استجابة لم تتعدّ حدود التقييم

متضررو الزلزال بانتظار من يرمم منازلهم

camera iconنازحون يحاولون إصلاح خيامهم بعد تضررها بعاصفة هوائية في جسر الشغور غربي إدلب- 6 آذار 2023(عنب بلدي/ محمد نعسان دبل)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسن إبراهيم

“قاعدين بالشارع، نحنا بحاجة سكن وترميم البيوت، ما بدنا أكل، مؤونة البيت بتكفيني أنا وعائلتي ستة أشهر”، هكذا لخّص فرح الدين عثمان أحد سكان بلدة جنديرس مطالبه، بعد أن انتهت به الحال في خيمة يقيم داخلها مع عائلته في أحد شوارع البلدة، عقب زلزال ضرب المنطقة.

تشققات وتصدعات طالت منزل عثمان، حاله كحال آلاف العائلات التي لجأت إلى مراكز الإيواء والمخيمات والسيارات، إثر الزلزال الذي أسفر عن انهيار أكثر من 550 مبنى، وتضرر أكثر من 1570 بشكل جزئي، وتصدّع آلاف المباني والمنازل شمال غربي سوريا.

وتتكرر مطالب إعادة الترميم، وإعادة بناء ما دمّره الزلزال في أكثر من 60 مدينة وبلدة طالتها أضرار الزلزال في مناطق شمال غربي سوريا مع وجود حكومة “الإنقاذ” في إدلب وجزء من ريف حلب الغربي، و”الحكومة السورية المؤقتة” في ريفي حلب الشمالي والشرقي، ومنظمات وجمعيات إغاثية وإنسانية.

وقدّر “الدفاع المدني السوري” عدد العائلات التي شُردت جراء الزلزال بحوالي 40 ألف عائلة.

خيام لا تستر

لجأ عثمان مع عائلته إلى بيت أقاربه الذي لم يتضرر وأقام معهم لمدة أسبوع، في حل غير دائم، ونصب بعدها خيمة في شارع الحي الذي يقيم فيه، منتظرًا خطوات في سبيل الترميم وإعادة بناء الأبنية المتضررة.

في 6 من شباط الماضي، ضرب زلزال جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية، أسفر عن 2274 حالة وفاة و12400 مصاب شمال غربي سوريا، وفق إحصائيات “الدفاع المدني السوري”، يضاف إليها إحصائيات الأهالي في النقاط المتضررة، مع وجود آلاف العائلات التي تبحث عن خيام، وتسجيل حالات لوجود أكثر من عائلة ضمن خيمة واحدة.

يقيم نورس جحواني مع عائلته المكوّنة من 12 شخصًا في خيمة بعد انهيار منزلهم في مدينة حارم بريف إدلب الشمالي الغربي، إذ اشتكى انعدام سبل الحياة فيها، حاله كحال جاره في خيمة مجاورة عبد الجبار السوادي، الذي يقيم مع 17 شخصًا من أفراد عائلته، ويحصلون على وجبة غذاء وربطتي خبز يوميًا.

وأوضح نورس لعنب بلدي، أن المخيم الذي يقيم فيه مع عشرات العائلات لا يصلح حتى لأن يكون حلًا مؤقتًا، مطالبًا الجهات المعنية بترميم المنازل وإعادة إعمارها وإيجاد حلول دائمة.

في 6 من آذار الحالي، تضررت عشرات الخيام جراء رياح عالية السرعة شمال غربي سوريا.

فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في الشمال السوري، وثّق تضرر أكثر من 28 مخيمًا للنازحين في مختلف المناطق، واقتلاع وتهدم 58 خيمة.

وذكر الفريق أن المخيمات المنشَأة حديثًا شكّلت 70% من الأضرار المسجلة، التي توزعت بين المناطق بنسبة 13 مخيمًا في إدلب، و15 مخيمًا في ريف حلب.

نازحون يحاولون إصلاح خيامهم بعد تضررها بعاصفة هوائية في جسر الشغور غربي إدلب- 6 آذار 2023(عنب بلدي/ محمد نعسان دبل)

تقييم أضرار و”خطة مشتركة”

لا تزال قضية ترميم الأبنية المتضررة وإعادة بناء المدمرة منها غير واضحة المعالم بعد مرور أكثر من شهر على الزلزال، وسط استمرار فحص وتقييم الأبنية المتضررة من قبل لجان هندسية وفرق تطوعية.

مدير العلاقات العامة في حكومة “الإنقاذ”، جمال الشحود، قال لعنب بلدي، إنه مع انتهاء المرحلة الأولى من إنقاذ العالقين ورفع الأنقاض، بدأ العمل على إحصاء المباني المتضررة جزئيا وكليًا، ووصلت الحكومة لنسبة 60% من الإحصاء.

وأوضح الشحود أن العمل على إصلاح المباني المتضررة سيتم ضمن “خطة مشتركة محلية وحكومية”، بالإضافة إلى توجيه المنظمات وتزويدها بالمعلومات الكافية والدقيقة حول الأضرار وتقديم الاحتياج اللازم لها من قبل وزارة التنمية والشؤون الإنسانية في “الإنقاذ”.

وذكر الشحود أن حكومة “الإنقاذ” وجّهت وزارة التنمية للتركيز في تأمين السكن بالمرحلة المقبلة على متضرري الزلزال، ضمن معايير الأشد تضررًا والأكثر حاجة.

رئيس المجلس المحلي في مدينة حارم، محمد نواف السيد علي، أوضح لعنب بلدي أن الجهود منصبّة في المرحلة الثانية للاستجابة على فتح الطرقات وترحيل الأنقاض، ثم تبدأ مرحلة صيانة المرافق العامة من طرقات وشبكات مياه وصرف صحي.

وقال لعنب بلدي، إن المدينة شهدت انهيار من 430 إلى 450 شقة سكنية بشكل كامل، ومن 200 إلى 250 شقة تضررت بشكل كبير، ومن 300 إلى 350 أخرى طالتها تشققات وتصدعات.

نائب رئيس المجلس المحلي في جنديرس، يزن الناصر، قال لعنب بلدي، إن الاستجابة لا تزال في مرحلة إزالة الأنقاض، دون أي وعود أو مشاريع مقدمة من أي جهة سواء منظمات أو جهات حكومية لإعادة الترميم أو الإعمار.

وأوضح الناصر أن الحاجات الملحة حاليًا هي تأهيل البنى التحتية، وتجهيز الطرقات وشبكات المياه والصرف الصحي، لما لها من تأثير على صحة الأهالي، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في الأشهر المقبلة.

وفي 5 من آذار الحالي، بدأ تنفيذ أعمال الصيانة لشبكة الصرف الصحي في حي التلل بجنديرس من قبل مجلس المدينة المحلي، بالتعاون مع “الدفاع المدني السوري”.

لجنة مسح وتقييم

في 6 من آذار الحالي، شكّلت “الحكومة السورية المؤقتة” لجنة مركزية لمسح وتقييم أضرار الأبنية والمنشآت الهندسية الخاصة والعامة الناجمة عن الزلزال في مناطق سيطرتها.

وتتألف اللجنة من عشرة أشخاص، وتتولى ثماني مهام، أبرزها إعداد الاستبانات الخاصة بتقييم الأضرار الفنية والهندسية، وتقديم تقرير نهائي يوضح الأسباب الفنية لعدم مقاومة الأبنية والمنشآت المتضررة للزلزال.

وكذلك تقديم مسودة موازنة تقديرية عن تكلفة الأضرار العامة والخاصة، وتقديم التوصيات والمقترحات لمرحلة ما بعد الزلزال.

وتصدر اللجنة التعليمات الناظمة لعملها، وتستعين بمن تراه مناسبًا لإنجاز مهامها، وتقدم تقريرها لوزير الإدارة المحلية فور الانتهاء من عملها خلال مدة أقصاها 180 يومًا، كما تصرف النفقات الناجمة عن القرار وفقًا للنظام المالي في “الحكومة المؤقتة”.

وسبق لنقابة “المهندسين الأحرار” في ريف حلب أن شكّلت بعد وقوع الكارثة بساعات خلية لجان لتقييم وكشف المباني المتضررة من الزلزال، وصلت إلى ما يقارب 22 لجنة هندسية، وذلك بالتنسيق مع المجالس وبعض المنظمات المحلية للاستجابة الطارئة.

وتعمل تلك اللجان ضمن خطة هندسية مدروسة، وفق ثلاثة تصنيفات لكل منزل متضرر، هي البيت سليم أي صالح للسكن، أو متوسط الضرر، وبالتالي يتم إخلاؤه لحين الترميم، أو شديد الضرر، وهنا يعاد التقييم من قبل لجنة “السلامة العامة” لتقديم تقرير نهائي بالحالة الفنية للبناء، ثم اتخاذ القرار بالإصلاح أو الهدم.

حملات لا تعيدهم إلى منازلهم

أطلقت منظمات وجمعيات وناشطون حملات لدعم المتضررين من الزلزال في الشمال السوري، كان معظمها مواد إغاثية وعينية، والقليل منها توجه نحو إعادة الترميم أو بناء تجمعات ومشاريع سكنية.

بعد أيام من الزلزال، أطلق فريق “ملهم التطوعي” حملة بعنوان “قادرون”، لإعادة إعمار ما دمره الزلزال شمالي سوريا، وتهدف الحملة إلى جمع مبلغ 20 مليون دولار أمريكي كمرحلة أولى لإعمار أربعة آلاف منزل بتكلفة خمسة آلاف دولار للمنزل الواحد.

وتعتمد الحملة بشكل كامل على تبرعات السوريين داخل البلاد وخارجها، بحسب بيان الفريق الذي طلب من كل المنظمات السورية الانضمام والمساهمة في دعم الصندوق لتأمين المبلغ المطلوب لإعادة الإعمار، وتم تقديره من قبل المؤسسات المعنية بـ100 مليون دولار، على أن يتم جمع مبلغ 20 مليون في المرحلة الأولى.

ووصل المبلغ الوارد حتى 6 من آذار الحالي إلى ما يقارب 12.2 مليون دولار، ما يعني أن عدد البيوت المؤمّنة حتى اللحظة وصل إلى حوالي 2448، وتستمر الحملة رغم توقف “البث المباشر”.

مدير قسم حملات الاستجابة في فريق “ملهم التطوعي”، فيصل الأسود، أوضح لعنب بلدي أن الأبنية ستشيّد على أرض جديدة، ويجري الفريق حاليًا عملية بحث على أراضٍ بجانب المدن المتضررة بحيث تكون حول المدينة وقرب مركزها، لافتًا إلى أن الأراضي “مشاع”.

وقال إن عملية التخطيط للشقق انتهت، وفي حال الاعتماد على الأراضي سيبدأ الفريق بمخططات الموقع العام، وبعدها إطلاق مناقصة وتنفيذ بالتعهد والمتابعة والمراقبة عن طريق قسم المأوى في الفريق.

من جهتها، “غرفة تجارة وصناعة سوريا الحرة” العاملة في إدلب، أطلقت حملة بعنوان “خير التجارة”، موجهة لجميع التجار والصناعيين في الداخل السوري وخارجه، وهدفها بناء شقق سكنية للمتضررين والمنكوبين، وذلك بالتعاون مع “لجنة الاستجابة الطارئة” التي شكّلتها حكومة “الإنقاذ”، بما يضمن وضع المال في مكانه الصحيح، وفق تسجيل مصوّر نشرته “الغرفة“.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة