مهندس البهجة.. فؤاد المهندس في ميزان السياسة والمجتمع
أصدر الكاتب المصري وليد الخشاب كتابه “مهندس البهجة- فؤاد المهندس ولا وعي السينما”، الذي يحاول من خلاله شرح رحلة أحد أبرز صنّاع الكوميديا في العالم العربي.
يسعى الخشاب لتناول فن فؤاد المهندس في المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون من زاوية جديدة، محاولًا تفسير الرابط بين التحولات السياسية والاجتماعية التي مرت بها مصر والبلاد العربية في الخمسينيات والستينيات، والأعمال الفنية الكوميدية التي كان بطلها فؤاد المهندس.
يشرح الكاتب وجهة نظره عبر خمسة فصول، تناول الأول رؤية فؤاد المهندس للفنون، بالتزامن مع وصول حركة “الضباط الأحرار” إلى سدة الحكم في مصر عام 1952، وفي هذا العام كان نجم المهندس يسطع بالفعل في سماء العالم العربي.
يناقش الخشاب في هذا الفصل كيفية تفاعل فؤاد المهندس مع المجتمع والأفكار الجديدة، “بوصفه نجمًا قوميًا”، ومساهمته في رسم ملامح تلك الفترة فنيًا، وإن لم يكن بشكل مباشر، عبر تفاعله مع الشكل الذي ترسمه الدولة للمجتمع.
في الفصل الثاني من الكتاب، الذي جاء بعنوان “الكوميديا ومأساة الازدواج: القرين والفصام”، يشير الخشاب إلى الرابط بين شخصيات قدمها المهندس في أفلامه (شخصية مستر إكس- فيلم عودة أخطر رجل في العالم)، والتأثير على رجال السياسة المصريين، بمن فيهم المشير عبد الحكيم عامر، صديق عبد الناصر وأحد أبرز رجالات عهده.
يرى الكاتب أن هذا التأثير جاء بالأساس من سخرية المهندس من بنية الحكم نفسه الذي تميز بازدواجية شديدة، استخدمها المهندس في أفلامه كمعادل لظروف اجتماعية وسياسية من خلال الشخصيات التي أداها في الأفلام.
وباعتبار أن الفترة الذهبية لفن فؤاد المهندس، المولود في أيلول 1924، جاءت بعد تولي “الضباط الأحرار” حكم مصر، ربط المؤلف وليد الخشاب بين ناصر والمهندس في الفصل الثالث الذي حمل عنوان “فؤاد المهندس لا وعي الناصرية”.
فكما سخر المهندس، ولو بشكل مبطن، في أفلامه من البنية الحاكمة في مصر، وفق الخشاب، جسّد عبر إشارات رمزية الكلام المكبوت في لا وعي الناس، ووجهة نظرهم كذلك عن السياسات التي اتبعها عبد الناصر على الصعيد السياسي.
ويرى الخشاب أن أفلام المهندس في الفترة الناصرية تحمل أهمية للتاريخ الثقافي العربي على عدة مستويات، أحدها أنها تجسيد وتفصيل “لما يرقد في لا وعي المجتمع”.
في الفصلين الرابع والخامس، يشرح الخشاب ما يمثّله فؤاد المهندس من قيمة فنية وثقافية باعتباره مثالًا للكوميديا الوطنية المرافقة لمرحلة التحرير من الإرث الثقافي الاستعماري.
لا يهدف الكتاب الصادر عن دار “المرايا” 2023 إلى مدح المهندس وفنه باعتباره أحد أبرز نجوم الكوميديا في التاريخ العربي، بل لتقديم دراسة نقدية شاملة تربط ما بين الفن والسياسة والمجتمع أيضًا، وخطوة إصدار الكتاب بحد ذاتها لها أهميتها نظرًا إلى قلة الدراسات النقدية الخاصة برموز الفن في العالم العربي وتجاربهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :