وحددت المادة “38” من المرسوم، في بنديها “أ” و”ب”، تسع حالات يمكن بموجبها إنهاء عقد “الإلحاق” بين “لحن الحياة” و”الأسرة البديلة”، وهي إتمام الطفل سن 18 عامًا، أو وفاته، أو وفاة الزوجين، أو المرأة التي لا زوج لها في حالة “الإلحاق بأسرة بديلة”.

كما ينتهي “الإلحاق” بقرار من المدير العام لـ”لحن الحياة” بعد موافقة المجلس، عند طلب “الأسرة البديلة” إنهاء العقد وإعادة الطفل، وإذا توفي أحد الزوجين ولم يرغب الآخر بمتابعة “الإلحاق”، أو انفصل الزوجان دون تقديم أحدهما طلبًا لمواصلة “الإلحاق”، أو زال أحد شروط قبول طلب “الإلحاق”.

ويمكن إنهاء “الإلحاق” إذا ظهر أحد والدي الطفل المجهول النسب، المثبت نسبه بحكم قضائي، وطالب باستعادته، كما أن تكرار مخالفة “الأسرة البديلة” لالتزاماتها حيال الطفل بعد إنذارها من شأنه إنهاء “الإلحاق”.

الأطفال ضحايا

يعتبر الأطفال الفئة الأكثر تضررًا على مدار السنوات الأخيرة، جراء تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) والحروب التي يشهدها العالم، إلى جانب الأوضاع في سوريا وأوكرانيا وغيرهما، والكوارث المناخية، وفق ما ذكرته منظمة “أنقذوا الأطفال” في 20 من تشرين الثاني 2022، بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل.

وفي اليوم نفسه، ذكر تقرير لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، أن ما لا يقل عن 29 ألفًا و894 طفلًا قُتلوا في سوريا منذ آذار 2011، بينهم 182 طفلًا قضوا تحت التعذيب.

وسجل عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدة خلال عام 2022 في سوريا رقمًا قياسيًا لم يسجل منذ أكثر من 11 عامًا، إذ بلغ عددهم نحو ستة ملايين و500 ألف طفل، وفق بيان صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في أيار من العام نفسه.

كما أن الأوضاع الحالية تترك ندوبًا نفسية لدى الأطفال السوريين، إذ أظهر ثلث الأطفال في سوريا، عام 2021، علامات الاضطراب النفسي، بما في ذلك القلق والحزن والتعب أو اضطرابات النوم المتكررة، وفق تقرير للمنظمة الأممية صدر في 15 من آذار 2022.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة