تعا تفرج

بشار الأسد وعاصفة البيداء

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

مر شهر أيار، وثلثا شهر حزيران، والإنسان السوري يمشي ويتلفت مضطربًا، مثل من يعبر حارة فيها مشاجرة جماعية، لا يدري من أين يأتيه الضرب، بمشروع، أو مبادرة، أو فكرة لتسوية القضية السورية، وفي كل يوم ينام، وبمجرد ما يستيقظ يفتح جَوّاله، ويبدأ بالبحث عن خبر يحكي عن وضع أحد تلك المشاريع في موضع التنفيذ، فلا يجد شيئًا غير الحكي!

ولاويل بعض الثوار، والمعارضين، صارت تُسمع من شرقي أماكن إقاماتهم، لأن الهواء عندهم، غالبًا، غربي، يأخذ الأصوات، وبالأخص المنكرة، إلى الشرق. السبب أن جامعة الدول العربية، التي لم يكن أولئك الثوار والمعارضون في السابق يشترونها بنكلة، دعت بشار الأسد لحضور مؤتمر القمة العربية في جدة، وبدأ الحديث يأتي، في سياق الولاويل الثورية، عن التآمر العربي، والتخاذل العربي، والعرق الدساس المذكور في الدفاتر العتيقة، الذي ينص على أن أم الرئيس الفلاني مجوسية، وأم الملك العلاني يهودية، وأن هؤلاء أعداؤنا التاريخيون، والمثل يقول: عدو جدك لا يودك.

في خضم تلك الزحمة من المبادرات، والأخبار، والتصريحات، قال البعض إن فلانًا سيأتي رئيسًا لسوريا، قريبًا، بتوافق دولي، وعارضهم آخرون قائلين إنه لن يكون هناك رَئيس ولا مَئيس، بل مجلس عسكري، بقيادة اللواء مناف طلاس، يقوم بالسيطرة على الأمور، وضبط الأمن، وبعدها يقول للإخوة السياسيين المدنيين: تفضلوا استلموا السلطة، وأقيموا حكمًا ديمقراطيًا (غير مسبوق على حد تعبير وليد المعلم)، وأما نحن العسكريون، فاسمحوا لنا أن نعود إلى ثكناتنا، ونعدكم بألا نشتغل بالسياسة بعد اليوم! ويقول فريق ثالث إن ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، معه ضوء أخضر أمريكي بأن يستجر بشار الأسد إلى الجامعة العربية، ويأخذه ويأتي به، عدة مرات، حتى يوقعه في فخ تطبيق القرار الدولي “2254”، الذي يعني أن يسلم السلطة لهيئة الحكم الانتقالية، ويضب كلاكيشه، ويغادر إلى أي دولة يختارها، وهناك من ينوع على الفكرة، فيحدد ذهاب الأسد، مع كلاكيشه، إلى روسيا، أو الأفضل إلى كوبا، لأن روسيا الآن غرقانة بالحرب الخاطفة التي شنتها على أوكرانيا، وكان مقررًا لها أن تُحسم في أسابيع، وهي الآن على أبواب سنتها الثالثة! وقال صاحب هذا الرأي إن الأشقاء العرب، في حال تهرب الأسد من تطبيق القرار، سيشكلون “عاصفة البيداء”، ويشنون عليه حربًا ساحقة ماحقة، لا يمكنه بعدها حتى الهرب بكلاكيشه، لأنه قد يُقتل ضمن العاصفة.

المعركة الثالثة، دارت على أطراف المعارك الرئيسة الدائرة في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي، بين فريق صغير من السوريين، يدعو الناس للتعقل، وعدم شراء الأوهام، وبين شبيحة تلك المشاريع الخنفشارية، فواحد يقول لك: أنت ما قصتك؟ هل تريد أن يبقى أهلنا في الخيام ودول اللجوء؟ ويقول ثانٍ إن اللواء طلاس عنده قاعدة شعبية كبيرة في سوريا! ويظهر ثالث في فيديو على “تيك توك” يهاجم فيه المشككين بفكرة المجلس العسكري، قائلًا: يا أخي أنتم ليش ما تفهمون؟ طيب إذا استلمنا الحكم، كيف سنحارب فلول النظام المجرم؟ بنكاشات الأذنين؟ أم بالحكي؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة