الإدارة والعسكرة والخطاب..

ثلاث استراتيجيات اتبعتها “تحرير الشام” لضمان بقائها

القائد العام لـ"هيئة تحرير الشام" صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، "أبو محمد الجولاني" مُدرج ضمن المطلوبين لأمريكا- 2 من كانون الثاني 2023 (أمجاد)

camera iconالقائد العام لـ"هيئة تحرير الشام" صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، "أبو محمد الجولاني" مُدرج ضمن المطلوبين لأمريكا- 2 من كانون الثاني 2023 (أمجاد)

tag icon ع ع ع

نشر مركز “حرمون للدراسات” بحثًا أعده الباحث المتخصص بدراسة الحركات الإسلامية وتحولات “السلفية الجهادية” عزام القصير، أوضح فيه ثلاث استراتيجيات اتبعتها “هيئة تحرير الشام” لضمان بقائها وإدامة سيطرتها شمال غربي سوريا.

وجاء في البحث، أن “تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، تسعى إلى كسب شرعيتها وضمان تدفق مواردها وبقائها وإدامة سيطرتها، عبر اعتماد استراتيجية ثلاثية تجمع بين محاولات تحصيل شرعية محلية، ومقبولية إقليمية ودولية، وبناء قوة عسكرية.

وحمل البحث الصادر اليوم، الأربعاء 21 من حزيران، عنوان “استراتيجيات البقاء لدى (هيئة تحرير الشام): ثلاثية الإدارة والعسكرة والخطاب”.

محليًا.. إدارة اقتصاد وحشد شعبي

جاء في البحث، أن “الهيئة” لديها توجه نحو مزيد من المركزية الإدارية، وهو ما يساعدها في ضبط الساحة المحلية وتوزيع الصلاحيات والامتيازات وشراء الولاءات، لخلق فئة مجتمعية لها مصلحة ببقاء “الهيئة”.

وبسطت “تحرير الشام” نفوذها على معظم القطاعات عبر المظلة السياسية حكومة “الإنقاذ” ومؤسساتها، من سيطرة على حواجز داخلية وحركة المعابر والأسواق والمبادلات التجارية والمنشآت والخدمات العامة للسكان والعقارات والاتصالات، وسيطرت على الاقتصاد المحلي بشكل كامل، وفق البحث.

وبحسب البحث،فإن توجه “الهيئة” نحو مزيد من المركزية الإدارية، يساعدها في ضبط الساحة المحلية وتوزيع الصلاحيات والامتيازات وشراء الولاء، معتبرًا أن المركزية نقطة تمايز لـ”الهيئة” عن حالة الإدارة في مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، ولذلك أهميّة دعائية يمكن لـ”تحرير الشام” توظيفها عند الطلب.

يسعى قادة “الهيئة” عبر خطابهم ونهجهم “البراغماتي” لإقناع مؤيديهم ومناهضيهم معًا، بأن “الهيئة” هي أفضل الخيارات المتاحة، وأنها الوحيدة القادرة عمليًا على ضبط الوضع المحلي وتسيير شؤون السكان، إضافة إلى كونها مرنة ولديها قراءة واقعية للوضع السياسي وممكنات، وفق البحث.

واعتمدت “الهيئة” أسلوب الدمج الخطابي بين المفردات الإسلامية ومصطلحات الثورة السورية، وهذا يهدف بحسب البحث إلى صياغة دعاية إلى الاستهلاك المحلي وخلق قاعدة شعبية بين السكان المحليين.

خارجيًا.. تلطيف وتمرير رسائل

سعت “تحرير الشام” التي يقودها “أبو محمد الجولاني” لتأمين قبول إقليمي ودولي بسلطة الأمر الواقع التي تفرضها شمال غربي سوريا، وسخرت خطابها ومقابلاتها مع صحفيين أجانب لذلك.

جاء في البحث، أن “بروباغندا الهيئة ورسائلها خارجيًا” اتجهت نحو تركيا والدول الغربية، في تحوّل خطابي واضح تضمن تلطيف اللهجة وتبني الدبلوماسية ولغة السياسة الواقعية والمصالح، وذلك لإيصال رسالتين.

أول رسالة، نفي صفة “الإرهاب” والسعي للتملص من “قيود التصنيف”، والثانية تأكيد رغبة “الهيئة” في أن تصبح شريكًا محليًا معترفًا بنفوذه.

ومن ناحية الأدوات، فقد نجحت “الهيئة” حتى الآن في توظيف رغبة الصحفيين الأجانب في الحصول على سبق صحفي لتمرير رسائل إلى الخارج، ولإيصال صورة مصاغة بعناية عن الأوضاع في مناطق سيطرة “الهيئة” وعن تحولاتها، وفق البحث.

أمنيًا وعسكريًا.. قبضة وتحجيم الخصوم

من الناحية الأمنية والعسكرية، تسعى “الهيئة” لإثبات قدرتها على ضبط الأمن في مناطق سيطرتها، عبر توسيع قوة واختصاص جهاز المخابرات المسمى “جهاز الأمن العام”، ونشر “الأمنيين” في كل زوايا المجتمع.

ومن ناحية الاستراتيجية العسكرية، يسعى “الجولاني” لتحجيم حلفاء تركيا الآخرين المتجمعين تحت مظلة “الجيش الوطني”، لإبقاء “الهيئة” الطرف المتماسك الوحيد على جبهة المعارضة المسلحة.

وفي علاقتها المعقدة مع فصائل “الجيش الوطني”، تعتمد “الهيئة” حاليًا خطاب “توحيد الفصائل” مدخلًا لـ”الهيمنة”، فشعارات “نبذ الفرقة” و”وحدة الصف” و”توحيد الفصائل” تطفو للسطح، كلما رغبت جماعة “الجولاني” في التمدد و”ابتلاع” فصائل أخرى.

بحسب البحث، استغلت “الهيئة” وانتهزت الفرص للانتقال والدخول إلى مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، بعد اقتتالات داخلية بين تلك الفصائل، وكذلك زيارة “الجولاني” إلى مدينة جنديرس قرب عفرين بعد الزلزال المدمر.

وتسعى “الهيئة” لمد أذرعها الإدارية إلى تلك المناطق، مستغلة الفوضى وشيوع مناخ عدم الاستقرار، الذي تفاقم في أعقاب كارثة الزلزال، ومع تزايد الشكاوى من قبل السكان الكرد القاطنين في مناطق جنديرس وعفرين، من جراء ممارسات بعض فصائل “الجيش الوطني”، وفق البحث.

اختتم الباحث عزام القصير بحثه، بعدة استنتاجات منها، أنه في حال لم تفِ “الهيئة” بالمطالب المحلية فلن تستطيع البقاء وستفقد عنصر القبول المحلي.

وذكر أن الشرعنة الخطابية الأيديولوجية غير كافية على المدى الطويل، فمع تراجع وتيرة المعارك والمواجهات العسكرية ومع تقدم الزمن، تُستنفذ القدرة على الحشد الأيديولوجي والهوياتي.

وانتهى البحث بأن “الجولاني” ورجاله يسعون لإثبات مرونة “الهيئة” وجدية تحولاتها، وافتراقها عن خط النشاط “الإرهابي المعولم”، رغبة في إطهار قدرة تنظيمهم على أن يكون حليفًا محليًا يحتاج إليه المجتمع الدولي لمحاربة شركاء “الجولاني” السابقين “إرهابيي ومتطرفي اليوم”.

اقرأ أيضًا: التحولات وانتهاك الحريات الدينية.. الخطاب الجديد لا يشفع لـ”تحرير الشام”




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة